بيان حول رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء
وصعود الكلام الطيب وعروج الملائكة إلى السماء
وصعود الكلام الطيب وعروج الملائكة إلى السماء
وأما استدلالهم على الفوقية المزعومة برفع سيدنا عيسى عليه السلام، فهو دليل على عدم فهمهم للآيات والأحاديث كما ينبغي كما سيتضح لك، فمعنى قوله تعالى: {وَرَافِعُكَ إِلَيّ} أي إلى مكان كرامتي، فعيسى عليه السلام في السماء الثانية كما هو معلوم، وقد جاء صريحا في معراج النبي عليه الصلاة والسلام كما رواه الشيخان، فهل تقول بأن الله بذاته في السماء الثانية؟
وما أغرب استدلالكم هذا على ما تزعمون فقد قال الله تبارك وتعالى عن الظل في سورة الفرقان: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} فقوله تعالى:{إِلَيْنَا} لا يعني أن الظل في الليل يذهب عند الله وان الله في مكان، فليتيقظ ألو الألباب.
وما أغرب استدلالكم هذا على ما تزعمون فقد قال الله تبارك وتعالى عن الظل في سورة الفرقان: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} فقوله تعالى:{إِلَيْنَا} لا يعني أن الظل في الليل يذهب عند الله وان الله في مكان، فليتيقظ ألو الألباب.
بيان حول فساد استدلالهم بالمعراج
والعروج والصعود والعلو لإثبات الجهة لله تعالى
والعروج والصعود والعلو لإثبات الجهة لله تعالى
أما استدلالهم الفاسد على معتقدهم الفاسد بقصة المعراج ففساده ظاهر لوجوه منها على سبيل المثال: أن الإسراء والمعراج كان لاطلاع الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض عجائب المخلوقات ولتشريفه صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تبارك وتعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَاتِنَا} ولم يقل ليصل إلى مكان فيه ذاتنا، فمن أين لكم هذا؟ ولم يأت عن النبيّ عليه الصلاة والسلام ولا عن صحابته الكرام أنه وصل إلى مكان فيه ذات الله فادعاؤكم هذا فاسد. وقد سمع موسى عليه السلام كلام الله وموسى في الأرض كما أخبر تبارك وتعالى: {إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي ءانَسْتُ نَارًا لَّعَلِِِّي ءاتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَس أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [سورة طه / 10ـ11ـ12]. فهل تقولون بأن الله عز وجل بذاته في الأرض في المكان الذي كان فيه موسى استدلالا بهذه الآيات فينتقض معتقدكم أنه في السماء بذاته أم ماذا تقولون؟
وقد قال الحافظ في الفتح ( 1/512) ما نصه: (قال البيهقي: صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول، وعروج الملائكة هو إلى منازلهم في السماء، وأما ما وقع من التعبير في ذلك بقوله "إلى الله" فهو على ما تقدم عن السلف في التفويض، وعن الأئمة بعدهم في التأويل. وقال ابن بطال: غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية المجسمة في تعلقها بهذه الظواهر، وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه فقد كان ولا مكان، وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف، ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه مع تنـزيهه عن المكان انتهى). اهـ
وقال الحافظ المفسر النحوي اللغوي أبو حيان في تفسيره البحر المحيط ( 7/290) عند تفسير الآية: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} ما نصه: (وصعود الكلام إليه تعالى مجازٌ في الفاعل وفي المسمى إليه لأنه تعالى ليس في جهة، ولأن الكَلِمَ ألفاظ لا توصف بالصعود، لأنّ الصعود من الأجرام يكون، وإنما ذلك كناية عن القبول ووصفه بالكمال، كما يقال: علا كعبُهُ وارتفع شأنه، ومنه ترافعوا إلى الحاكم ورُفعَ الأمرُ إليه، وليس هناكَ علوٌ في الجهة). اهـ
وقال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرءان ( 18/281) ما نصه: ( {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} [المعارج/4] أي تصعد في المعارج التي جعلها الله لهم. {إِلَيْهِ} أي إلى المكان الذي هو محلهم وهو في السماء لأنها محل بِرّه وكرامته وقيل هو كقول إبراهيم: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} أي إلى الموضع الذي أمرني به). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/512) ما نصه: (وقال ابن بطال: غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية المجسمة في تعلقها بهذه الظواهر، وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه فقد كان ولا مكان، وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف، ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه ـ أي تعاليه ـ مع تنـزيهه عن المكان). اهـ
وقال الحافظ في نهاية الباب (13/515) ما نصه: (قال ابن المنير: جميع الأحاديث في هذه الترجمة مطابقة لها إلا حديث ابن عباس فليس فيه إلا قوله: "رب العرش" ومطابقته والله أعلم من جهة أنه نبه على بطلان من أثبت الجهة أخذًا من قوله: {ذِي الْمَعَارِجِ} ففهم أن العلو الفوقي مضاف إلى الله تعالى، فبين المصنف ـ أي البخاري ـ أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء والجهة التي يصدق عليها أنها عرش كلٌ منهما مخلوق مربوب محدث، وقد كان الله قبل ذلك وغيره، فحدثت هذه الأمكنة، وقِدَمه يحيل وصفه بالتحيز فيها والله أعلم). اهـ
وقال الحافظ أبو العباس القرطبي شيخ الإمام المفسر الحافظ القرطبي في كتابه المُفْهِم ( 1/410) ما نصه: (وقوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [ المعارج/4] أي: مقاماتـهم في حضرته، وإنما احتجنا إلى إبداء هذا التأويل لئلا يتخيل الجاهل أنه مختص بجهة فوق، فيلزمه التجسيم، ويكفيك مما يدل على نفي الجهة في حقه تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد/4] وما في معناه). اهـ
علمًا أن الله تعالى قال عن فرعون: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي طغا وتجبر، فالعلو المقصود هنا هو العلو والارتفاع المعنوي لا الحسي، ومنه أيضا قول الله تعالى إخبارا عن فرعون أنه قال في بني إسرائيل: {قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} فماذا تسمون هذه الفوقية؟ هل هي فوقية حسية أم فوقية معنوية؟
ومن هنا تعلم فساد قول ابن تيمية في كتابه "التأسيس" ( 1/111) حيث قال ما نصه: (والبارىء سبحانه وتعالى فوق العالم فوقية حقيقية ليست فوقية الرتبة). اهـ
ومن أغرب ضلالتهم قولهم بأن موسى علم فرعون أن الله في السماء فأين وجدتم هذا؟ هل أخبركم بهذا فرعون لعنه الله أم هو بوحي تدعونه؟ من أين علمتم هذا؟ وهذا خلاف القرءان الكريم فقد قال تبارك وتعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} فلم يقل له موسى عليه السلام هو الذي في السماء كما تدعون، بل قال له: {قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ} فموسى عليه السلام يقول: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وأنتم تقولون بأنه أخبره أن الله في السماء !! فهل تدعون نزول قرءان ءاخر عليكم غير الذي أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ فهذا الصريح الذي جاءنا به النبيّ عليه الصلاة والسلام.
يتبع بإذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق