تفسير الآية أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين
قال شيخنا رحمه الله
المسلِمُ لا يُتلَقّى منه علمُ الدِّين إلا أن يكونَ ثِقةً، لَيسَ أيّ مُسلِم دَرَس العِلم يُتَلقَّى منه.
فمَا بالُ أَعداءِ الإسلام الذينَ همّهُم أن يَكيدُوا الإسلامَ بشَتّى أنواعِ المكائِد.
قوله تعالى "أفَأَنتَ تُكرِهُ النّاسَ حتى يَكونُوا مؤمنين" هذه الآيةُ تعني أن محمّدًا لا يستَطيعُ أن يُلزِمَ قلُوبَ الناسِ الإيمانَ، الرّسولُ مُكلَّفٌ بالبَيانِ والبلاغَةِ، يُبيّنُ ويُبلّغُ، بعدَ ذلكَ مَن شَاءَ الله تعالى لهُ أن يَهتديَ ببَيانِ محمّد ويَدخلَ في الإسلام اهتَدى ودَخَل في الإسلام ومَن لم يَشإ اللهُ لهُ أن يهتَديَ ببَلاغ محمّد وتَبليغِه لا يَهتَدِي، قلبُه يَظلُّ كافرًا.
لماذا أَسلَم عمّاه لسيِّدنا محمّد ولم يُسلِم الآخَران، حمزةُ والعَباس أسلَما وأبو لهب وأبو طالِب لم يُسلِما، أحَدُهُما كانَ شَديدَ العَداوةِ لهُ، وهو أبو لهب، لذلكَ أَنزَل اللهُ في ذَمّه سورةً قُرآنيةً تُتلَى إلى يومِ الدِّين لحِكمَةٍ عظِيمةٍ وهيَ أنّ الشّأنَ في التّرابُط الحقيقيّ هوَ الإيمان ليسَ النّسَب، هذا عمُّه وهذا عمُّه وذاك المؤمنانِ عَمّاه، المؤمنانِ بهدايةِ الله لقلُوبهِما اهتَدَيا، ببَيانِ محمّدٍ ومحمّدٌ هوَ السّببُ، أمّا لِلآخَرَينِ ما شاءَ اللهُ أن يَهتَدِيا ببَيانِ محمَّدٍ لكنّه ذمَّ أحدَهما بسُورةٍ قُرآنيةٍ تُتلَى إلى يومِ الدِّين تحذيرًا وتَشنِيعًا لمثلِ عمَلِه الذي كان يَعمَلُه هذا أبو لهب، الذي كانَ مِن أَشدّ الكفارِ أذًى على الرسولِ وعلى أصحابِه.
وليسَ الرسولُ هو الذي تقَوَّلَ هذا الذَّمَ تَشَفّياً منه: " تبَّتْ يَدا أبي لهَبٍ وتَبّ مَا أَغْنى عنهُ مَالُه وما كسَب" إلى آخِر السّورة.
( قال اليسوطي في الدر المنثور وأخرجَ ابنُ أبي حاتم وابنُ مَردَويه عن ابنِ عَبّاسٍ في" تَبّت يَدا أبي لهب" قال : خَسِرت، وتَبّ، قال : خَسِرَ.) قال النسفيّ في تفسيره ومعنى {وَتَبَّ} وكانَ ذلكَ وحصَل.
( قال اليسوطي في الدر المنثور وأخرجَ ابنُ أبي حاتم وابنُ مَردَويه عن ابنِ عَبّاسٍ في" تَبّت يَدا أبي لهب" قال : خَسِرت، وتَبّ، قال : خَسِرَ.) قال النسفيّ في تفسيره ومعنى {وَتَبَّ} وكانَ ذلكَ وحصَل.
قال الرازي في تفسيره فيه أقاويل أحَدُها : التَّبابُ الهلاك ، وثانيْها : تبّت خسِرَت ، وثالثُها : تَبّت خَابَت ، قال ابنُ عباس : لأنهُ كانَ يَدفَعُ القَومَ عنه بقولِه : إنّه ساحِر ، فيَنصَرِفُونَ عنهُ قَبلَ لِقائِه لأنّهُ كانَ شَيخَ القَبِيلةِ وكانَ لهُ كالأب فكانَ لا يُتّهَمُ ، فلَمّا نزَلت السّورةُ وسمع بها غضِبَ وأظهَر العَداوةَ الشّديدةَ فصار مُتَّهَمًا فلَم يُقبَلْ قولُه في الرسولِ بعدَ ذلك ، فيكونُ المعنى خَابَ سَعيُه وبَطَلَ غَرَضُه)
لحِكمَةٍ بالِغةٍ الله تعالى أَنزلَ هذِه السُّورَة، ليُنَفِّرَنا مِنَ الكُفرِ تَنفِيرًا تامًّا.
لحِكمَةٍ بالِغةٍ الله تعالى أَنزلَ هذِه السُّورَة، ليُنَفِّرَنا مِنَ الكُفرِ تَنفِيرًا تامًّا.
بَعضُ النّاسِ الذينَ لا حَظّ لهم في دِينِ الله مِنَ الذينَ لبَّسَ علَيهِمُ الشّيطان يَفتَرُونَ على رسولِ الله حَديثًا مَا لهُ أسَاس ولا أَصل يقولُونَ إنّ الرسولَ وجَدَ شَخصًا يُرَدِّدُ سُورَةَ تَبَّت يَدَا، فقَال لا تَسُوؤني في عَمّي، هذا الافتراءُ هوَ مِنَ الافتراء الذي هُو مِن نَوع الكُفر، سمعتُ هذا الافتراء مِن شَخصٍ يَسكُنُ المدينةَ المنَوّرة.
لا يُقدِّسُ المرء مُقَامُه ببَلدٍ طَاهِرٍ شَريف إنما يُقدّسُ المرءَ إيمانُه وتَقواه، كثيرٌ مِنَ الناس يَعيشُونَ بالمدينة وعلى قلُوبهِم أَقفَالها، ما فتَح اللهُ قلُوبَهُم لمعرفةِ الحقِّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق