قال سبحانه وتعالى : واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون...
الله سبحانه وتعالى خلقنا في هذه الدنيا وأمرنا بطاعته والثبات على دينه الى الممات. خلقنا في هذه الدنيا لنؤمَر بالخيرات والطاعات فمن عمل بذلك وثبت عليه الى الممات فقد نجا وفاز بالثواب والحسنات, وإلا فأن عذاب الله شديد لمن كفر او فسق او فجر. هذه الدنيا ليست هي الآخر وهذه الدنيا ليست هي منتهى الأمر, هذه الدنيا ليست هي الجنة, وانما هذه الدنيا زوال, والله محول الأحوال, هذه الدنيا ساعة. اجعلها طاعة. النفس طماعة , عودها القناعة.
الموت يعمنا جميعاً فلنتقِ الله ولنستعد للآخرة قبل فوات الأوان . لا تنغر بهذه الدنيا لا تنفتن لا تنغش الدنيا غرارة فتانة خائنة كذابة تضحك على أهلها, من مال اليها بُلي فيها ومن مال عنها سلم منها .
هي كالحية لين لمسها قاتل سُمها لذاتها سريعة الزوال وأيامها تمضي كالخيال , فاشتغل فيها بطاعة الله ولا تغفل عن محاسبة نفسك , لِدوا للموت وابنوا للخراب, فكلنا يصير الى التراب تأهب للذي لا بد منه فالموت ميقات العباد. والمال يجمع للنفاذ, أترضى ان تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بلا زاد؟ من دخل القبر بلا زاد . كان كمن ركب البحر بلا سفينة.
حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزِنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم وتزينوا ليوم العرض الاكبر, يوم لا تخفى منكم خافية. من اطاع الله وهو يبكي . ادخله الله الجنة وهو يضحك, ومن عصى الله وهو يضحك ادخله الله النار وهو يبكي
. ويروى عن سيدنا عيسى عليه السلام انه قال: وكم من بدن صحيح ووجه صبيح ولسان فصيح غدا من النار في جهنم يصيح.. هذه الدنيا ليست هي الآخرة بل انتبه واحذر واعمل بما قاله الحسن البصري: الدنيا كالراحلة . ان ركبتها حملتك وان ركبتك قتلتك . كم من أُناسٍ قتلتهم الدنيا, كم من أُناسٍ اهلكتهم الدنيا, كم من أُناسٍ دكت أعناقهم وقسمت ظهورهم, كم من أُناسٍ خسروا الدنيا والآخرة في طلبهم لهذه الدنيا , كم من أُناسٍ لأجلها ولأجل المال كفروا بالله وماتوا على الكفر وكانوا خالدين مخلدين في النار, العاقل الذكي هو الذي يثبت على الايمان هو الذي يثبت على الاسلام الى ان يخرج من الدنيا , فالدنيا هذه لا تساوي عند الله جناح بعوضة كما قال عليه الصلاة والسلام
. فلا تنفتنوا بها ولا تنخدعوا بها , هذه المقابر منكم قريبة , فاعتبروا واتعظوا بمن فيها, بمن تحت التراب , كانوا على هذه الأرض كانوا يأكلون ويشربون . كان معهم المال ولهم الأولاد والاهل كانوا كما نحن اليوم , فهاهم تحت التراب, منهم في هناء ونعيم , ومنهم في ويلات وجحيم . منهم في سعة ونعيم وفرح, ومنهم في ضيق وعذاب . الكثير لا يروا ولا يسمعوا ما يحصل في القبر لكن من الناس من اسمعهم الله , من الناس من اراهم الله, كشف لهم فسمعوا ورأوا . وهذا يؤكد صدق الاسلام .
ايها الأحبة من اعترض على الله , من شبه الله بخلقه . من اعتقد في الله ان مشيئته تتغير في النصف من شعبان او في رمضان , من اعتقد في الله انه يغير مشيئته . بدعوة داعٍ او بصدقة متصدق , لا يكون من المسلمين, من اعتقد في الله انه قاعد في السماء او جالس على العرش.
او انه كالضوء او الغيوم او الهواء او الروح او الماء او النار, او انه يشبه الملائكة او انه بحجم السماء أو اوسع أو بقدر السماء أو العرش أو اكبر. لا يكون من المسلمين . من اعتقد في الله الكمية الجسمية الحجمية الجلوس القعود التغير التطور التبدل الحركة السكون الانفعال الاحساس الشعور لا يكون من المسلمين . لأنه كذب قول الله , ليس كمثله شئ . الله لا شبيه له ولا مثيل . موجود بلا مكان . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : كان الله ولم يكن شيء غيره . وكما قال سيدنا علي رضي الله عنه : كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان. وقال رضي الله عنه : سيرجع قوم من هذه الأمة عند اقتراب الساعة كفاراً . قال رجل : يا أمير المؤمنين : كفرهم بالإنكار ام بالإحداث , فقال علي رضي الله عنه : بل بالإنكار, ينكرون خالقهم فيصفونه بالجسم والأعضاء . وقال الشافعي رضي الله عنه المجسم كافرٌ. وقال من اعتقد ان الله جالس على العرش فهو كافر.
فمن وقع في أي كفرية من الكفريات مازحاً كان او غاضباً خرج من الإسلام ولا يعود اليه الا بالشهادين , وليس بقول استغفر الله . فمن سمعتموه كفر غاضبا كان او لاعبا او مازحا . عند المصيبة في الشدة او في الرخاء . قولوا له خرجت من الإسلام وليس شرطاً ان تكون ناوياً او قاصداً او معتقداً ما دمت تفهم معنى اللفظ وهو كفر صريح . خرجت به من الإسلام وعليك ان ترجع الى الاسلام بالشهادتين.
قولوا لمن سمعتم منه الكفر , نخاف عليك من النار, نخاف عليك من جهنم . تشهد لترجع للإسلام , وبعد الشهادتين بعدما ينطق بعد ما يقول يعني ان تشهد ثم بعد ذلك ان قال استغفر الله ينفعه . اما من غير النطق بالشهادتين لا يرجع للإسلام لو قال مئة الف مرة استغفر الله , بل يزداد بذلك كفراً وضلالاً. لأنه بقوله هذا كأنه يقول: يا رب اغفر لي ما انا عليه من الكفر من غير ان اتشهد من غير ان ادخل في الإسلام . فيكون بذلك ازداد كفرا وضلالاً . اذن كيف يكون رجوعه للإسلام , بالشهادتين وليس بقول استغفر الله.
ايها الأحبة استعدوا وتزينوا بالطاعات والأعمال الصالحة . هلموا الى حضور مجالس العلم . هلموا الى المساجد والخيرات . فالدنيا ساعة اجعلها طاعة والنفس طماعة عودها القناعة . والموت منا قريب والرب علينا رقيب وجهنم قعرها بعيد وحرها شديد والموت يعمنا والقبر يضمنا والى الله مرجعنا . ونختم هذا الدرس بأفضل الكلام قولوها بأعلى اصواتكم في بيوتكم في أهلكم في عملكم . أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله اعيدوها وبأعلى اصواتكم قولوها لا تخجلوا منها. تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال . والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق