فوائد مهمة حول أسماء الله تعالى وصفاته
أسماءُ الله الحسنى يقالُ لها صفاتُ الله ويقالُ لها أسماءُ الله إلَّا لفظَ الجلالة.
لفظُ الجلالةِ لا يقالُ له صفةُ الله.
ثمَّ إنَّ أسماءَ الله تعالى قِسْمَانِ: قِسْمٌ لا يُسَمَّى به غيرُه وقِسْمٌ يُسَمَّى به غيرُه.
اللـهُ والإلـٰـهُ والرحمٰنُ والقُدُّوسُ والخالقُ والبارئُ والرَّازِقُ والرَّزَّاقُ ومالكُ المُلْكِ وذو الجلالِ والإكرامِ والمُحْيي والمميتُ لا يُسَمَّى بهذه الأسماء إلَّا الله.
أمَّا أكثرُ الأسماء فيُسَمَّى بها غيرُ الله أيضًا، فيجُوزُ أنْ يُسَمِّيَ الشخصُ ابنَه رحيمًا والمَلِكُ كذلك، والسَّلامُ كذلك.
وأسماءُ الله الحسنى التسعةُ والتسعونَ مَنْ حَفِظَهَا وءامَنَ بها وفَهِمَ معناها فالجَنَّةُ مضمونةٌ له.
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"إنَّ لله تسعةً وتسعينَ اسمًا، مِائَةً إلَّا واحدًا، مَنْ أحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ"
رواه البخاريُّ ومسلم.
ولله أسماءٌ غيرُ هذه المذكورةِ في حديثِ البخاريِّ ومسلمٍ ولكنْ ليس لها هذه الفضيلةُ التي هي للأسماء التسعةِ والتسعين. وأسماءُ الله الحسنى بأيِّ لغةٍ كُتِبَتْ يجبُ احترامُها.
الله تعالى مستغنٍ عن كُلِّ شيء، وكُلُّ شيء مُحتاجٌ إليه، فيَقْصِدُهُ العِبادُ عندَ الشِّدَّة.
هذا هو معنى الصَّمَد. وهكذا نُفَسِّرُه. والصَّمَدُ، في اللُّغَة، هو السَّـيِّدُ المقصود.
الشَّخْصُ الذي هو سَيِّدٌ أيْ عالي القَدْرِ في النَّاسِ معتبَر فيهم يُسَمَّى في اللُّغَةِ صَمَدًا .
لذلكَ فالصَّمَدُ ليس من أسماء الله الخاصَّةِ بهِ بل يجوزُ تسميةُ غيرِه به.
فإذا إنسانٌ سَمَّى ابنَه الصَّمَدَ فليسَ حرامًا.
يجوزُ تسميةُ إنسان الرَّحيم. رحيم أو الرَّحيم إذا سُمِّيَ به إنسانٌ يجوز.
كذلكَ الرَّؤُوفُ أو الكريم أو المؤمن.
ولقد انتَشَرَ في دعاء المسلمين قولهُم: "يا مُسَبِّبَ الأسباب".
معناه إنَّ الله هو وحدَه الذي يخلقُ المُسَبَّبَ عندَ وجود السَّبَب. فالله وحدَه خالقُ الأسباب ومُسَـبَّبَاتِها. إذا شاء الله حصولَ شيء إثْرَ مزاولةِ المخلوقِ لشيءٍ حَصَلَ لا محالةَ. ولا يحصلُ إذا لم يشأْه الله.
يَقَعُ في مُؤَلَّفَاتِ بعضِ العلماء قولُهم: "رَبُّ الأرباب"، يعنُون بذلكَ أنَّ الله هو مالكُ المُلَّاك وهذا صحيح.
ولقد وَرَدَ في (صحيحِ مسلم) ما نصُّه: "بابُ تحريمِ التسمِّي بمَلِكِ الأملاكِ وبمَلِكِ الملوك" اهـ.
الرَّبُّ، باللام، اسمٌ من أسماء الله تعالى. ولا يُطْلَقُ لغيرِ الله عَزَّ وجَلَّ. ولا يقالُ في غيرِه إلَّا بالإضافة. فيَصِحُّ أنْ يقالَ فُلانٌ رَبُّ البيتِ وفلانةُ رَبَّةُ الدَّارِ إذا كانَ المقصودُ منه صاحبَ البيتِ ومالكَه. وأمَّا الرَّبُّ من دونِ إضافةٍ أو رَبُّ العالمين فلا يقالُ إلَّا لله.
الله سبحانه وتعالى ذو الطَّوْل، بفتحِ الطَّاء، أيْ ذو الفَضْلِ. يا ذا الطَّوْل يا الله معناه يا ذا الفضلِ يا الله. ولا يقالُ يا ذا الطُّولِ يا الله، بضَمِّ الطَّاء، لأنَّ الطُّول، بضَمِّ الطَّاء، مُقَابِلُ العَرْضِ، والله لا يُوصَفُ بالطُّولِ كما لا يُوصَفُ بالعَرْضِ.
وَرَدَ في تَعْدَادِ أسماء الله الحسنى في غيرِ الرِّواية المشهورة: الحَنَّانُ والمَنَّان.
قولُنا لله تعالى يا حَنَّانُ معناه يا ذا الحَنانِ أي يا ذا الرَّحمة. الله هو الحَنَّانُ أي هو الذي يَحِنُّ على عبادِه أي هو الذي يرحمُهم. أما قولُنا لله تعالى يا مَنَّانُ فمعناهُ يا ذا المَنِّ أي يا ذا الإنعام .
فهو الذي يمُنُّ على عبادِه أي يُنْعِمُ عليهم.
قولُ بعضِ النَّاس: "الله يُشْفِقُ عليك" إنْ كانوا يفهمونَ منه الرَّحمةَ فلا إثمَ فيه، لكنَّه لفظٌ قبيح.
وذلكَ لأنَّ الشَّفَقَةَ هيَ الرَّحمةُ التي تُخْلَقُ في قلب العبد. الإنسانُ يقالُ في حَقِّهُ يَرْحَمُ وَيَعْطِفُ ويَحِنُّ ويَرْفُقُ ويَرْأَفُ ويُشْفِقُ. والله تعالى يُقالُ في حَقِّهِ يَرْحَمُ ويَرْفُقُ ويَرْأَفُ ويَحِنُّ على. ولا يقالُ يُشْفِق.
فيجوزُ أنْ يقالَ في الله تعالى إنه رفيقٌ بمعنى رحيمٌ.
وقال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أيضًا: "إنَّ الله رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأمرِ كُلِّهِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ في (صحيحه). الرَّسُولُ يقولُ هذا من باب الوَصْفِ. يَصِفُ الله بأنه رفيق.ولا يقولُ هذا من باب تسمية الله بالرَّفيق.
فلا يقالُ إنَّ الرَّفيقَ اسمٌ من أسماء الله. فلا يَصِحُّ أنْ يُسَمِّيَ الشَّخْصُ ابنَه عبدَ الرَّفيقِ مَثَلًا. الرَّفيقُ ليسَ إسمًا من أسماء الله
وعن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "لا يدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كانَ في قلبهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ منْ كِبْرٍ".
فقال له رَجُلٌ: "يا رسولَ الله إنَّ الرَّجُلَ يحبُّ أنْ يكونَ ثوبُه حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً". فقالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلام: "إنَّ الله جميلٌ يحِبُّ الجمالَ. الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ الناس". رَوَاهُ الإمامُ مسلمٌ في (صحيحه).
قولُ رسولِ الله: "إنَّ الله جميلٌ يحِبُّ الجمال" معناه الموصوفُ بالصِّفَاتِ الجميلة، أي قدرتُه كاملةٌ وعِلْمُهُ كاملٌ وإرادتُه شاملةٌ كاملة. يحبُّ من عبدِه حُسْنَ الحال وحُسْنَ الخُلُقِ، ويُحِبُّ من عبدِه أيضًا نظافةَ البَدَنِ والثياب. الرَّسُولُ يقولُ هذا من باب الوصف. يصفُ الله بأنه جميل. ولا يقولُ هذا من باب تسمية الله بالجميل. فلا يقالُ إنَّ الجميلَ اسمٌ من أسماء الله. فلا يَصِحُّ أنْ يُسَمِّيَ الشَّخصُ ابنَه عبدَ الجميلِ مَثَلًا. الجميلُ ليسَ اسمًا من أسماء الله
التسميةُ بالقَيُّومِ لا تجوزُ إلَّا لله. القَيُّومُ معناه الدَّائِمُ الذي لا يزول. وقيل معناه القائمُ بتدبيرِ خَلْقهِ لأنَّ تدبيرَ جميعِ الأشياء لا يَكُونُ إلَّا لله. وأمَّا الملائكةُ الذينَ وَصَفَهُمُ الله بقولهِ: {فالمدبِّراتِ أمرًا} [النازعات/5]فإنما يُدَبِّرُونَ في أمورٍ خَاصَّةٍ كالمَطَرِ والرِّيحِ والنباتِ وأشياءَ أخرَى وليسَ في كُلِّ شيء. وقال بعضُ العلماء: "القَيُّومُ هو القائمُ بنفسهِ الذي لا يحتاجُ إلى غيرِه".
يجوزُ أنْ يقالَ يا عظيمَ الجاه يا الله. الجاهُ يُضَافُ إلى الله تعالى على المعنى الذي يَلِيقُ بالله وليس على المعنى الذي يكونُ للمخلوق. والشَّرَفُ أيضًا يُضَافُ إلى الله على المعنى الذي يَلِيقُ بالله وليس على المعنى الذي يكونُ للمخلوق. فالمؤمنُ إذا قال: "وشَرَفِ الله" فإنه يعني به: "وعَظَمَةِ الله".
الشَّرَفُ معناه العَظَمَةُ. فإذا قال قائلٌ أُقْسِمُ بشرفِ الله فليسَ فيه ضَرَرٌ. لأنَّ معنى شَرَفِ الله عَظَمَةُ الله. أمَّا في لغةِ أهلِ بعضِ البلاد فالشَّرَفُ من صفاتِ المخلوق. يفهمونَ منه معنًى خاصًّا بالمخلوقِ قائمًا به. فالذي يَفْهُمُ من كلمةِ الشَّرَفِ معنًى خاصًّا بالمخلوقِ ومَعَ ذلكَ يقولُ وَشَرَفِ الله فقد كَفَر. لكنْ في لغةِ العَرَبِ إذا قيل شَرَفُ الله فهو كلامٌ صحيح. معناه عَظَمَةُ الله. شَرَفُ الله معناه عَظَمَةُ الله. هكذا هو في أصلِ اللُّغَةِ.
وَرَدَ في [(مسند الإمام أحمد)/باقي مسندِ المُكْثِرِين] عن رسول الله أنه قال:
"اللَّهُمَّ لكَ الشَّرَفُ على كُلِّ شَرَفٍ ولَكَ الحَمْدُ على كُلِّ حَمْدٍ".
.
وأَمَّا مَنْ قال شَرَفُ الله على معنى العِرْضِ فهذا كُفْرٌ. إذا قيلَ شَرَفُ الله أعظمُ من كُلِّ شَرَفٍ فإنَّ المعنى صحيح. معناه عَظَمَةُ الله أعظمُ من عَظَمَةِ كُلِّ ما سوَى الله. كذلكَ قولُنا جاهُ الله معناه عَظَمَةُ الله. وهذا أيضًا ما فيه ضَرَرٌ
والله سبحانه وتعالى أعلمُ وأحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق