بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 أغسطس 2018

مـا عـَـلـِــــــــــمَ كـــــــونـه فـقــــــــد شـــــــــــــــاء كـــــــونـه

مـا عـَـلـِــــــــــمَ كـــــــونـه فـقــــــــد شـــــــــــــــاء كـــــــونـه


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبيِّ المصطــفـى وءاله الشرفا واصحابه اقمار الدجــى وبعـــد
اللهم ارزقنا الإخــــــــــلاص في النيـَّــة والقــول والعمل

قـال الله تعـالــى ( لا يُـكـَـلـِّـف الله نفسـًا إلا وُسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت )
هـذه الايـة الكريـمـة فـيـها تـرغـيبٌ وتـرهِـــيـبٌ أي لــهـا ثـــواب ما كـسـبـت من الخـــير ، وعـليـهـا وزر مـا اكـتـسَبَـت من الشـــرّ وفي الاية لها - وعليها ،
على الفعلين ليفيد أن ذلك لها لا لغـيـرهـا ، وعـليـهـا لا عـلى غــيـرها

قـال الله تعـالـى ( وخلـَـقَ كـلَّ شـــىء فـقـدَّرَهُ تـقــــديـــــرًا )

ويقـول ســبـحـانــه ( ونفــسٍ ومـا سَــوَّاهـا فـألهـَــمَــهـا فـُـجـورَهـا وتـقـــواهـــا )
المعـنـى أنَّ كلَّ مـا يَـعْـمَـلُ العــبادُ من حركات وسكنات حتى النوايــــــــــــا والقصــود تكون عـلى حـسَـب مشيـئـةِ اللهِ الأزليـَّـةِ وعِـلـْــمِـهِ وتقـــديــرهِ
ثم جــزاؤهـم على الحسنات الثـــــواب وعـلى السَّــيـِّــئـات العِـقـاب فاللهُ تبارك وتعـالى هـو الذي يُـلـهـِــمُ النفـــوسَ فجـورَها وتقـــواها ،
أي أنه لا يكون شــــىءٌ من أعمال العِــبـادِ خيــرهـا شـَــرِّهــا الاَّ بـخـلـْــقِ اللهِ تعـالى فـيهـم ذلك
فإذن كـل أعـمال العِــبـاد خـَــلـقٌ لله تعـالـى وكـسْــبٌ للعِـــبـاد ،
أي نحن نـُــوَجـِّــهُ إلـيـها القـَـصْـــدَ والإرادَةَ والقـُـــدْرَةَ التـي هـي حادِثـةٌ مخلــوقـة فيــنا،
وأمـَّـا حصــولُ ذلك الشـــىءِ ووجـُــودُهُ فهــــــــــــــــو بخـــــــلـْـــقِ اللهِ ،

قـال تعـــالـــى ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت )
والمعـــنـى أنَّ العِــبـادَ يُــثـابــون عـلى كسـبـهـِــم للحسـنات ويُـعـاقـــبـون عـلى كســـبــهـم للسـيـِّـــئـات
فـــإثــابــةُ الطـــائــعــيـنَ فــضـْــلٌ مــنَ اللهِ وعِـــقــابُ العــاصــــيـن عَــــــــــــــــــــدْلٌ مِــنَ الله تعــالــى
فـــإنْ قــال قـــــــــــائــلٌ : اذا كـان اللهُ شـــاءَ لـَـــنـا أنْ نـفـــعـلَ كــــذا مِـن الكـُــفــر والمعــاصــــــــي فمــاذا نـفــعـــل ؟؟؟

فالجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوابُ أنْ يُــــقـالَ :
المُـستـقــبَــلُ غـَـــيـبٌ عـَــنـَّــا، مـا بعـــد هــذه اللحــظــة غــيـبٌ عـــنـَّـا
والذي عـلــيـنا أن نــسـعى لأنْ نــكــونَ قـائمــيـن بحــقـــوق اللهِ تعـالـى وحقـــوق عِــبـادِهِ التــي أمرنــــــــــــا بــهـا ،
ونـعـتـَـقِـــدُ فــي الـوقــتِ نـفــسـِــهِ أنـــــهُ إنْ كـانَ اللهُ عَــلِـــمَ وشـــاءَ أنـَّــنا نـســعـى للخــيـرات كان ذلك عــلامــة عـلى أنـّـــنا
مِـن الذيــن شـــاءَ اللهُ لـهـم أنْ يـكــونــوا مـن أهـــل النـعـــيــم المُــقــيـم فـــي الآخـِــــرَةِ ،
وإنْ لــم يَـتـَـيَــسَّــرَ لــنا ذلــــك فـلا نـكـونُ مــن اؤلـــئــك فـلا نســتحـِـــقُ ذلــك بـل نـخـشــى أنْ نــكـــونَ
مـن الـذيـن أرادَ اللهُ بـِـهِـــم أنْ يـــكــونــوا مِـنْ أهــل العـَــذاب المُــقــيـم ،
كـما أنَّ الانــســانَ يَـبْـــذرُ البـَــذرَ وهـو لا يَـعْــلـَــمُ عِــلْـــمَ يَــقــيـن أنـهُ يُــدْركُ مَـحصــولَ هــذا الــزرعِ
فـــإمـَّــا أنْ يـمــوتَ قــبْــلـَــهُ وإمـَّــا أنْ تـَـحْــدُثَ ءَافــــةٌ وعـاهـَــةٌ لـهـذا البـِـــــذرِ
فـَـتـُـتـْــلـِــفـَــهُ وتـُـفـْــسِـــدَهُ فـلا يـُــدركُ الإنـتـفــاعَ بــهـــذا الـــزرع ، إنــمَّـا نــشـْــرَعُ فـيــهِ عـلى الأمـــل
أي عـلى إحـْــتـِــمــالِ أنـَّــنا نـَـعـيــشُ حــتـى يَـنـْــبُــتَ هـــذا البــــذر ونـُــدركـَــهُ
فـَـيَـصــيرٌ حـَــبـًّـا قـــوتــًـا أو ثِــمــارًا يُــنـْـتـَــفـَـعُ بــهـا ، كـــذلك أحَــدُنــا إذا أصـــيـبَ بـمَـرَضٍ يـَـتـَــداوى عـلى الأمــل
لا يَـقــطـَــعُ بـــأنـَّــهُ يـَــتـَـعــافـى بـهــذا الــدَّواء بــل يـَــقـولُ يَـحْــتـَــمِــلُ أنْ أتـعـافـــى بــهِ ، وهــــــــــــــــــــــــذهِ أمــــــــــورُ الآخـــــــــرَةِ كــــــــــذلــك .

عــواقِـــبُ الأمــور عــنـَّـا مَــســتـورةٌ مَـحْــجـوبَــةٌ إنــمَّـا نـَـعـلـَــمُ مـا حَصَـلَ قــبـل هـــذا فـنـقــولُ هــذا حـصـَـلَ بـمَـشــيـئَــةِ اللهِ
أمـَّــا مـــا لــــمْ يـَــقـَـــع بَـعـْــدُ فـــإنـَّـهُ غـــيـبٌ عــنـَّـا ،
وكـــمـا لا يَـجــوز للإنــســان أنْ يَـقــعُــدَ ويَــقــولُ مـا قـَــدَّرَ اللهُ تعــــالــى لا بـُــــدَّ أنْ يَـصِـــلَ إلـــى جـــوفـــي
ولا يَــسـعـى بــوَجـْــهٍ مــنَ الوجـــوهِ فـي طـَـلـَــبِ القـُـــوتِ بــل يُــعَــرِّضُ نـفــسَــهُ لِـلــتـَّــلـَــفِ بــالجوع
كــذلـك لا يَــجــوزُ أنْ يَــقــولَ الإنــســانُ أنــا إنْ كــانَ اللهُ كـَــتـَــبَ أنــي سَــعــيـدٌ لا بُــدَّ أنْ أكــونَ سـَــعـــيـــدًا
وإنْ كــانَ كـَـتـَــبَ لــي غــــيـرَ ذلـــك لا أكـــونُ سـَــعـــيدًا
ثــمَّ يـَــقــعُـــدُ مِــنْ غـــيـر أنْ يَـــســـعـى لأنْ يـــــكــونَ مـن أهْـــلِ النـَّــجـــــــــــاة .

ثـــــمَّ يُــقـــالُ : فِــعْــلُ اللهِ لا يُــقـاسُ عــلى فـعــل المَــخـــلـوق ، أمَــامَـــنـا أمْـــرٌ يُـــوافِـــقُ عـليــهِ المُــؤمـــنُ والمُــلــحِـــدُ وذلك الإنــتِــفــاعُ بــهـــذهِ البـــهـائـــم ،
هــذهِ البــهائــمُ خـَــلـْــقٌ كـــما أنـَّــنا خـَــلْــــقٌ ، هــي تـَـحِــسُّ باللـَّــذةِ والألـَـــمِ كــما أنـَّــنا نـُــحِــــــسُّ باللـَّـــذةِ ،
فـَــهَــل يَـعـتـَــرضُ أحَــدٌ مِــنـَّــا عـلى ذبـْـــحِ هــذه الذبــــــائــح لـلانـتِــفــاعِ بــها هـَــلْ هـــو مَـحَــلُّ إعـْـــتِــراض؟؟؟؟؟؟
هـل يَــقــولُ أحــــدٌ مِــنـّـا أو مِــنـهـُــم : هـــذهِ البــهـائـِـــم لــهـا أرواحٌ كــما أنَّ لـــنـا أرواحـــًـا وتـُـحِــسُّ بـألــم
كـما أنـَّــنـا نُــحِـــــسُّ بــــألـَــمٍ فـــاذاً لا يَــجــوزُ لـــنا أنْ نـقــضــي عـلـيـهـا لِـلـوصــولِ إلـى لـَــذاتِـــنـا،
فـيُــقـالُ لــهُــم : كمــا أنــهُ لا اعْــتِــراضَ لـكـُــم فــي هـــذِهِ لـــيْــسَ لــكـُــم اعْــتِــراضٌ عـلى أنَّ اللهَ تـــبـارك وتــعــالـــى يـُـــوَفـِّـــقُ مَــنْ يَــشـــاءُ ويَـخـــذلُ مَــنْ يـَـــشـــاءُ
فـيـَــكــونُ الــذيــنَ وفـَّــقـَــهُــم مِـنْ أهـــلِ النـعـــيــم المُـقـــيـم فــي الآخـِـــرَةِ
ويَــكــونُ الـــذيـــنَ لـــــمْ يُــوَفـِّــقـْـــهـُــم بــل خـَــذلـَــهُـــم مِـنْ أهــلِ العَــذاب المُــقــيــم .

ولـْــيَــعْــلـَـــمِ العـــاقِــــلُ أنَّ أمْــرَ الـــدِّيـــنِ لا يـَــتـِـــمُّ الاَّ بالتـَّــسْـــلـــيـمِ للهِ أمـَّــا أنْ يُـــقــاسَ الخــالِــــقُ عـلى المَــخْــــلـــوقِ فـــهـذا ضـَــلالٌ وخـُــسـْــران.


والله تبارك وتعـالى اعـلم واحــكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...