بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 ديسمبر 2018

الدليل على جواز الذكر في المنتديات جماعة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيّدنا محمد الطاهر الأمين وبعد،


فقد قرأت مقالا لبعض الجهال يحرمون فيه الذكر الجماعي، نظرت فيه فوجدته مخالفا لشرع الله تبارك وتعالى ولما كان لزاما واجبا علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح فيما بيننا، نصحت بما يلي فأقول طالبا من الله التوفيق فيما هنالك:

تحريم الذكر الجماعي أو الاجتماع على الذكر مخالف للدين معارض لما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي في بيان استحباب ذكر الله جماعة ما رواه مسلم والترمذي عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم:

خرج على حلقة من أصحابه فقالما يجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده فقال انه أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة.انتهى

فكيف يكون ما مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة سيئة؟

وكذا ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ((وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه))

قال الإمام السيوطي: والذكر في الملأ لا يكون إلا عن جهر.

وأخرج الإئمة أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه عن السائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاءني جبريل فقال: ((مُر أصحابك يرفعوا أصواتهم بالتكبير)).

وأخرج الإمام أحمد في الزهد عن ثابت البنابي قالإن أهل ذكر الله ليجلسون إلى ذكر الله، واللهِ وأن عليهم من الآثام أمثال الجبال وأنهم ليقومون من ذكر الله تعالى ما عليهم منها شىء.‏

وهذا قدرٌ مختصر من عشرات الأحاديث الدالة على ذكر الله تعالى جماعة، وفي هذا كفاية لمن هو صادق في حبه لاتّباع النبي صلى الله عليه وسلم



وأما أثر الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه فلا حجة فيه من وجوه أكتفي بذكر بعض الامور منها:

الأول: أنه لو ثبت فهو معارِضٌ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والاجتهاد لا يصح مع وجود نص.

الثاني: قال الإمام السيوطي: هذا الأثر عن ابن مسعود يحتاج إلى بيان سنده ومن أخرجه من الأئمة الحفاظ في كتبهموعلى تقدير ثبوته فهو معارض بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة وهي مقدمة عليه عند التعارض.انتهى

الثالث: أن الصحابي أبا موسى الأشعري قال: وما رأيت إلا خيراوهو من مجتهدي الصحابة، فلو كان بدعة معروفة عندهم لأنكره من دون الرجوع إلى ابن مسعود، لكن العلة في أولئك الناس أنهم كانوا أصحاب أوصاف مذمومة ظهر شرهم فيما بعد كما تقول الرواية، هذا إن صحت الرواية ولا نص على صحتها.


وأخيرا قال الإمام النووي ما مختصرُه: والجهر أفضل في غير خوف الرياء أو التشويش على المصلي أو إيذاء النائم، لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم.انتهى

وفي هذا أبين البيان أن الجهر بالذكر جماعة هو ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أصحابه، وبهذا يندفع القول بأن تسمية ابن مسعود له بدعةً لأنه ثبت مرفوعا فلا يكون بدعة ويكون قد غاب عنه كما غاب عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سنة الضحى، وقال بدعة وهي أحب ما أحدثه الناس إلى قلبي.

قاموا بادعاء تخصيص لفظة "يذكرونك" بأن المراد بها بزعمهم قراءةُ القرءان ومجالس العلم، والرد بالتالي:

دعوى تخصيص العام بغير دليل باطلة جدا، أما مجرد كلام عطاء، فهذا لا يعني أنه كان يمنع من مجالس الذكر وحاشاه، إنما هذا قصره مشايخكم المعاصرون بغير حجة شرعية، وتفسير عطاء لمجالس الذكر ليس مقيِّدًا إذ لا نص، ولو نص عليه فليس إجماعا، ومثاله:
قوله تعالى: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)
قال عطاء: أن تتعلم كيف تنكح وتطلق وكيف تبيع وتشتري.انتهى
فهذا ليس تقييدا وهيهات، فقد قال سيّدنا علي وقتادة ومجاهد:
(قوا أنفسكم) بأفعالكم وقوا (أهليكم) بوصيتكم.انتهى
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، ولا برهان لكم في تخصيص اللفظ العام إلا بنصوص هؤلاء المعاصرين وسيأتي بيان مبلغ علمهم.


ومن الأدلة على الذكر الجماعي قوله صلى الله عليه وسلم:

(إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلمُّوا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم، وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قال: تقول: (((يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك)))

قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً،

قال: يقول: فما يسألونني؟ قال: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد لها مخافة،

قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة. قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم. رواه البخاري

هذا الحديث شوكة في حلق كل مبتدع يحرم ما أحله الله من ابن باز ونزولا من أمثاله وأتباعه المعاصرين، والدليل عليه:

قال أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري:

((ويؤخذ من مجموع هذه الطرق المراد بمجالس الذكر وأنها التي تشتمل على ذكر الله بأنواع الذكر الواردة من تسبيح وتكبير وغيرهما))، وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى وعلى الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، وفي دخول قراءة الحديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي ومذاكرته والاجتماع على صلاة النافلة في هذه المجالس نظر، ((والأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح والتكبير ونحوهما والتلاوة فحسب)))، وإن كانت قراءة الحديث ومدارسة العلم والمناظرة فيه من جملة ما يدخل تحت مسمى ذكر الله تعالى.انتهى كلامه.

فمن أين أتى مشايخكم بدعوى التخصيص الباطلة هذه؟ أهم أفهم من البخاري ومن الإمام أحمد بن حنبل ومن ثابت البناني والسيوطي والمناوي وغيرهم؟

فكلمة "ذكر الله" جامعة شاملة للكل، وقد وردت أحاديث كحديث البخاري الأرجح فيها أنها خاص بحلق التهليل والتسبيح وذكر الله.



وقال المناوي في فيض القدير ممزوجا مع الحديث:
(لأن) بفتح الهمزة التي بعد لام القسم (أقعد مع قوم يذكرون اللّه) "هذا لا يختص بذكر لا إله إلا اللّه بل يلحق به ما في معناه كما تشير إليه رواية أحمد" (من صلاة الغداة) أي الصبح (حتى تطلع الشمس) ثم أصلي ركعتين أو أربع كما في رواية (أحب إليّ من أن أعتق) بضم الهمزة وكسر التاء (أربعة) أي أربعة أنفس (من ولد إسماعيل).انتهى رواه أبو داود وحسنه العراقي والسيوطي.

فهذا الذكر هو الذكر الجماعي لا كما تدعيه طائفتكم ومشايخكم المعاصرون، فما هو إلا تخصيص باطل بغير دليل وحسابهم عند الله بسبب هذه الفتوى الباطلة.

ثم إنّ من تحتجون بهم ليسوا حجة في شرع الله تعالى، ما فيهم محدّث ولا فقيه وهيهات، أما ابن باز وهو أوسعهم علمافقد قال عن نفسه بأنه ما أنهى صحيح البخاري وقرأ شيئا من سنن ابن ماجه، كما هو موجود على صفحته.

فظهر أن دعوى مشايخكم هي الباطلة وأنها مخالفة للنبي صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء من دعوى التخصيص الباطلة هذه وأنهم هم الذين أحدثوا هذه البدعة المنكرة من تحريمهم هذا في دين الله.

إذن تخصيص الحديث بمعنى دون معنى باطل مردود عليه، وأثر ابن مسعود من الذي حكم عليه بأنه حسن؟ مجرد أن رواه الدارمي ليس يعني شيئا في القبول لأنه لم يلتزم الصحة كالبخاري ومسلم، أما كتاب ابن وضاح فمليء بالموضوعات وأحد مشايخكم هو الذي حقق الكتاب والحديث الذي رواه ابن وضاح لا يصح إسناده ضعيف، ولو صح لكان معارضا لأنه حاشاه أن يكون سمع مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك منعه، ولو صح أثر ابن مسعود لكان معارضا لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومدحه.

أما فقه ما رواه الدارمي عن ابن مسعود، فهو حجة عليكم لأنه أنكر العد - وهو مذهبه - بدليل أنه قال: ليعدوا سيئاتهم. ونبه القوم على عد السيئات، ولم ينكر عليهم اجتماعهم على الذكر، بل هذا التفسير تفسيركم المبتدع بلا دليل، وقد جاء ما يصحح هذا عن ابن مسعود في مصنف ابن أبي شيبة.

وإنكار الإمام الحافظ السيوطي ثبوت إنكار الاجتماع على الذكر عن ابن مسعود، وهو إمام حجة عليكم.

هذا ما قاله الإمام المجتهد السيوطي وهو أعلم منكم بما يعارض وما لا يعارض، فلا تفتِ في الحديث بغير علم.
أما تعجبكم من إيراد السيوطي له، فمجرد الإيراد لا يغني من جوع إذا لم يصححه، فقد أورد في جامعه الصغير ما هو شديد الضعف، فافهم واترك هذا الأمر لأهله.

فلا حجة لكم بالمرة سوى تحريف الكلام بدعوى التخصيص الباطلة

والإمام أحمد بن حنبل أعلم منكم جميعا بما يجوز وما لا يجوز وما هو بدعة وما ليس بدعة:أحمد بن حنبل رضي الله عنه لما سئل عنهم قال ابن مفلح في الفروع ج: 5ص: 238:
لا أعلم أقواما أفضل منهم، قيل إنهم يستمعون ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحون مع الله ساعة، قيل فمنهم من يموت ومنهم من يغشى عليه فقال الآية: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون.انتهى ومثله في كشاف القناع للبُهوتي الحنبلي

معاذ الله أن يكون الإمام أحمد بن حنبل سيّد الفقهاء والزهاد مادحا للبدعة غافلا عن هذا الأمر ثم يكتشفه قوم معاصرون ما بلغوا شيئا من علمه ولا علم تلاميذه، فحسبنا الله

وقد أجازه ومدحه مدحا عظيما الإمام العظيم السلفي الزاهد ثابت البناني رضي الله عنه، فقد أخرج الإمام أحمد في الزهد عن ثابت البناني قال: ((إن أهل ذكر الله ليجلسون إلى ذكر الله، واللهِ وإن عليهم من الآثام أمثال الجبال وأنهم ليقومون من ذكر الله تعالى ما عليهم منها شىء)).‏

رواه الإمام السيوطي في "نتيجة الفكر في الجهر بالذكر"

وهذان النصان عن الإمام أحمد والإمام ثابت البناني حجة عليكم وعلى مشايخكم الذين سموا هذا بدعة، وهذا كذب على الأئمة.



وهذا الاجتماع ليس بدعة بل كان ثابتا في عهده صلى الله عليه وسلم بشهادة العلماء ونصوص النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان بدعة في عصر السلف ومدحه الإمام أحمد والإمام ثابت البناني فليس بدعة محرمة، لأنهم مدحوه من القرون الفضلى.

ولو سلمنا على سبيل التنزل أن كلمة "الذكر" تطلق على مجلس العلم وتلاوة القرءان، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم ((خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما يجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده فقال انه أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة)).

فحمد الله هنا حجة قاطعة لألسنة المنكرين والمحرفين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم لأن "الحمد" هو الثناء على الله بتعظيمه وتمجيده كما تقدم في الحديث، فهو نص في أن حلق الذكر الجماعي سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.




ولزيادة الفائدة هاكم رد المحدث الحبشي الهرري على كلام الألباني متمحدث الوهابية يظهر فيه مقدار علم الألباني في علم الحديث الشريف.


قال الشيخ الهرري للألباني: "بأي سند تثبت هذا الإنكار عن عبدالله بن مسعود؟".

فقال الألباني ما نصّه: "بسند كالجبل رسوخًا وثبوتـًا, وخفاء مثله عليه -يعني شيخنا- يدل العاقل على مبلغ علم الشيخ بالآثار! فإن هذا الأثر الذي يشير حضرته إلى إنكاره ورد من ثلاثة طرق عن ابن مسعود, في ثلاثة كتب من كتب الحديث المعروفة عند أهله! لكن المحدث اليوم هو الذي درس الكتب الستة فقط أو حفظها! فليراجع فضيلة الشيخ إن شاء التحقق مما قلت كتاب "الزهد" للإمام أحمد, سنن الدارمي, حلية الأولياء, ولتمام الفائدة أذكر هنا أصح هذه الطرق سندًا ومتنـًا وهي عند الدارمي من طريق عمارة بن أبي حسن المازني, قال: كنا نجلس على باب عبدالله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد, فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ (هو ابن مسعود)..." وذكر الأثر بطوله, وورد في ءاخره: "فقال: عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الخلق يطاعوننا يوم النهروان مع الخوارج" اهـ.

ثم قال الألباني: "وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري في صحيحه غير عمارة وهو ثقة. وأعتقد أن هذا البيان كاف لإقناع الشيخ بخطئه في إنكاره ما عزوته لابن مسعود من إنكاره العد بالحصى" اهـ.


فقال حفظه الله وبارك فيه وجمعنا به في الجنة(( الشيخ الحبشي )):

"قلنا: كلامك هذا فيه أخطاء وأوهام فاحشة نبينها للقارىء ليقف على مبلغ علمك في تراجم الرجال, وأنك بعيد جدًا عن مرتبة التصحيح والتضعيف.

الوهم الأول: إن الدارمي رواه من طريق عمارة بن أبي حسن المازني, وهذا منك وهم فاحش فإن عمارة هذا ليس له ذكر في رواية الدارمي لا تلميحًا ولا تصريحًا, ومما يدل على ذلك أنه ورد التصريح باسم صاحب هذه الرواية في ءاخرها وهو عمرو بن سلمة, وورد التصريح باسمه أيضًا عند أسلم بن سهل المعروف ببحشَل في كتابه "تاريخ واسط" فقد قال ما نصّه: "ثنا علي بن الحسن بن سليمان, قال: ثنا عمر بن يحيى بن عمرو بن سملة الهمداني, قال: حدثني أبي, قال: حدثني أبي قال: كنا جلوسًا..." الأثر, فهل تطمئن النفس لما تصححه أو تضعفه بعد ذلك!؟

الوهم الثاني: قولك إن اسناد رجال الدارمي كلهم رجال البخاري غير عمارة, وهذا وهمٌ ثان يدل على أنك لا تحسن استعمال كتب الرجال, فإن في إسناد الدارمي الحكم بن المبارك الباهلي وهو ليس من رواة البخاري داخل الصحيح وإنما رَوى له البخاري في كتابه "الأدب المفرد", وهذا يعرفه ءاحاد الطلبة بدون مشقة ولا عناء بحث وتفتيش, فهل حقيقة صحت لك دراسة عشرين سنة في هذا العلم؟!! وعلى مَن؟!

الوهم الثالث: راوي هذا الأثر عن عمرو بن سلمة هو ابنه يحيى, ولكنك أبدلته براو ءاخر وهو يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني.

الوهم الرابع: إن الراوي عن يحيى بن عمرو بن سلمة هو ابنه عمرو ابن يحيى وقد جعلته من رجال البخاري لتوهمك أنه عمرو بن يحيى بن عمارة, وليس لعمرو بن يحيى بن عمرو رواية في البخاري.

الوهم الخامس: على مقتضى ما توهمتـّه يكون سند الرواية عندك هكذا: الحكم بن المبارك, عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني, عن يحيى بن عمارة, عن عمارة بن أبي حسن المازني,

فعلى حسب الرواية التي توهمتـّها يكون الحكم بن المبارك قد روى الأثر عن عمرو بن يحيى بن عمارة, لكن ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب (8/104) عن ابن عبد البر أن عمرًا هذا توفي في سنة 140 هـ, وذكر ابن حبان في "الثقات" (8/195) أن الحكم بن المبارك توفي سنة 213 هـ, فيكون بين وفاة الأول ووفاة الثاني ثلاثة وسبعون سنة, فعليك أن تثبت أولاً لقاءهما ولو مرة على شرط البخاري أو المعاصرة مع إمكان اللقاء على شرط مسلم, فإن أثبتَّ ذلك يبقى أن تثبت صحة التحمل.

فيبقى قولنا: "بأي سند تثبت هذا الإنكار عن عبد الله بن مسعود" قائمًا, ويكون ردّك على سؤالنا بقولك: "بسند كالجبل رسوخـًا وثبوتـًا, وخفاء مثله عليه يدل على مبلغ علم الشيخ بالآثار" اهـ, شاهد على شدة الغفلة التي أنتَ غارق فيها, والتي أدت بك إلى إبدال سند مكان ءاخر ووقعتَ في وهم فاحش حين زعمتَ أن بعضًا من رواته من رجال البخاري, فهل يوثق بعلمك بعد ذلك؟!

فلو كنت من المحققين البارزين في علم الحديث كما تزعم لما حصلت منك هذه الأوهام الكثيرة التي تكثر عند الصحفيين الذين يقرؤون في الكتب ولا يحرصون على الأخذ من أفواه العلماء, فلذلك يقع منهم اللحن والتصحيف والتبديل والتحريف.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...