حدوث الكسوف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فإنّ حدوث الكسوف أمر غير اعتيادي يحصل في الحياة الدنيا مرات قليلة، وقد جعل الله فيه موعظة وتنبيها للعباد.
وقد حدث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق عندما مات ابنه إبراهيم عليه السلام قال بعض الناس وقد كسفت الشمس : إنما كسفت لموت إبراهيم. فقام النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم وقال: "إنّ الشمس والقمر ءايتان من ءايات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة".
وقوله عليه السلام: "فافزعوا" أي فالتجئوا إلى الله ، فالالتجاء إليه عند المخاوف والشدائد بالدعاء والاستغفار سبب لمحو ما فُرط من العصيان فإنّ الذنوب سبب للبلايا والعقوبات الآجلة والعاجلة نسأل الله رحمته وعفوه وغفرانه.
قال الله تعالى: { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا } فسر بعض العلماء هذه الآية الكريمة أنّ فيها ردّا لما كانت الجاهلية تعتقد أنّ الشمس والقمر إنما ينخسفان لموت عظيم وبعض المنجمين يعتقدون تأثيرهما في العالم.
ومن الكفار من يعتقد تعظيمهما لكونهما أعظم الأنوار حتى أفضى الحال إلى عبادتهم لها، فخُصّا بتلك الحالة تنبيها على أنهما ينقُصان ويذهب ضوؤهما.
وجاء الإرشاد النبوي الكريم للأمة المحمدية فيما ينبغي فعله إذا ما حصل الكسوف ، وهو الالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه سبحانه، فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: " فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبّروا وصلّوا وتصدّقوا".
لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفاع البلاء بالذكر والدعاء والصلاة والصدقة، والتعوذ بالله من عذاب القبر، إذ ظلمة النهار بالكسوف تشابه ظلمة القبر وإن كان نهارا، والشىء بالشىء يذكر فيخاف من هذا كما يخاف من هذا، فيحصل التمسك بما ينجي من عذاب الآخرة.
وقيل إنّ من حكمة وقوع الكسوف تبين أنموذج ما سيقع في القيامة والتنبيه على سلوك طريق الخوف والرجاء لوقوع الكسوف، ثم كُشف ذلك ليكون المؤمن من ربه على حالتي الخوف والرجاء.
وفي الكسوف إشارة إلى تقبيح رأي من يَعبُد الشمس والقمر، إذ هما جِرمان مخلوقان لهما حجم وهيئة وكيفية ولون وعمق ومساحة، أما الله تعالى المعبود بحق فليس كمثله شىء. وتصلى صلاة الكسوف جماعة وفرادى، وهي ركعتان على صفة مخصوصة فينوي المرء معتدلا ويكبر، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر من سورة البقرة، ثم يركع ركوعا طويلا، ثم يرفع رأسه ويعتدل، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر من سورة ءال عمران، ثم يركع ركوعا ثانيا، ثم يعتدل، ثم يسجد مرتين كما هي الصلاة المعهودة، فيكون قد أتم ركعة، ثم يكرر ما فعله في الأولى ويسلم.
اللهم تب علينا، ونقنا من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، يا أرحم الراحمين، وصلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق