مهر الزوجة
يجبُ على الزوجِ أداءُ مهر زوجته إليها: فإن كان حالاً فمتى طلبتْ منه أن يدفعه لها يجب عليه أن يعطيها مهرها، وإن كان مؤجلاً فعندَ حلول الأجلِ لا قبله.
والمهرُ هو ما يصحُّ جعله مبيعًا وما يصحُّ أن يكون منفعةً مقصودةً وليس شرطاً أن يكون مالاً بل يصح أن يكون غير مال كتعليم القرءان أو سورة منه فيصحُّ جعلُ المهر تعليم أقصر سورة من القرءان أو تعليم حرفةٍ كالخياطة. وقد روى أبو داود وصححه الحاكم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [خيرُ الصَداقِ أيسره]، والصَداق - فتحة على الصاد - هو المهر. ولو كان مهرها آلاف الدولارات عليه أن يؤديه لها ولا يبخس منه شيئاً أي لا يأخذ منه شيئاً ظلماً وعدواناً، قال تعالى في سورة النساء {وآتيتم إحداهنَّ قِنْطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونَه بهتاناً وإثماً مبيناً} ، وقال تعالى ايضاً {وآتوا النساءَ صَدُقاتهن نِحـْـلة فإن طِبْنَ لكم عن شىء منه فكلوه هنيئاً مريئاً}.
حق الزوج على زوجته
يجبُ على الزوجةِ طاعةُ الزوج في نفسها إلا في ما لا يحلُّ وأن لا تصومَ النفلَ ولا تخرج من بيتهِ إلا بإذنه. أي يجبُ على الزوجةِ طاعةُ الزوج فيما هو حقٌّ لهُ عليها منَ الاستمتاعِ وما يتعلقُ به إلا فيما حرّمه الشرع من أمور الاستمتاعِ فلا يجبُ عليها أن تُطيعه في الاستمتاع المحرم كأن تكون حائضًا أو نفساء وأرادَ أن يُجامعها بل يحرم عليها، ولا يجبُ عليها أيضًا إذا كانت لا تُطيق الوطء لمرض، ويجبُ عليها أن تتزينَ إن طلب منها ذلك ، ويجبُ عليها أن لا تصومَ النفل - التطوع والسنة - وهو حاضرٌ إلا بإذنه، أما الصيام الواجبُ كرمضان فإنها تصومه رضيَ أم لم يرض لأنّ الله أحقُّ أن يُطاع وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق] رواه الإمام أحمد بن حنبل .
ويجبُ عليها أن لا تأذن لأحدٍ في دخولِ بيته إلا بإذنه، ولا يجوز لها أن تخرج من بيته من غير ضرورةٍ إلا بإذنه، فأما الخروج لضرورةٍ فهو جائزٌ وذلك كأن أرادت أن تستفتيَ أهل العلم فيما لا تستغني عنه وكان الزوج لا يكفيها ذلك فإنها تخرجُ بدون رضاه وهذا شاملٌ لمعرفةِ ما هو من أصول العقيدة والأحكام كأمور الطهارة كمسائل الحيض فإنّ لها تفاصيل كثيرة. ومن الضرورة أن تخشى في المنزل الذي أسكنها فيه اقتحامَ فجرةٍ أو انهدام ، ويجبُ عليها أن تترك ما يُعكر عليه الاستمتاع بها من الروائح الكريهةِ كرائحة الثؤم والبصل والسيكارة إن كان يتأذى منها. ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من صلة أرحامها من دون عذر إما أن يأذن لهم بزيارتها أو يأذن لها يزيارتهم، أما إن كانوا مفسدين فخاف من أن يوقعوا بينه وبينها فله عذر في منعها.
فائدة:
قال أهل العلم رحمهم الله تعالى: ينبغي - أي من الأفضل - للمرأة أن تلازم البيت ولا تخرج من بيت زوجها لغير حاجة مهمة فقد روى ابن حبان وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [المرأة عورةٌ فإذا خرجت استشرفها الشيطانُ وأقربُ ما تكون المرأة إلى وجه الله إذا كانت في قعر بيتها] ومعنى استشرفها الشيطان أي يهتمُّ بها ليفتن بها أو يفتنها فهو كالذي يحدّق بالشئ مهتمًا به وهو واضع أصابعه فوق عينيه، ومعنى "وجه الله" هنا أي طاعة الله، وقد أوَّلَ بعض السلف وجه الله في ءاية {كلُّ شئٍ هالكٌ إلا وجهه} سورة القصص، بأن المرادَ بالوجه هنا الطاعات التي يُتقرب بها إلى الله. فخروج المرأة من البيت إن لم يكن هناك سببٌ شرعي لا خيرَ فيه، بل صلاة الجماعة للمرأة في بيتها أفضل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [صلاةُ المرأة في بيتها أفضلُ من صلاتها في مسجدي] رواه مسلم، الصلاةُ في مسجد الرسول تضاعف إلى خمسمائة ألف صلاة من حيث الثواب ومع هذا الرسول عليه الصلاة والسلام رغّب النساء أن لا يخرجن للصلاة في مسجده وأن يصلينَ في بيوتهنّ.
ولكن مع كل هذا فإنها وإن خرجت من بيتها (الزوجة بإذن زوجها) لحاجة مباحة غير ما ذكرنا من الحاجات فإنها لا تكون عاصية لمجرد الخروج إلا إن كانت تنوي فتنة الرجال بخروجها أو كانت كاشفة شيئاً من عورتها أو كانت ذاهبة لفعل معصية ونحو ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق