ما معنى قوله تعالى:"وإذا سَألتُمُوهُنَّ مَتاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجَاب"الأحزاب 53.
فقال شيخنا رحمه الله:
أَزواجُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بَعدَما نزَلت آيةُ الحِجَاب، أمَرَ اللهُ تبارك وتعالى المؤمنينَ أي الرِّجال إذا سَأل أحَدٌ منهُم إحداهن مَتَاعًا(أي حَاجَةً.كما روى ذلكَ السّيوطي عن السُّدِّي في الدُّرِّ المنثور) أن يَسألهنَّ مِن وراءِ حِجاب أي أن يكون بَينَ أزواجِ رسولِ الله وبَينَ هَذا السّائلِ حِجَابٌ،سِترٌ، أمّا قبلَ نُزولِ آيةِ الحجاب كُنّ أزواجُ رسولِ الله يَظهَرْنَ للنّاس حتّى إنّه مَرّةً سيدُنا عمر والرسولُ وعائشة كانُوا يأكلونَ مِنْ إناءٍ واحِدٍ فمَسّت يَدُ عُمرَ يَدَ عائشةَ بغَيرِ عَمْدٍ فتَمنّى عُمرُ أنْ يُنزِلَ اللهُ وَحْياً بالحِجاب أي بمنع أزواجِ رسول الله مِن البُروز للناسِ كما تَبرُز النساءُ الأُخرَيات.
أزواجُ الرسولِ بعدَ أن نزلَت آيةُ الحِجاب حتى الوجه يجبُ تغطيتُه علَيهِنّ، أمّا غيرُ أزواجِ الرّسول وجههن ليسَ بعَورة إنما العورةُ هو ما سوى الوجهِ والكفّين بالنِّسبةِ إليهنّ.
س: قولُ الرسول لزَوجَتَيه اللّتَين كشَفَتا رأسَيهِما أمامَ الأعمى "أفَعَمياوان أنتُما" رواه أحمد وأبو داود والترمذي. ما معناه؟
ج: أزواج الرسولِ حتّى لَو كُنَّ بحضرة أعمَى لا يجوزُ لهنّ بعدَ نزُولِ ءايةِ الحِجاب أن يَكشِفْنَ شَيئًا مِن أجسَادِهنّ إلّا أمامَ المحارِم، هذا لأزواج الرّسول، هذا قالَهُ لزَوجتَين مِن أزواجِه، ما قالَهُ للنِّساء المؤمنات غيرِهنّ، في حديث البخاري أنّ هذا الأعمى نفسه الذي قال الرسولُ لزَوجَتيه " احتَجِبا منه " فلمّا قالَتا ألَيسَ أعمَى يا رسول الله قال:" أفَعمياوان أنتما " هذا الأعمَى نفسُه اسمه عبدُ الله بنُ أُمّ مَكتُوم، هذا الأعمَى الرّسول أَرشَدَ امرأةً وجبَت عليها العِدّة قالَ لها "اعتَدّي عند ابنِ أُمِّ مَكتوم" عندَ هذا الشّخص الأعمَى "فإنّه رَجلٌ أعمَى تضَعِينَ ثِيابَكِ عِندَهُ" رواه البيهقي والنسائي والطبراني.معناه يجوز لكِ أن تتفَرّعي عندَه لأنّه أعمَى. وهذا الحديثُ في صحيح البخاري واسمُ المرأة التي قالَ لها الرّسول أن تعتدّ عندَ هذا الأعمى فاطِمة بنتُ قَيس، هذه المرأةُ أرادَت أن تعتَدّ في بيتِ امرأةٍ يقالُ لها أمّ شَرِيك ، كما رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، فقال لها الرسولُ أمُّ شَرِيك بَيتُها يَكثُر دُخُولُ الرِّجال إليه، اعتدّي عندَ ابنِ أمّ مَكتوم فإنّهُ رجلٌ أعمَى تضَعِينَ ثِيابَكِ عِندَهُ، مَعناه يجوزُ لكَ أن تَتفَرّعي لكونِه أعمَى. أمّا لزَوجتَيه قال لهما " احتَجِبا منهُ " مِن هذا الأعمَى عينِه ليسَ شَخصًا ثانيًا.
س: ما حكمُ الذي يوجِبُه على غيرِ زَوجاتِ رسولِ الله:
ج: هَذا غَلطٌ كبِير، لا نُكفِّرُه إذا كانَ هو يظُنّ أنّ هذا حقٌ وصَواب.
في سُنن أبي داود يَذكر أنّ وجُوبَ تَغطيةِ الوجه أمامَ الأعمى وغيرِه خَاصٌ بأزواج الرّسول، وإلّا فالرّسولُ قبلَ وفاتِه بثَمانِينَ يَومًا تقريبًا، يوم عيدٍ، جاءتِ امرأةٌ شَابّةٌ جميلةٌ وقَفَت تسألُه عن مَسألَةٍ في الحجِّ بينَ ذلكَ الملأ، مائة ألفٍ كان حجّ مع الرسولِ تلكَ السّنة، ومِنى معرُوفةٌ بازدحام الحُجّاج، جاءت قبلَ الظُّهر هذه المرأة، وقتَ الضُّحى، وقَفت أمامَ رسولِ الله والرسولُ كانَ على بَعِير وخلفَه ابنُ عمّه شَابٌ جميلٌ فجَعَل يَنظُر هذا الشّابُّ إليها وهوَ حاجٌ هذا الشّابّ أيضاً وهي حَاجّةٌ، جَعَل يَنظُر إليها وهيَ جَعَلت تَنظُر إليه، أعجَبها حُسنُه وهو أعجَبهُ حُسنُها، الرسولُ صَرَف وَجْهَ ابنِ عَمّه إلى الشِّقّ الآخَر أمّا هيَ مَا قالَ لها غَطّي وجْهَك، لو كانَ أزواجُ الرّسولِ وسَائر النِّساء في حُكم تَغطيةِ الوَجهِ سَواء كما يَزعُم كثِيرٌ مِن السّوريّينَ كانَ قالَ لهذه الشّابّة أنت شَابّة جميلةٌ غَطّي وجْهكِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق