مختصر دليل الحاج والمعتمر
==============
الحمد للّه وكفى، والصلاة والسلام على من اصطفى، لا سيما نبينا المصطفى، وعلى ءاله وصحبه أولي الوفا، وعلى من بآثارهم اقتفى، وبعد:
==============
الحمد للّه وكفى، والصلاة والسلام على من اصطفى، لا سيما نبينا المصطفى، وعلى ءاله وصحبه أولي الوفا، وعلى من بآثارهم اقتفى، وبعد:
إن معرفة أحكام الحج والعمرة وتعلمها من المهمات الضرورية الواجبة على م
ن يريد أداء الحج والعمرة، لأن الجهل لا ينقذ صاحبه، فكثيراً ما يقع الجاهل في محرمات الإحرام وهو لا يدري أو يجعل الركن سنةً أو السنة ركناً، ولا يخفى ما في هذا من إضاعة ثوابٍ واقتراف ءاثام، لذلك سنقوم بإذنه تعالى بنشر حلقات في بيان أحكام الحج والعمرة على مذهب الإمام الشافعي وجملة من عقيدة المسلمين وفصل في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به. قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا" (سورة ءال عمران/97).
ن يريد أداء الحج والعمرة، لأن الجهل لا ينقذ صاحبه، فكثيراً ما يقع الجاهل في محرمات الإحرام وهو لا يدري أو يجعل الركن سنةً أو السنة ركناً، ولا يخفى ما في هذا من إضاعة ثوابٍ واقتراف ءاثام، لذلك سنقوم بإذنه تعالى بنشر حلقات في بيان أحكام الحج والعمرة على مذهب الإمام الشافعي وجملة من عقيدة المسلمين وفصل في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به. قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا" (سورة ءال عمران/97).
إن الله تعالى قد افترض علينا فريضة الحج المباركة، فهي واجبة على الحر المسلم المستطيع، وقد جعل الله تعالى للحج مزِيّة ليست للصلاة ولا للصيام ولا للزكاة وهي أنه يُكفّر الكبائر والصغائر لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حجّ فلم يرفُث ولم يفسُق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه"، رواه البخاري، بخلاف الصلوات الخمس والزكاة والصيام فإنها لا تُكفّر الكبائر ومع ذلك الصلوات الخمس مرتبتها في الدين أعلى من مرتبة الحج، فإن قيل كيف يكون ذلك؟ فالجواب: أنّ المزيّة لا تقتضي التفضيل، أي أن الحج وإن كان يُكفّر الكبائر والصغائر بخلاف الصلوات الخمس والصيام والزكاة فليس ذلك دليلاً على أن الحج أفضل من الصلوات الخمس. .
ثم الشرط في كون الحج يُكفّر الكبائر والصغائر ويجعل الإنسان كيوم ولدته أمّه أن تكون نيته خالصةً لله تعالى، وأن يكون المال الذي يتزوّده لحجّه حلالاً، وأن يحفظ نفسه من الفسوق أي من كبائر الذنوب والجماع، فأمّا من لم يكن بهذه الصفة فلا يجعله حجّه كيوم ولدته أمّه، هذا بعض ما يحتويه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حجّ فلم يرفُث ولم يفسُق"، ولا يُقال للذي تحصل منه الصغائر وهو في الحج: فسدَ حجُّك، إنما يُنهى عن المعصية ويؤمر بالتوبة. .
ومما يدُلّ على فضل الحج أنه جمع أنواع رياضة النفس، أي تهذيبها: ففيه إنفاق مال وفيه جَهد نفس بنحو الجوع والعطش والسهر واقتحام مهالك وفراق وطن وأهل وأصحاب.
وقد قال الإمام الجليل عبد الله الحداد الحضرمي الملقّب في ناحيتهم بالفقيه المقدَّم: "إن من تَكلّف الحج شوقاً إلى بيت الله وحِرصاً على إقامة الفريضة إيمانه أكمل، وثوابه أعظم وأجزل، لكن بشرط ألا يُضيّع بسببه شيئاً من الفرائض، وإلا كان ءاثماً واقعاً في الحرج كمن بنى قصراً وهدم مِصرا".
ويُشترط شرطٌ مهم من أجل قبول الحج، بل ومن أجل قبول الأعمال الصالحة جميعها، ألا وهو الإيمان، لأن الإيمان شرط أساسي لقبول الأعمال الصالحة، قال الله تعالى: "وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" (سورة النساء/124).
والله سبحانه وتعالى اشترط صحة الإيمان لقبول الأعمال الصالحة ولدخول الجنة، فلذلك كان ينبغي على المسلم أن يتعلّم الأمور التي تتعلق بصحة الإيمان كاعتقاد ما يجب لله تعالى وما يستحيل عليه، وتبرئة الأنبياء عما لا يليق بهم وغير ذلك من الأمور الواجبة لقوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، رواه البيهقي.
وسنختم هذه الحلقات بإذنه تعالى بذكر جملة من عقيدة المسلمين لتكون مسك الختام.
3- الحج أركانه وواجباته وسننه ومحرماته
إعلم أخي المسلم أن للحج أركاناً وواجباتٍ وسنناً:
1-) الركن: لا يصح الحج بدونه ولا يُجبر بالدم. (أي بالذبح).
2-) الواجب: يصح الحج بدونه مع المعصية ويُجبر بالدم.
3-) السنة: يصح الحج بدونها بغير معصية ولكن يفوت ثوابها.
أشهُر الحج: هي شوال وذو القعدة وذو الحجة وهي الميقات الزماني للإحرام فلا تصح نية الحج إلا بعد دخول أشهره.
شرائط وجوب الحج: وهي: الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة، فمن تحقّقت فيه هذه الشروط صار الحج في حقه فرضاً.
كيفية أداء مناسك الحج (على مذهب الإمام الشافعي):
الأحرام
وهو ركن: على من أراد الحج أن يُحرم من بلده أو بعدها ولكن قبل مجاوزة الميقات، والإحرام ركنٌ من أركان الحج وهو نية الدخول في النُّسُك. والميقات هو المكان الذي لايجوز للحاج مجاوزته قبل الأحرام و ميقات أهل الشام ومن يمر بطريقهم مِنَ الذين يتوجّهون إلى مكة مِنْ غير المرور بالمدينة: الجُحْفَة (رابغ). و ميقات أهل الشام ومن يمر بطريقهم مِنَ الذين يتوجّهون إلى مكة عبر المدينة: ذو الحُلَيفة ويُسمى الآن ءابار عليّ وفيها اليوم مسجد كبير. أما الذي يسافر من بلاد الشام بالطائرةِ فيُحرِم من بلده أو في الطائرةِ قبل مجاوزة الميقات.
أنواع الإحرام:
الإفراد: وهو أن ينوي الحجّ فقط قائلاً: "دخلت في عمل الحجّ وأحرمت به لله تعالى"، فيعمل مناسك الحج ويتحلّل منه ثم يعمل العمرة وهذا النوع ليس فيه ذبح.
2-) التمتُّع: وهو أن يعمل العمرة في أشهر الحج قائلاً: "دخلت في عمل العمرة وأحرمت بها لله تعالى"، وبعد تحللّه منها يُحرم للحج ويعمله من غير رجوع إلى ميقات من المواقيت، وفي هذه الحالة يجب عليه دمٌ أي ذبحٌ.
3-) القِران: وهو أن ينوي الحج والعمرة معاً قائلاً: "نويت الحج والعمرة وأحرمت بهما لله تعالى" ويأتي بهما معاً، يطوف طوافاً واحداً ويسعى سعياً واحداً للحج والعمرة، وفي هذه الحالة يجب عليه دمٌ أي ذبحٌ.
ملاحظة: الإفراد أفضل في مذهب الإمام الشافعي.
على من أراد الإحرام: أن يتجرّد عن كل الملبوس الذي يحرُم لبسه للمحرم وهو المُحيط بخياطة حتى اللباس الداخلي، ويغتسل غُسل الإحرام وهذا سُنّة، ويُسن له كذلك التطيب في البدن دون الثوب وذلك قبل الإحرام، ويلبس الرجل إزاراً ورداءً والأفضل أن يكونا أبيضين جديدين أو نظيفين، وتلبس المرأة ما يستُر جسدها مع كشف الوجه والكفين ولو كان مَخيطاً.
ويُسنّ له أن يُصلي ركعتين يقرأ فيهما سورتي الكافرون والإخلاص، ثم يستقبل القبلة ويقول في نفسه: "دخلت في عمل الحج"، فيكون بذلك قد أحرم أي دخل في النُّسُك، ثم يقول بلسانه: "لبّيك اللهمّ بحج"، ويُسنّ للرجل أن يجهر بالتلبية وللمرأة أن تخفض صوتها قائلين: "لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
ويُستحبّ أن يُصلّيَ على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التلبية، ويسأل الله رضوانه والجنة، ويستعيذ بالله من النار، ثم يدعو بما أحبّ لنفسه ولمن أحب، ويُستحب الإكثار من التلبية، ويُسنّ للحاجّ إذا رأى ما يُعجبه أو يكرهه أن يقول: "لبّيك إن العيشَ عيشُ الآخرة".
5- دخول مكة فإذا بلغ مكة اغتسل بذي طُوى، ويُسنّ دخول مكّة قبل عرفة من كَداء، ثم إذا بلغ الحرم يُستحبّ أن يقول: "اللهمّ هذا حرَمك وأمنك فحرِّمني على النار وءامنِّي عذابك يوم تَبعث عبادَك واجعلني مِنْ أوليائك وأهل طاعتِك".
وينبغي أن يتحفَّظَ في دخوله من إيذاء الناس في الزحمة ويتلطّف بمن يُزاحمه، ويلحَظ بقلبه جلالة البُقعة التي هو فيها والتي هو متوجه إليها ويُمهّد عُذراً لمن يزاحمه.
ويُستحبُّ إذا وقع بصره على البيت العتيق أن يرفع يديه ويقول: “اللهمّ زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً وزد مَن شرَّفه وعظَّمه ممن حجّه أو اعتمرَه تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبِرّاً”، ويضيف إليه “اللهمّ أنت السلام ومنك السلام فحيّنا ربّنا بالسلام”، ويدعو بما أحبّ من مهمّات الآخرة والدنيا، وأهمّها سؤال المغفرة لأنه ورد أنه يُستجاب دعاء المسلم عند رؤية الكعبة.
والدخول من باب بني شيبة مُستحب لكل قادم من أي جهة كان بلا خلاف، ويدخل المسجد برجله اليمنى ويقول: "أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم بسم الله والحمد لله، اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى ءاله وسلّم، اللهمّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك".
6- طواف القدوم وهو سنةٌ من سُنن الحج بَدَل تحية المسجد، فيستحب للحاج أن لا يُعرّج ساعة دخوله على استئجار بيت أو حط قماش ولا شىء ءاخر قبل الطواف، ويقف بعض الرفقة عند المتاع حتى يطوفوا ثم يرجعوا إلى متاعهم وإلى استئجار المنزل.
كيفية الطواف:
إذا دخل المسجد فليقصد الحجر الأسود، ويُستحبّ أن يستقبل الحجر الأسود بوجهه ويدنو منه بشرط أن لا يؤذي أحداً بالمزاحمة فيستلمه ثم يُقبّله، ويضع جبهته عليه ويكرر ذلك ثلاثاً مع التقبيل.
ويُشترط للطواف الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس ومن الحدث الأصغر ومن النجاسة التي لا يُعفى عنها في الثوب، ويشترط أيضاً ستر العورة.
ثم يبتدىء الطواف ويقطع التلبية في الطواف ويُستحبُّ أن يقول عند ابتدائه: “بسم الله، الله أكبر اللهمّ إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتّباعاً لسنّة نبيّك محمد صلى الله عليه وسلم".
والطواف بالبيت سبع مرات، يبدأ الحاج بالحجر الأسود وتكون الكعبة عن يسار الطائف بجميع طوافه، فلو تَحَوَّل صدره بحيث صارت الكعبة مواجِهةً له أو خلفه بسبب الزحمة وَجَبَ عليه أن يعود إلى المكان الذي تحوّل صدره عنه ويُتمّ طوافه، وإن لم يستطِع الرجوع أتى بشوط بدله، ولو تلفّت برأسه لم يَضُر، ولو شكّ في العدد أخذ بالأقل كالصلاة.
ويُستحبّ أن يضطبع مع دخوله في الطواف فإن اضطبع قبله بقليل فلا بأس، والاضطباع هو تغطية الكتف الأيسر وكشف الأيمن، ويُستحب له أيضاً الرّمَل وهو الإسراع في المشي مع تقارُب الخُطا دون الوُثوب والعَدْوِ ويُقال له الخَبَب ويقول فيه: “اللهمّ اجعله حجّاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً”، والرَّمَل مُستحبٌّ في الطوفات الثلاث الأولى ويُسن المشي على الهيْنة في الأربع الأخيرة ويقول فيها: “اللهمّ اغفِر وارحمْ واعْفُ عمّا تعلمْ وأنت الأعزُّ الأكرمْ، اللهمّ ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار".
