عاشوراء
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أحمده تعالى واستهديه وأسترشده وأتوب اليه واستغفره،
روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم أظهر الله فيه موسى وبني اسرائيل على فرعون فنحن نصومه تعظيمًا له،
فقال صلى الله عليه وسلم: نحن أولى بموسى منكم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه. هو الأمر أيها الأحبة المسلمون كما روى البخاري حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي".
الأنبياء هم إخوة لعلات كما شبههم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاخوة لعلات هم الذين أبوهم واحد وأمهاتهم متعددات، النبي صلى الله عليه وسلم شبه الأنبياء بالإخوة لعلات من حيث أن الأنبياء دينهم واحد عقيدتهم واحدة جاءوا بالإسلام دين الله تعالى الذي ارتضاه الله لعباده وشرائعهم متعددة كما أن الإخوة لعلات أمهاتهم متعددة،
ثم قال: وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي وقال عن هؤلاء اليهود الذين وجدهم يصومون يوم عاشوراء وقالوا إنهم يصومونه لأنه يوم انجى الله فيه بني اسرائيل وأغرق فرعون فقال عليه الصلاة والسلام: نحن أولى بموسى منكم،
وذلك لأن هؤلاء اليهود كذبوا بموسى عليه السلام ولم يؤمنوا به ولم يصدقوا بشريعته بل افتروا على موسى ونسبوا إليه انه قال: إن موسى عهد إلينا أن لا نؤمن بنبي بعده، كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذبوا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فليس هذا دين موسى صلى الله عليه وسلم،
هؤلاء اليهود الذين لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة يصومون يوم عاشوراء يوم العاشر من محرم الذي نحن فيه هذا وهو الشهر الأول من العام الهجري الجديد، هذه القصة هي أن موسى عليه السلام لما دعا فرعون الى الإسلام وأيده بذلك ربه وكان معه أخوه هارون عليه السلام قال لهما: اذهبا الى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً لينًا لعله يَذّكر او يخشى،
ولكن فرعون لم يؤمن بالله ربًا ولا بموسى نبيًا ورسولاً ولا بالإسلام دينًا بل كان يقول: ما علمت لكم من إله غيري، بل كان يقول: أنا ربكم الأعلى، طغى وتجبر وكفر ولكن الله تعالى قصم ظهور الجبابرة بالموت،
فما الذي حصل، دخل موسى بن عمران البحر الأحمر وضرب بعصاه البحر فاجتمعت مياه البحر كالطود كالجبل العظيم وبينهما ارض يابسة وكان مع سيدنا موسى عليه السلام ستمائة ألف من المسلمين
فلما لحقه فرعون وجنوده والكافرون بموسى وكانوا ألف ألفٍ وستمائة كانوا مليون رجل وستمائة ألف وجد أرضًا يبسًا بين جبلين من المياه فدخل اليبس فأمر الله البحر أن يلتطم عليه فالتطمت عليه أمواج البحر فأغرق الله فرعون والذين معه فأهلكه الله غرقًا،
فقال جماعته: فرعون لم يمت غرقًا، فأظهره الله لهم على وجه البحر وقد انتفخ وهو ميت، وقبل ان يدكه الغرق قال: ءامنت بالذي ءامنت به بنو اسرائيل وأنا من المسلمين ولكنه لم يقلها عن طوعية،
قال الله تعالى: { آلآنَ وقد عصيت قبل} . قال الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم: {وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا ءال فرعون وأنتم تنظرون}. ذلك اليوم كان يوم عاشوراء.
وفي ذلك اليوم أيضًا تاب الله فيه على نبيه ءادم عليه السلام، وكان ءادم عليه السلام قد نهاه الله عن أن يأكل من الشجرة فأكل منها فعصى ءادم ربه ولكنها ليست كفرًا وليست بمرتبة الزنا وليست بمرتبة شرب الخمر ثم تاب الى الله تبارك وتعالى،
قال الله عز وجل: “فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم" لما أكل ءادم عليه السلام من الشجرة أهبطه الله إلى الأرض وكذلك حواء،
أما إبليس اللعين الذي أمره الله أن يسجد لآدم سجود تحية وتعظيم رفض وأبى واستكبر إعترض على الأمر قال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. فطرد الله ابليس من الجنة قال: اخرج منها مذمومًا مدحورًا لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين.
فأهبط الله ءادم وحواء إلى الأرض ولم يطردا من رحمة الله ولا من الجنة أما إبليس اللعين هو المطرود من رحمة الله تبارك وتعالى. ورد في الحديث أن ءادم عليه السلام لما أكل من الشجرة رفع رأسه الى قوائم العرش،
لما أكل ءادم من الشجرة قال: يا رب أسألك بحق محمدٍ إلا ما غفرت لي. قال: وكيف عرفت محمدًا ولم اخلقه. قال: رفعت رأسي إلى قوائم العرش فوجدت مكتوبًا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف الى اسمك إلا أحب الخلق إليك. بهذا الحديث يستدل على التوسل ومشروعيته رغم أنف المشبهة المجسمة نفاة التوسل.
فإذًا في هذا اليوم يوم العاشر من محرم تاب الله على ءادم أنجى الله موسى وأهلك فرعون غرقًا وفيه نجى الله سفينة نوح من الغرق، نوح عليه السلام ظل في قومه كما ذكر الله في القرءان لبث فيهم ألف عام إلا خمسين سنة يدعوهم إلى الله تعالى ليلاً نهارًا،
وكان في أرض العراق أمره الله أن يصنع الفلك قبل الطوفان قبل أن يعمّ الطوفان الأرض قبل ان يرسل الله المطر وقبل أن يفجر الله المياه من الأرض قبل أن يجتمع ماء السماء وماء الأرض، كان الكفار كلما مروا بنوح عليه السلام وهو يصنع السفينة كما أمره الله تعالى كانوا يسخرون منه ومرة ضربوه صلى الله عليه وسلم حتى أغمي عليه ومع ذلك لم يترك الدعوة إلى الله تبارك وتعالى،
ثم لما ركب السفينة هو والذين ءامنوا معه، ولده كنعان لم يؤمن فلم يركب السفينة، قال: يا بني أركب معنا. رفض ولده كنعان أن يؤمن رفض ان يكون من الناجين فأهلكه الله غرقًا ونجى الله نوحًا والذين ءامنوا معه في السفينة وكان ذلك يوم عاشوراء.
وفي اليوم العاشر من المحرم قتل سيدنا الحسين رضي الله عنه والذي قال فيه وفي شقيقه رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
صيام عاشوراء سنة وليس فرضًا فقد ورد في البخاري ومسلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا اليوم يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه فمن شاء ليصمه ومن شاء فاليفطر. ويسن أيضًا صيام يوم تاسوعاء أي صيام يوم التاسع من محرم،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع. واعلموا بأن الله أمركم بأمر عظيم، أمركم بالصلاة على نبيه الكريم فقال: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماًً}.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق