بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 يوليو 2018

مُقَارَنَةٌ عِلْمِيَّةٌ فيهَا بَيَانُ أَنَّ ادِّعَياءَ السَّلَفِيَّةِ نُفَاةَ التَّوَسُّلِ انْتِسَابُهُمْ لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ زُورٌ وَبُهْتَانٌ 2

بسم الله الرحمن الرحيم



مُقَارَنَةٌ عِلْمِيَّةٌ فيهَا بَيَانُ أَنَّ أدعياء السَّلَفِيَّةِ نُفَاةَ التَّوَسُّلِ انْتِسَابُهُمْ لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ زُورٌ وَبُهْتَانٌ (2)



2- أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجَوِّزُ التَّأويلَ الَّذي هُوَ مُوَافقٌ لِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ لذلك أَوَّلَ قَوْلَهُ تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا . قال: "جَاءَ أَمْرُهُ"، وَ في رِوايةٍ: "جَاءَتْ قُدْرَتُهُ"، معناهُ اللهُ يُظهِرُ يومَ القيامةِ أهوالاً عَظيمةً، هِيَ ءاثارُ قُدرةِ الله، وَلَوْ كَانَ الإمَامُ أَحْمَدُ مُجَسِّمًا كَأَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ في هَذَا الزَّمَانِ لَمَا أَوَّلَ الآيَةَ وَلَكَانَ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا. أمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِياءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَقُولُونَ: "التَّأويلُ تَعْطِيلٌ" اهـ والتَّعْطِيلُ هُوَ نَفيُ وُجُودِ اللهِ تعالى أَوْ صِفَاتهِ فَيَكُونُونَ بِذَلِكَ حَكَمُوا عَلَى أَحْمَدَ بِالْكُفْرِ لأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مُعَطِّلاً، فَكَيْفَ بَعْدَ ذَلِكَ يَدَّعُونَ الانْتِسَابَ إِلَيْهِ. وقد حصلَ لِمُفْتي الْمُجَسِّمَةِ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ الَّذِي مَاتَ في هذا العَصْرِ وَهُوَ أعْمَى البَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقَالَ لَهُ: "أَنتَ ضِدُّ التَّأويلِ وتُضَلِّلُ منْ يُؤَوِّلُ فَمَا تَقُولُ في قَوْلِهِ تعالى: وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا. فَإِنْ أَوَّلْتَ هذا فَقَدْ وَقَعْتَ فيمَا حَرَّمتَ وإنْ تَرَكتَ الآيةَ على ظَاهِرِهَا فقدْ حكمْتَ على نَفْسِكَ بِأنَّكَ كَمَا أَنْتَ في هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنيا أَعْمَى فَأَنْتَ في الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبيلاً، فَلَمْ يَجِدْ هَذَا الْمُشَبِّهُ جَوَابًا وَمَا كَانَ مِنْهُ إلاَّ أنْ شتَمَهُ وأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ.

3- أحمدُ بنُ حنبلٍ يُنزِّهُ الله عنْ أَنْ يَكُونَ مُتَصَوَّرًا، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبَالِكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلِكَ"، رَوَاهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيميُّ الْحَنْبَليُّ في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى اعتقادُ الإِمامِ الْمُبَجَّلِ أحمدَ بنِ حَنبلٍ، وَقَوْلُهُ هَذَا مَأخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: "لا فِكْرَةَ في الرَّبِّ" رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الأَنْصَارِيُّ، وَمِنْ قَوْلِهِ تعالى : وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى . [سورة النَّجم، 42] قَالَ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَةِ: "إِلَيْهِ يَنْتَهي فِكْرُ مَنْ تَفَكَّرَ فَلا تَصِلُ إِلَيْهِ أَفْكَارُ الْعِبَادِ" اهـ. أَمَّا الْمُجَسِمةُ أدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فيقولونَ: "لاَ نَعْبُدُ شَيْئًا لاَ نَتَصَوَّرُهُ".

4- أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجيزُ التَّبرُّكَ بِقَبْرِ النَّبِيِّ وَمِنْبَرِهِ وآثَارِهِ، فقد سُئِلَ: "عنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ مِنبرَ النَّبيِّ وَيَتَبَرَّكُ بِمَسِّهِ وَيُقَبِّلُهُ ويَفْعَلُ بالقبرِ مِثْلَ ذلكَ أو نَحْوَ هذا يُريدُ بِذلكَ التَّقرُّبَ إلى اللهِ جَلَّ وعزَّ" فَقَالَ أَحْمَدُ: "لا بأْسَ بذلكَ" رواه عنهُ ابنهُ عبدُ اللهِ في كِتَابِ "العِلَلِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ" الجزءِ الثاني صحيفةَ (35) خَمْس وَثَلاثِينَ مَسْأَلةُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ (250)، كما أنَّ أَحْمَدَ كَانَ يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ شَعَرِ النَّبيِّ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَقُولُونَ: "التَّبَرُّكُ شِركٌ" وَيَعْتَبِرُونَ التَّمَسُّحَ بِقَبْرِ النَّبيِّ وتَقْبيْلَهُ شِرْكٌ حَتَّى قَالَ ابنُ تَيْمِيةَ: (اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لا يُقبّلُهُ ولا يَتَمَسَّحُ بهِ فإنَّهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالشِّرْكُ لا يَغْفِرُهُ اللهُ وَلَوْ كَانَ أَصْغَر) اهـ وَهَذَا دَأبُهُ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ قَوْلاً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ "اتَّفَقُوا" أَوْ "أَجْمَعُوا" وَلا يَذْكُر اسْمَ عَالِمٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ بَاحِثٍ وَمُحَقِّقٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ والعدل يَعْرِفُ باعَهُ في التَّدْلِيسِ وَالافْتِرَاءِ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَديثِ وَأَعْلامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابعين.

5- أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجيزُ التَّوسُّلَ بِالنَّبِيِّ وَالصَّالِحينَ، فَهَا هُوَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ في مَنْسِكِهِ الَّذِي كَتَبَهُ للْمَِرْوَذِيِّ: "إِنَّهَ يَتَوَسَّلُ بالنَّبيِّ في دُعائِهِ – يَعْني أنَّ الْمُسْتَسْقِيَ يُسَنُّ لهُ في اسْتِسقائِهِ أَن يَتَوَسَّلَ بالنَّبيِّ" اهـ. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ يقولونَ: "نداءُ غيرِ الحيِّ الْحَاضِرِ شِرْكٌ" كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ في كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِهِمْ وَيُكَفِّرُون الْمُتَوَسِّلِينَ بِالأَنبياءِ وَالصَّالِحِينَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...