بيان أن الإمام أبا حنيفة كان على عقيدة التنـزيه
وأما ادعاؤهم على أبي حنيفة رحمه الله بأنه كفّر من أنكر بأن الله في السماء. فلينظروا عمن نقلوا هذا. فإنهم نقلوه عن أبي مطيع البلخي، ومن هو هذا الرجل الذي نقلتم عنه؟
انظروا ماذا قال عنه الذهبي في ميزانه ( 1/574): (قال الإمام أحمد: لا ينبغي أن يروى عنه شئ وعن يحيى بن معين: ليس بشىء). اهـ
وختم الحافظ ابن حجر ترجمته في لسان الميزان ( 2/334) بقوله: (وقد جزم الذهبي بأنه وضع حديثا فينظر من ترجمة عثمان بن عبد الله الأموي). اهـ.
وقال القاري في شرحه على الفقه الأكبر ( ص/172) ما نصه: (مع أن أبا مطيع رجل وضاع عند أهل الحديث كما صرح به غير واحد). اهـ
فكيف يستدلون على عقيدتهم الفاسدة برجل وضاع يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول عنه إمامان جليلان عالمان بأحول الرجال، الإمام أحمد والإمام يحي بن معين: ( لا يروى عنه وليس بشىء)؟
وأما تكفير أبو حنيفة رحمه الله لمن يقول: ( من قال لا أعرف ربي في السماء هو أم في الأرض وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض) فلأن قائل هاتين العبارتين جعل الله تعالى مختصا بجهة وحيز ومكان. وإليك النقل الصحيح.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتابه حل الرموز في بيان مراد أبي حنيفة ما نصه: ( لان هذا القول يوهم أن للحق مكانا، ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه). نقلها عنه علي القاري في شرحه على الفقه الأكبر ( ص/171ـ172) وأيد كلام ابن عبد السلام بقوله: (ولا شك أن ابن عبد السلام من أجل العلماء وأوثقهم، فيجب الإعتماد على نقله). اهـ
وقال عنه النووي في تهذيب الأسماء واللغات ( 3/22) ما نصه: (قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه). اهـ
ونزيدكم يقينا على أن ما ذهبنا إليه هو الصحيح بنقل بعض النصوص من كتب الإمام أبي حنيفة وهي مطبوعة. قال رحمه الله في الوصية ما نصه: (ولقاء الله تعالى لأهل الجنة حق بلا كيفية ولا تشبيه ولا جهة).اهـ مجموعة رسائل أبي حنيفة ( ص/75).
وقال في الفقه الأبسط ما نصه قلت: (أرأيت لو قيل: أين الله تعالى)؟ فقال ـ أبو حنيفة ـ: يقال له: (كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق، وكان الله تعالى ولم يكن أين ولا خلق ولا شئ، وهو خالق كل شئ). اهـ مجموعة رسائل أبي حنيفة ( ص/53).
وقال رحمه الله في الفقه الأكبر ما نصه: (وليس قرب الله تعالى ولا بعده من طريق طول المسافة وقصرها، ولكن على معنى الكرامة والهوان.
والمطيع قريب منه بلا كيف، والعاصي بعيد عنه بلا كيف، والقرب والبعد والإقبال يقع على المناجي. وكذلك جواره في الجنة والوقوف بين يديه بلا كيفية). اهـ مجموعة رسائل أبي حنيفة ( ص/ 63).
وقال رحمه الله في الفقه الأكبر ما نصه: (والله تعالى يرى في الآخرة ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤسهم، بلا تشبيه ولا كيفية، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة). اهـ مجموعة رسائل أبي حنيفة ( ص/61ـ62).
يتبع بإذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق