ما حكم من أحل الاستماع إلى الآلات المطربة؟
أما إن اعتقَدَ أنّ هذا الحديثَ غيرُ ثابِت عن رسولِ الله أو أنّهُ مَنسُوخٌ أو لهُ تأويلٌ أو نحو ذلكَ فقال بحِلّ الاستماع إلى هذه الآلاتِ فلا يكفُر. وعلى هذا يُحمَلُ كَلامُ سِتّةٍ مِن كِبار السّلَف وبَعضِ الشّافعِيّة والحنفِيّة الذين قالوا بجواز الاستِماع إلى هذه الآلاتِ.
والمزمار الذي يُنفَخ فيه أنواعٌ منهُ ما هوَ قصَبَة ضيّقَةُ الرّأس متّسِعَةُ الآخِر يُزمَّر بها في المواكِب والحرُوب على وَجه مُطرِب ومنها ما هيَ قَصَبة مثلُ الأولى يُجعَلُ في أسفَلِها قِطعة نُحاس مُعوَجّة يُزمَّر بها في أعراسِ البَوادي. ومثلُ ذلك ما أشبهَه منَ المسائل، فمَن قالَ مَثلا بصِحّةِ حديث "لا نِكاحَ إلا بوليّ" ليسَ لهُ بعدَ ذلك أن يقولَ بخلافِ ذلكَ (رواه ابن أبى شيبة، والضياء، وأحمد، وأبو داود، والترمذى، وابن ماجه، وابن حبان، والطبرانى، والحاكم، والبيهقى عن أبى موسى. [وابن ماجه عن ابن عباس وعائشة] أمّا إن اعتقَد أنّ هذا الحديثَ لم يصحّ عن رسولِ الله أو أنّهُ منسُوخ أو لهُ تأويل فاعتقَد بصِحّة العقدِ مِن غيرِ وليّ كما هو مذهَبُ أبي حَنيفة فلا ضَرَر عليه في العقيدةِ إنما الضّررُ أنْ يعتقدَ أنّ الرسولَ قال كذا ثم يقول بخِلافه. وهذا الحديثُ بعضُ المحدّثين قالوا ما صحّ عن رسول الله وبعضُهم صحّحُوه.
الحاصلُ مَن اعتقَد أنّ الرّسولَ حَرّم شيئا ما دامَ معتقدًا أنّ الرسولَ حرّمَه لا سبيلَ له أن يأخذَ بقَول مجتَهِد قالَ بخِلاف ذلك،أمّا إن قالَ إنّ هذا الإمامَ أخَذَ هذا الحُكمَ مِن حديثٍ ءاخرَ ولا يَفهَمُ التّعارضَ أو قال إنّ الحديثَ لهُ تأويلٌ فأخَذ بقولِ هذا المجتَهد فلا يَكفر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق