نقل الإجماع على تنـزيه الله عن المكان والجهة
وأما ما يزعمونه من إجماع أهل السنة على عقيدتهم الفاسدة فالإجماع قائم على خلاف ما ادعوا وسنبين ذلك. فقد ذكرنا لك ما قاله النووي والقاضي عياض وأنهما نقلا الإجماع على أن الظواهر الواردة بذكر الله في السماء هي مؤولة عند جميع المسلمين ولا خلاف بينهم، وكذلك نقل الإجماع على أن الظواهر الواردة بذكر أن الله في السماء مؤولة وليست على ظاهرها القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم.
ونزيدك لتعرف مراد الحافظ أبي نعيم رحمه الله حيث ينقلون عنه كلاما ليوهموا الناس أنه يقول بأن الله على العرش بذاته وهذا كذب عليه وبهتان، فقد روى رحمه الله في كتابه حلية الأولياء ( 1/73) عن الإمام علي رضي الله عنه أنه قال: (من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود). ا.هـ
ونقل الإمام الطحاوي ـ السلفي المتوفى سنة 322هـ ـ إجماع أهل السنة على أن الله لا جهة له. فقال في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة والجماعة ما نصه: (وتعالى ـ يعني الله ـ عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات. وقال: ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر).اهـ
وقال إمام الحرمين الجويني في الإرشاد (ص/58) ما نصه: (ومذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيز والتخصص بالجهات). اهـ
وقال الإمام الرازي في تفسيره ج29ص215 ما نصه: (فقد انعقد الإجماع على أنه سبحانه ليس معنا بالمكان والجهة والحيز). اهـ
وقد نقل الإجماع على إحالة كونه تبارك وتعالى في جهة الفقيه المالكي أبو عبد الله سيدي محمد بن جلال فيما نقله عنه العلامة محمد بن أحمد المشهور بميارة المالكي في كتابه الدر الثمين (ص/30) حيث قال: (وأما الاجماع فأجمع أهل الحق قاطبة على أن الله لا جهة له فلا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف). اهـ
وقال الإمام سيف الدين الآمدي في أبكار الأفكار ما نصه: (مع تفاقهم ـ السلف والخلف ـ جميعا في المعنى أنه تعالى ليس بمتمكن في مكان ولا متحيز بجهة). اهـ
وقال الإمام أبو منصور البغدادي في الفرق بين الفرق (ص/256)، بعد ذكر قول الإمام علي: كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان، ما نصه: (وأجمعوا ـ أهل السنة والجماعة ـ على أنه ـ أي الله ـ لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان). اهـ
وقال رحمه الله في تفسير الأسماء والصفات وهو مخطوط ما نصه: (وأجمع أصحابنا على إحالة القول بأنه في مكان أو في كل مكان، ولم يجيزوا عليه مماسة ولا ملاقاة بوجه من الوجوه). انتهى
وقال الشيخ محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتاب نهاية الأقدام (ص/103) ما نصه: (فمذهب أهل الحق أن الله سبحانه لا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يشبهه شىء منها بوجه من وجوه المشابهة والمماثلة { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (سورة الشورى/11)، فليس البارىء سبحانه بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا في مكان ولا في زمان). اهـ
وقال الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الشيباني في شرحه على الطحاوية المسمى بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة (ص/45) ما نصه: (مسألة: قال أهل الحق: إن الله تعالى متعالٍ عن المكان، غيرُ متمكن في مكان، ولا متحيز إلى جهة خلافاً للكرّامية والمجسمة). اهـ
وقال الحافظ السبكي في السيف الصقيل (ص/120) ما نصه: (ونحن نقطع أيضاً بإجماعهم ـ أي رسل الله وأنبيائه ـ ( على التنـزيه) أما يستحي من ينقل إجماع الرسل على إثبات الجهة والفوقية الحسية لله تعالى؟ وعلماء الشريعة ينكرونها. أما تخاف منهم أن يقولوا له إنك كذبتَ على الرسل؟). اهـ
وقال الشيخ سلامة القضاعي العزامي في كتابه فرقان القرءان (ص/93) ما نصه: (أجمع أهل الحق من علماء السلف والخلف على تنـزه الحق ـ سبحانه ـ عن الجهة وتقدسه عن المكان). اهـ
وقال الحافظ المفسر الإمام القرطبي في تفسيره ( 7/219) ما نصه: (والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنـزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنـزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم، لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز والتغير والحدوث). اهـ
وقال الشيخ سليم البشري المصري كما في كتاب فرقان القرءان للشيخ سلامة القضاعي (ص/74) ما نصه: (اعلم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السنيون أن الله تعالى منـزه عن مشابهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تنـزهه عن الجهة والمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية). اهـ
وقال الشيخ سلامة العزامي القضاعي في كتابه فرقان القرءان (ص/93) ما نصه: (فيكون ما أجمع عليه أهل الحق من علماء السلف والخلف من تنـزه الحق عن الجهة وتقدسه عن المكان وتعاليه عن التجزؤ والتبعيض والصعود والنـزول والقرب والبعد والذهاب والمجيء والحركة والسكون وما أشبه ذلك، ما أجمع عليه أهل الحق من تعالي الملك القدوس عن ذلك كله، ليس هو مما أخذه العلماء من فلسفة اليونان كما يشنع به على القوم ابن تيمية وإنما هو من حكمة القرءان وفلسفة الإسلام لمن فقه في دين الله وأحسن تدبر كتابه). اهـ
وقال العلامة الكوثري ـ وكيل المشيخة الإسلامية السلطنة العثمانية ـ في تكملة الرد على نونية ابن القيم (ص/144) ما نصه: (وقد أجمع المسلمون على أن الله سبحانه لا تحويه السماء ولا الأرض وأنه منـزه عن المكان). اهـ
وقال رحمه الله: (وتنـزيه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات هو عقيدة أهل الحق رغم اغتياظ المجسمة الصرحاء المجمجمين من ذلك). مقالات الكوثري.
وقال الشيخ يوسف الدجوي المصري عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ما نصه: (واعلم أن السلف قائلون باستحالة العلو المكاني عليه تعالى، خلافاً لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا المقام، فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه). اهـ ( مجلة الأزهر: مجلد/9ـ الجزء1/ص17 المحرم سنة 1357هـ).
وقال المحدث الشيخ محمد عربي التبان في كتاب براءة الأشعريين (1/79) ما نصه: (اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالى منـزه عن الجهة والجسمية والحد والمكان ومشابهة مخلوقاته). اهـ
وقال الشيخ محمود خطاب السبكي في إتحاف الكائنات (ص/5) ما نصه: (وأما مذهب السلف والخلف بالنسبة للآيات والأحاديث المتشابهة فقد اتفق الكّل على أن الله تعالى منـزه عن صفات الحوادث، فليس له عز وجل مكان في العرش ولا في السماء ولا في غيرهما، ولا يتصف بالحلول في شىء من الحوادث ولا بالاتصال بشىء منها، ولا بالتحول والانتقال ونحوهما من صفات الحوادث). اهـ
وقال الشيخ شهاب الدين بن جهبل في أثناء رده على ابن تيمية في إثباته الجهة لله تعالى ما نصه: (وها نحن نذكر عقيدة أهل السنة، فنقول:عقيدتنا أنَّ اللهَ قديمٌ أزليٌ، لا يشبهُ شيئاً ولا يشبهُهُ شىءٌ، ليسَ لهُ جهةٌ ولا مكانٌ، ولا يجري عليهِ وقتٌ ولا زمانٌ، ولا يقالُ لهُ أينَ ولا حيث، يُرى لا عن مقابلةٍ ولا على مقابلةٍ، كان ولا مكان، كوَّنَ المكانَ، ودبَّرَ الزمان، وهو الآنَ على ما عليه كان. هذا مذهبُ أهلِ السنةِ، وعقيدةُ مشايخِ الطريقِ رضي اللهُ عنهم). اهـ نقلها الحافظ ابن السبكي في طبقاته ( 9/41).
وقال الحافظ الزبيدي في الإتحاف ( 2/166) ما نصه: (اعلم أن أهل ملة الإسلام قد أطلقوا جميعا القول بأن صانع العالم لا يشبه شيئاً من العالم، وأنه ليس له شبه ولا مثل ولا ضد، وأنه سبحانه موجود بلا تشبيه ولا تعطيل). اهـ
وقال رحمه الله ( 2/ 171) بعد أن قرر أن مذهب أهل السنة أن الله موجود بلا مكان وذكر الأدلة على نفي الجهة عن الله ما نصه: (هذا المعتقد لا يخالف فيه بالتحقيق سني لا محدث ولا فقيه ولا غيره ولا يجيء قط في الشرع على لسان نبي التصريح بلفظ الجهة، فالجهة بحسب التفسير المتقدم منفية معنى ولفظا، وكيف لا والحق يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئٌ} ولو كان في جهة بذلك الاعتبار لكان له أمثال فضلا عن مثل واحد). اهـ
ونقل الشيخ تاج الدين السبكي الإجماع على تنـزيه الله عن المكان، حيث ذكر عقيدة الإمام فخر الدين بن عساكر والتي فيها: (إن الله تعالى موجود قبل الخلق، ليس له قبل ولا بعد، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا أمام ولا خلف، ولا كلٌ، ولا بعضٌ، ولا يقال متى كان ولا أين كان ولا كيف. كان ولا مكان، كون الأكوان ودبر الزمان. لا يتقيد بالزمان ولا يتخصص بالمكان). ثم قال أبن السبكي: (هذا ءاخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سني). اهـ
وقال الإمام القرطبي في تفسيره ( 6/390) ما نصه: (والقاعدة تنـزيهه ـ جلّ وعزّ ـ عن الحركة والانتقال وشغل الأمكنة). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 7/124) ما نصه: (فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منـزه عن الحركة والتحول والحلول، ليس كمثله شىء). اهـ
يتبع بإذن االله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق