بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 ديسمبر 2018

قال الله تعالى "﴿فَلْيَحْذَرِ الّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾ سورة النور/63.

قال الله تعالى "﴿فَلْيَحْذَرِ الّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾ سورة النور/63.
أَيُّها العُقَلاءُ، أَيُّها الفُطَنَاءُ، يَا مَنْ تَنْبِضُ قُلُوبُهُمْ بِالفَهْمِ، يَا مَنْ شَاهدتُمُ القبورَ قبلَ دُخُولِها، وَسَمِعْتُمْ عَنْ عذابِها قبلَ حُضُورِها، يَا مَنْ عَايَنْتُمُ الموتَ يَتَخَطَّفُ أَقَارِبَكُمْ، يَا مَنْ سَمِعْتُمْ قَصَصَ عَذابِ بَعْضِ مَنْ قَبْلَكُمْ، وبَلَغَكُمْ سِيرَةُ الْمُتَّقِينَ،
هَلْ تَبَصَّرْتُمْ بِمَا تَوَعَّدَ بهِ الخالِقُ العَظِيمُ مَنْ عَانَدَ وعَصَى وبِمَا أَعَدَّ لِمَنْ أَحْسَنَ التَّهَيُّؤَ لِيَوْمِ الدِّينِ؟
لقَدْ أَنْزَلَ اللهُ القَوِيُّ العَزِيزُ العَذَابَ الشديدَ بِأَقْوَامٍ وذَلكَ بِظُلْمِهِمْ وطُغيانِهِم، فقومُ نبيِّ اللهِ شُعَيْبٍ الذينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا وَرَدُّوا دعوتَهُ وعانَدُوهُ انْتَقَمَ اللهُ مِنْهُمْ وأَهْلَكَهُمْ أَجْمَعِينَ، يَقُولُ اللهُ عزَّ وجلَّ﴿فَكَذَّبُوهُ فأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ﴾ سورةُ الشعراء/189.
سَلَّطَ اللهُ عليهِمْ أيُّها الأحبابُ حَرًّا شَدِيدًا فهَرَبُوا مِنْ مَحَلَّتِهِمْ إلَى البَرِّيَّةِ فأظَلَّتْهُمْ سَحابَةٌ فنَادَى بعضُهُم بَعضًا فَاجْتَمَعُوا تَحتَها لِيَسْتَظِلُّوا بِظِلِّها فلَمَّا تَكامَلُوا فيهَا أرْسَلَها اللهُ العَزِيزُ القَوِيُّ عليهِمْ تَرْمِيهِمْ بِشَرَرٍ وَشُهُبٍ، وَرَجَفَتْ بِهِمُ الأرضُ وجاءَتْهُمْ صَيحَةٌ قَوِيَّةٌ مِنَ السماءِ فأَزْهَقَتْ أَرْوَاحَهُمْ واللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ.
وقومُ عادٍ إخوةَ الإيمانِ زَادَهُمُ اللهُ في الخِلْقَةِ والقُوَّةِ فأشادُوا القصورَ الشَّامِخَةَ العاليةَ ولكنَّهم عبدُوا الأصنامَ بدَلَ أنْ يعبُدُوا اللهَ الواحدَ القهَّارَ، فبَعَثَ اللهُ إلَى قَوْمِ عَادٍ رسولَهُ هُودًا عليهِ السلامُ فَتَكَبَّرُوا وازْدَادُوا ظُلْمًا، وأَنْذَرَهُمْ هُودٌ بالعذَابِ القَرِيبِ، فَأَمْسَكَ اللهُ عنهُمُ المطرَ فَجُهِدُوا أَيْ شَقَّ عليهِمْ ثم صَارُوا في قَحْطٍ وجَفَافٍ شَديدَيْنِ فَطَلَبُوا السُّقْيَا فَأَنْشَأَ اللهُ سَحَابًا أسودَ فَاسْتَبْشَرَتْ عَادٌ بِهذَا السَّحابِ فإذَا هُوَ سَحابُ نِقْمَةٍ وعَذَابٍ. ثم أرسَلَ اللهُ عليهم رِيحًا صَرْصرًا شديدَةً عاتِيَةً أي رِيحًا بَارِدَةً تَحرِقُ بِبَرْدِهَا كإِحراقِ النارِ سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيامٍ كَوامِلَ حَتَّى أَهْلَكَتْهُمْ وصارُوا صَرْعَى، وكانَتِ الرِّيحُ تَحْمِلُ أحدَهُمْ فَتَرْفَعُهُ فِي الهواءِ ثمَّ تُنَكِّسُهُ على أُمِّ رَأْسِهِ فَتَشْدَخُهُ فَيَبْقَى جُثَّةً هَامِدَةً كشَجَرِ نَخْلٍ مُقْتَلِعٍ مِنْ جُذُورِه.
يقولُ اللهُ في مُحكَمِ كِتابِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾ سورة الرعد/11.
ومعنَى قولِ اللهِ تعالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ أَيُّهَا الأَحِبَّةُ أَنَّهُ سبحانَهُ وتعالَى لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ مِنَ العَافِيةِ والنِّعمةِ حتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الحالِ الجميلَةِ بِطَاعَةِ اللهِ إلَى الحالِ السَّيّئَةِ بِكَثْرَةِ المعاصِي وهذَا ليسَ بِاعتِبارِ الأَفرادِ بَلْ بِاعْتِبارِ الجُمْلَةِ والأَقْوَامِ.
أحبابَنَا الكِرَام، الحمدُ للهِ أَنْ جعلَنَا خيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ أَتْبَاعًا لِخيرِ الأنبياءِ الذِي سأَلَ رَبَّهُ أربعةَ أشياءَ فأَعطاهُ اللهُ ثَلاثًا وَمَنَعَهُ واحدِةً، فسَأَلَهُ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتَهُ بِما أَهْلَكَ الأُمَمَ السابِقَةَ فأعطاهُ إِيَّاهَا، فَلَنْ يُصيبَنا طُوفانٌ يُغرقُ الأُمةَ بِرُمَّتِها وَلا خَسْفٌ يُخفِي الأمةَ تحتَ الأرضِ، لكنْ قَدْ يَحصُلُ أنواعٌ مِنَ العَذَابِ الذِي ليسَ فيهِ استِئْصَالٌ، وقد قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم "إِنَّ الناسَ إذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بعِقَابٍ" رواهُ الإمامُ أحمدُ في مُسْنَدِهِ.
ومعنَى الحدِيثِ أَنَّ اللهَ يَنْتَقِمُ منهُمْ إذَا ترَكُوا النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكرِ ويُنْزِلُ بِهم نِقَمًا ونكَباتٍ في الدنيا قبلَ الآخرَةِ، ولا شَكَّ أَنَّ النِقَمَ التِي تَنْزِلُ بِالْمُؤْمِنينَ في هذهِ الأَزْمِنَةِ مِنْ شُؤْمِ تَرْكِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ والنَّهْيِ عَنْهُ فَأَحُثُّ نَفْسِي وإيَّاكُمْ علَى الأَمْرِ بِالمعروفِ والنَّهيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالدَّعوةِ إلَى اللهِ بِالحكمةِ والموعظةِ الحسنَةِ واعْلَمُوا أَنَّ أَهَمَّ الْمُنْكَرَاتِ التِي يَجِبُ إِنْكارُها الكُفْرُ بأَنْوَاعِهِ الذِي هُوَ أَكْبَرُ الذُّنوبُ وأَشْنَعُها سَواءٌ كانَ اعتقادِيًّا كَتَشْبِيهِ اللهِ بِخَلْقِهِ بِنِسْبَةِ الأَعضاءِ أَوِ الشَّكلِ أَوِ الصُّورَةِ أَوِ الْمَكانِ أَوِ الجهَةِ إليهِ سبحانَهُ أوِاعتِقَادِ أنَّ اللهَ يَحُلُّ في شَىءٍ مِنَ الأشياءِ أَمْ فِعْلِيًّا كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ في القَاذُوراتِ أو الدَّوسِ عليهِ أو كتابَتِهِ بِنَجِسٍ أَوْ مُستَقْذَرٍ أَمْ قَوْلِيًّا كَسَبِّ اللهِ أَوْ سَبِّ الرسولِ أَو أَيِّ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبياءِ اللهِ أو مَلَكٍ مِنَ الملائِكَةِ كَجِبْرِيلَ أَوْ عَزْرَائِيلَ عليهِمُا السلامُ أوِ الاستهزاءِ بِالدِّينِ أَو بأَيِّ فِعلٍ مِنْ أَفْعَالِ الرسولِ الكريمِ قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَءَايَاتِهِ ورَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ﴾ سورة التوبة/65 ـ 66.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...