ويُستحبّ كذلك استلام الحجر الأسود وتقبيله واستلام اليماني وتقبيل اليد بعده عند محاذاتهما في كل طَوْفة وهو في الأوتار ءاكد لأنهما أفضل، فإن منعته الزحمة من التقبيل اقتصر على الاستلام، فإن لم يُمكنه أَشارَ بيده أو بشىء في يده ثم يُقبّل ما أشار به ولا يشير بالفم إلى التقبيل، ولا يُستحب للنساء استلامٌ ولا تقبيلٌ إلا عند خُلُو المطاف.
ويُستحبّ أن يُكثر في طوافه بين الحجر الأسود إلى أن يصل إلى الركن اليماني من قول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر". فإذا فرغ من الطواف صلّى ركعتي الطواف وهما سنة مؤكدة، والسنة أن يصليهما خلف المقام، فإن لم يصلهما خلف المقام لزحمةٍ أو غيرها صلاهما في الحِجر، فإن لم يفعل ففي المسجد، وإلا ففي الحرَم، وإلا فخارج الحرم، ولا يتعيّن لهما مكان أو زمان بل يجوز أن يُصليهما بعد رجوعه إلى وطنه. الخروج إلى مِنى 8 ذو الحجّة: وهو سنة: والسُّنة أن يخرُج إلى مِنى يوم الثامن من ذي الحِجّة، فيبيت فيها ويُصلي فيها خمس صلوات ءاخرها صُبح يوم عَرفة (9 ذو الحجّة)، ثم يذهب بعد إشراق شمس ذلك اليوم إلى نَمِرة وهي ملاصقة لعرفة، ويغتسل فيها ويمكث فيها إلى أن تزول الشمس، ثم ينتقل من نَمِرة إلى المسجد الذي هو جزءٌ منه مِن عرفة وجزءٌ منه ليس منها، ويصلي فيه الظهر والعصر جمع تقديم، فلا يدخل عرفات إلا بعد الزوال والصلاتين.
الوقوف بعرفة (9 ذو الحجّة): وهو ركن:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، رواه أحمد وأصحاب السنن، فالوقوف في عرفة ركنٌ من أركان الحجّ.
يتوجّه الحُجّاج إلى عرفة وهو جبل معروف هناك، واستحسن بعض العلماء أن يقول في مسيره لعرفة: "اللَّهمّ إليك توجّهت ولوجهك الكريم أردتُ، فاجعل ذنبي مغفوراً وحجي مبروراً وارحمني ولا تُخيّبني إنك على كل شىء قدير"، ويُكثر من التلبية.
ووقت الوقوف بعرفة من زوال يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الأضحى، ويحصل الفرض بالوقوف ولو لحظة في ذلك الوقت، والأفضل أن يجمع بين الليل والنهار فيدخل بعد الزوال وبعد أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ولا يخرج منها قبل المغرب، والأفضل للرجال أن يقفوا في موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات الكبار المُفترِشة أسفل جبل الرحمة، وللنساء حاشية الموقف حتى لا يُزاحمنَ الرجال.
والأفضل أن يكون مُستقبلاً للقبلة مُتطهراً ساتراً عورته، فلو وقف مُحدِثاً أو جُنُباً أو حائضاً أو عليه نجاسة أو مكشوف العورة صحّ وقوفه ولكن فاتته الفضيلة.
ويُستحبّ أن يكون مُفطراً فلا يصوم وأن يكون حاضر القلب فارغاً من الأمور الشاغلة عن الدعاء، وينبغي أن يُقدم قضاء أشغاله قبل الزوال ويتفرغ بظاهره وباطنه عن جميع العلائق.
ويُستحبّ أن يُكثر من الدعاء والتهليل وقراءة القرءان فهذه وظيفة هذا الموضع المبارك ولا يُقصّر في ذلك، ويُكثر الذكر والدعاء قائماً وقاعداً ويرفع يديه في الدعاء ولا يجاوز بهما رأسه، ولا يتكلف السجع في الدعاء، ويُستحب أن يخفض صوته بالدعاء، ويُكره الإفراط في رفع الصوت، وينبغي أن يُكثر من التضرّع فيه والخشوع فيه وإظهار الضعف والافتقار والذلة، ويُلحّ في الدعاء ولا يستبطىء الإجابة بل يكون قوي الرجاء للإجابة، ويكرر كل دعاء ثلاثاً، ويفتتح دعاءه بالتحميد والتمجيد لله تعالى والتسبيح والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه بمثل ذلك، وليختم دعاءه بآمين.
ويُستحب أن يُكثر من التلبية رافعاً بها صوته، وينبغي أن يأتي بهذه الأنواع كلها فتارة يدعو وتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يلبّي وتارة يُصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يستغفر.
وليدعُ لنفسه ووالديه وأقاربه وشيوخه وأصحابه وأحبابه وأصدقائه وسائر من أحسن إليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك فإن هذا اليوم لا يمكن تَداركه بخلاف غيره، وليكثر من البكاء مع الذكر والدعاء فهناك تُسكب العبرات وتُستقال العثرات وتُرجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خِيار عباد الله المخلصين وخواصّه المقربين وهو أعظم مجامع الدنيا، وقيل: إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غُفر لكل أهل الموقف.
ومن الأدعية المختارة: "اللهم ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك تُصلح بها شأني في الدارين، وارحمني رحمةً منك أَسعَدُ بها في الدارين، وتُبْ عليَّ توبةً نصوحا لا أنكثها أبداً، وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغُ عنها أبداً، اللهم انقلني من ذلّ المعصية إلى عزّ الطاعة، وأغنني بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلِك عمن سواك، ونوّر قلبي وقبري وأعذني من الشرّ كلّه واجمع لي الخير كله، أستودعك ديني وأمانتي وقلبي وبدني وخواتيمَ عملي وجميع ما أنعمتَ به عليّ وعلى جميع أحبّائي والمسلمين جميعاً".
ولتحذر أخي المسلم من المخاصمة والمشاتمة والمنافرة والكلام القبيح، واحترز غاية الاحتراز من احتقار من تراه رثّ الهيئة أو مقصّراً في شىء غير واجب.
تنبيه: ما اشتُهِر عند العوام من الاعتناء بالوقوف على جبل الرحمة الذي بوسط عرفات وترجيحهم له على غيره من أرض عرفات حتى ربما توهّم كثيرٌ من جهلتهم أنه لا يصِح الوقوف إلا به فخطأ مخالف للسنة.
9- المبيت بمزدلفة المبيت بمزدلفة: وهو سنة على قول في المذهب الشافعي، واجب على قول ءاخر:
ثم يرحل الحاج من عرفات إلى مُزدلفة (وهي أرض ما بين مِنى وعرفات) مُلبّياً، فإذا وصل مزدلفة باتَ، ويُستحبّ أن يغتسل في مُزدلفة بالليل للوقوف بالمشعر الحرام وللعيد، والمشعر الحرام هو قُزَح، جبلٌ صغير ءاخر المزدلفة.
وليعتنِ الحاضر بها بإحيائها بالعبادة من الصلاة والتلاوة والذكر والدعاء والتضرّع ويتأهب بعد نصف الليل.
ي الجمار التقاط الجمار:
ويأخذ من المزدلفة حصى الجِمار لجمرة العقبة يوم النحر (ويوم النحر هو العاشر من ذي الحجة)، وهي سبع حصيات والاحتياط أن يزيد فربما سقط منها شىء. ومن أراد المبيت بمنى ليلة الثالث من أيام التشريق (ثالث أيام التشريق هو الثالث عشر من ذي الحجة) يلتقط ثلاثةً وستين حصاةً من مزدلفة، ومن أراد الخروج من مِنى قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق (الثاني عشر من ذي الحجة) يلتقط اثنتين وأربعين حصاةً، ويكون الحصى صغاراً نحو حبة الباقلاء. فإذا وصل الحاج المشعر الحرام صعده إن أمكنه وإلا وقف عنده أو تحته، ويقف مستقبلاً الكعبة فيدعو ويحمد الله تعالى ويكبره ويهلله ويوحّده ويكثر من التلبية. ويُستحب أن يقول: "اللهم كما أوقفتنا فيه وأريْتنا إيّاه فوفّقنا لذِكرك كما هديْتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتّنا بقولك وقولك الحق: "فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (البقرة/198-199)، ويُكثر من قول: "اللهمّ ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار"، ويدعوا بما أحبّ ويختار الدعوات الجامعة وبالأمور المهمة ويكرر دعواته.
رمي الجمار (10-13 ذو الحجة) : وهو واجب: والجمار ثلاث:
1-) جمرة العقبة: وتسمى الجمرة الكبرى، وهي التي تكون أقرب الجمرات الثلاث إلى مكة.
2-) الجمرة الثانية: وتسمى الجمرة الوُسطى، وهي ما بين الجمرة الأولى وجمرة العقبة.
3-) الجمرة الأولى: وتُسمى الصغرى وهي تلي مسجد الخَيْف وهي أولهنّ من جهة عرفات.
ويدخل وقت رمي جمرة العقبة بمنتصف ليلة العيد ويبقى إلى غروب الشمس من ءاخر أيام التشريق. يخرج الحاج من مزدلفة فجر يوم العيد إلى مِنى لرمي جمرة العقبة والسنة أن يرميها بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح، ويكرر الحاج رمي جمرة العقبة والوُسطى والصغرى بعد الزوال من كل يوم من أيام التشريق الثلاثة.
كيفية الرمي:
ويُشترط لصحة الرمي:
1-) كَوْن المَرمِيّ به حجراً.
2-) وأن يُكون رمياً فلا يكفي الوضع.
3-) وأن يرميها حصاةً حصاةً بيده في الحوض المخصّص لها.
ويُسن أن يرفع يده في رميها حتى يُرى بياض إبطه، ولا ترفع المرأة، وأن يقطع التلبية بأول حصاةٍ يرميها ويُكبّر بدل التلبية، والمشروع أن يقول: "الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بُكرةً وأصيلا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يُحيي ويُميت وهو على كل شىء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياهُ مُخلصين له الدين ولو كرِه الكافرون، لا إله إلا الله وحده صَدَقَ وعده ونَصَرَ عبده وهزمَ الأحزاب وحده، لا إله إلا الله والله أكبر".
11- الهَدْيُ:
ينحر الحاج المتمتّع أو القارِن الهديَ في مِنى بعد الرمي يوم العيد.
12- الحلق أو التقصير: وهو ركن:
يبدأ وقت الحلق أو التقصير من النصف الثاني من ليلة العيد، وقبل ذلك حرام أن يزيل الحاج والحاجّة شعرة واحدة من بدنهما. وأقل واجب الحلق ثلاث شعرات حلقاً أو تقصيراً من شعر الرأس، ومن لا شعر على رأسه يُستحب أن يُمِرّ الموسَى عليه. والحلق للرجل أفضل من التقصير بالمقص لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللَّهمّ اغفر للمُحلّقين، قالوا: والمُقصّرين يا رسول الله، قال: اللَّهمّ اغفر للمُحلّقين، قالوا: والمُقصّرين يا رسول الله، ثم قال: وللمُقصّرين”، رواه البخاري. والسنة أن يكون الحلق أو التقصير يوم النحر، والأفضل بعد طلوع الشمس وقبل طواف الركن والسعي، ويُسنّ حلق جميعه للذكر، وأما المرأة فتُقصّر، ويُستحبّ جميع جوانب رأسها.
13- طواف الإفاضة طواف الإفاضة: وهو ركن: ولا يصحّ طواف الإفاضة إلا بعد نصف ليلة العيد، ويصحّ قبل رمي جمرة العقبة أو بعده وقبل الحلق أو بعده، والأحسن أن يكون بعد الرمي والحلق أو التقصير، وفي كيفيته فليراجع ما قلناه في طواف القدوم.
التحلّل الأول:
إذا فعل الحاجّ اثنين من ثلاثة يكون قد تحلّلَ التحلّل الأول وهذه الثلاثة هي: رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير وطواف الفرض.
14- السعي بين الصفا والمروة: وهو ركن:
لا يصحّ السعي إلا بعد طواف، فمن شاء سعى بنية الفرض بعد طواف القدوم، وله أن يؤخره بعد أن يطوف طواف الإفاضة.
كيفية السعي:
السنة أن يخرج من باب الصفا ويأتي سفح جبل الصفا فيصعد قدر قامة حتى يرى البيت وهو يتراءى له من باب المسجد باب الصفا، لا من فوق جدار المسجد بخلاف المروة، فإذا صعد استقبل الكعبة وهلّل وكبّر ويقول: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أَوْلانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شىء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مُخلصين له الدين ولو كرِه الكافرون". ثم يدعو بما أحب من أمر الدين والدنيا، وحسنٌ أن يقول: “اللَّهمّ إنك قلت وقولك الحق:
"ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"، وإنك لا تُخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزِعه مني وأن تتوفاني مسلماً”، ثمّ يضمّ إليهِ ما شاء من الدعاء ولا يُلبي، ويقول أثناء سعيه: "ربّ اغفِر وارحمْ وتجاوز عمّا تعلمْ إنك أنت الأعزُّ الأكرمْ". ثم ينزل من الصفا متوجهاً إلى المروة فيمشي حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلّق بفناء المسجد على يساره قدر ستة أذرعٍ، ثم يسعى سعياً شديداً حتى يتوسّط بين الميلين الأخضرين اللذَيْن أحدهما في ركن المسجد والآخر متّصل بدار العباس رضي الله عنه، ثم يترك شِدة السعي ويمشي على عادته حتى يصل المروة فيصعد عليها حتى يظهر له البيت فإن ظهر فيأتي بالذكر والدعاء كما فعل على الصفا، فهذه مرة من سعيه، ثم يعود من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه في مجيئه ويسعى في موضع سعيه فإذا وصل الصفا صعده وفعل كما فعل أولاً وهذه مرة ثانية من سعيه، ثم يعود إلى المروة فيفعل كما فعل أولاً ثم يعود إلى الصفا وهكذا حتى يُكمل سبع مرات، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة.
ويستحب أن يسعى على طهارة ساتراً عورته فلو سعى مكشوف العورة أو مُحدِثاً أو جنباً أو حائضاً أو عليه نجاسةٌ صحّ سعيه. ويُستحبّ أن يكون في موضع السعي الذي سبق بيانه سعياً شديداً فوق الرَّمَلِ إن ترك ذلك فاتته الفضيلة، وأما المرأة فالأصح أنها لا تسعى أصلاً بل تمشي على هَيْنتِها بكل حال، وإذا كَثُرت الزحمة فينبغي أن يتحفَّظ من إيذاء الناس، وإذا عجز عن السعي الشديد في موضعه للزحمة تشبّه في حركته بالساعي. 15- مبيت منى ورمي الجمرات
مبيت مِنى ورمي الجمرات أيام التشريق: وهو واجب:
ثم يذهب الحاج إلى مِنى ليلة أول يوم من أيام التشريق(11 ذو الحجة) ويبيت فيها وبعد دخول الظهر من أول أيام التشريق يرمي الجمرات الثلاث، ويُشترط فيه أن يكون بعد دخول وقت صلاة الظهر وترتيب الجمرات، فيبدأ بالجمرة الصغرى فيرميها بسبع حصيات ثم يرمي الوسطى بسبعٍ ثم يختم بجمرة العقبة التي رماها الحاج يوم العيد فيرميها بسبعٍ. وفي الثاني من أيام التشريق يفعل مثل ما فعل في اليوم الأول. ثم إذا غَرُبت عليه شمس ثاني أيام التشريق وهو بمِنى وجب عليه رمي اليوم الثالث، ويرمي كاليوم الأول والثاني. ومن أراد أن يرمي اليوم الأول والثاني من أيام التشريق فقط عليه أن يخرج من مِنى قبل غروب شمس اليوم الثاني ويُسمى هذا النفر الأول. ومن خاف على نفسه من الزحمة فله أن يُؤخر كل الرمي إلى اليوم الثالث من أيام التشريق إن شاء، ويُستحب للحاج أن يغتسل للرمي.
تنبيهان:
1-) ليس للحاج أن يُوكّل بالرمي غيره إلا إذا كان عاجزاً عن الرمي بنفسه، فمن يضع الجمرات في كيس ويرمي عن جماعة قادرين على الرمي لم يصح.
2-) أُمِرنا نحن معاشر أمة محمد بهذا الرمي إحياءً لسنة إبراهيم عليه السلام وفي ذلك رمزٌ لمشروعية مخالفة الشيطان وإهانته وليست هذه الأماكن مسكناً للشيطان كما يزعم بعض الناس.
16- طواف الوداع: وهو واجب على قول وسنة على قول ءاخر:
ثم بعد إنهاء الحاج والمعتمر من مناسكه يجب على قول في مذهب الإمام الشافعي أن يطوف طواف الوداع، وفي كيفيته فليراجع ما قلناه في طواف القدوم. ويُسن أن يقول الحاج في رجوعه من سفر الحج: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير، ءايبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده".
17- أعمال العمرة: وهي فرض مرة في العمر عند الإمام الشافعي:
العمرة فرض عند الإمام الشافعي مرة واحدة في العمر ولكن يُستحب الإكثار منها ولا سيّما في رمضان، فمن أنهى الحج وأراد أن يعتمر يخرج إلى خارج الحرم كمنطقة التنعيم حيث مسجد السيدة عائشة وينوي العمرة بقلبه، فيقول: "نويت العمرة وأحرمت بها لله تعالى”، ثم يدخل مكة فيطوف سبعاً ويسعى بعده سبعاً ثم يحلق الرجل أو يُقصّر والمرأة تُقصّر والترتيب هنا في جميع أركان العمرة واجب، أي يبتدىء بالإحرام ثم الطواف ثم السعي ثم التحليق، وبهذا تنتهي أعمال العمرة.
محرمّات الإحرام:
1-) يحرُم على المُحرم ستر رأسه ولُبس محيط كالسروال والقميص.
2-) يحرُم على المُحرمة سَتر وجهها ولُبس قفاز.
3-) يحرُم على المُحرم والمُحرمة بعد الإحرام التطيُّب في ملبوس أو بدن.
4-) يحرُم دهن الرأس أو اللحية بالزيت أو غيره من الأدهان ولو غير مُطيَّب.
5-) ويحرُم عليهما قصّ ظفرٍ وإزالة شعر من الرأس وغيره.
6-) ويحرُم عليهما جِماع ومُقدماته.
7-) ويحرُم عقد نكاح ولا يَصِح.
ويحرُم الاصطياد أي التعرُّض لصيد مأكولٍ بريّ وحشيّ سواء كان طيراً أو غيره.
9-) ويحرُم صيد الحرمين (الحرم المكي والمدني (وقطع نباتهما على محرِم وغير المحرِم.
فمن فعل شيئاً من المحرّمات فعليه الإثم والفدية إلا عقد النكاح، أما من عمل عقد النكاح فعليه معصية من غير فدية. والفدية في الطيب والدهن ولبس المحيط بخياطة للرجل وإزالة الشعر والظفر ومقدمات الجماع (قبل التحلُّل الأول) ذبح شاة أو التصدق بثلاثة ءاصع (جمْعُ صاع وهو أربعة أمداد والمُدّ مِلء الكفين المُعتدلتين) من غالب قوت البلد لستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام، ويُسمى هذا دم تخيير وتقدير. وأما فدية الصيد فإن كان هذا الصيد له مِثل من الأنعام الثلاثة (الإبل والبقر والغنم) فعليه ذلك المِثل، مع تخييره بين ذبحه وتوزيعه لفقراء الحرم وبين إعطائهم طعاماً بقيمته أو صومه عن كل مُدّ يوماً، ويُسمى ذلك دم تخيير وتعديل لأن فيه اعتبار القيمة. والجماع قبل التحلّل الأول يُفسد الحج وتلزمه الكفارة، ويلزم إتمامه والقضاء فوراً (أي في السنة القابلة) هذا إن كان عامداً غير ناسٍ أو جاهلٍ لكونه بعيداً عن العلماء، والكفارة هي: بَدَنة أي إبل فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فسَبْعُ شِياه فإن لم يستطع قوّم البدنة واشترى بقيمتها طعاماً وتصدّق به فإن لم يستطِع صام عن كل مدّ يوماً.
ومن ترك الإحرام من الميقات أو ترك رمي الجمرات الثلاث فعليه ذبح شاة فإن عجز صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
تنبيه: من تَحلَّل التحلُّل الأول جاز له بعض ما يحرُم على المُحرم كلبس السروال والقميص ووضع الطيب ودهن الرأس ونتف الشعر إلا الجماع وعقد النكاح، والتحلّل الأول يكون بفعل اثنين من ثلاثة: طواف الإفاضة والحلق أو التقصير ورمي جمرة العقبة. أما من تَحلَّل التحلُّل الثاني فله أن يفعل جميع ما حرُم عليه، والتحلُّل الثاني يكون بإتمام طواف الإفاضة والحلق أو التقصير ورمي جمرة العقبة. وفي الحلقة المقبلة نتكمل عن سنية زيارة قبر النبي صلى الله عله وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق