بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

الدّرّ والياقوت في بيان عقيدة مشايخ بيروت (2)

-مفتي بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري الشافعي رحمه الله (المتوفى سنة 1905 م)
أخذ العلم عن والده الشيخ علي الفاخوري, والشيخ محمد الحوت وغيرهما.

*قال مفتي بيروت الاسبق الشيخ عبد الباسط الفاخوري رحمه الله تعالى في شرح الصفات الثلاث عشرة لله تعالى الواجب معرفتها على كل مكلف في كتابه "الكفاية لذوي العناية":

"أول واجب على كل مكلف معرفة الله تعالى بأن يعتقد أن الله تعالى متصف بكل كمال يليق به ومنزه عن كل نقص".


*وعلى عادة العلماء ذكر الشيخ الفاخوري رحمه الله صفات الله الواجب معرفتها على كل مكلف وهي:

*الوجود:وهي صفة نفسية تدل على تحقيق الذات وثبوته.

القِدم:ومعناه أن وجوده تعالى ليس مسبوقا بعدم.

البقاء:ومعناه أنه لا ءاخر لوجوده تعالى أي لا يطرأ عليه عدم.

مخالفته تعالى للحوادث:أي عدم مماثلته شيئا منها , ومعناه أنه ليس بجرم يأخذ قدرا من الفراغ فلا مكان له ...وليس في جهة من الجهات ولا يوصف بالكبر حجما ولا بالصغر وكل ما قام ببالك فالله بخلاف ذلك.

قيامه  تعالى بنفسه: ومعناه أنه ليس بصفة تحتاج الى القيام بموصوف فهو مستغن عن محل يقوم به وعن مخصص أي موجد يوجده, لأن وجوده تعالى ذاتي لم ينشأ عن غيره ,ووجود غيره من الحوادث وُجد باختياره تعالى.

الوحدانية: ومعناه عدم التعدد في ذاته وصفاته وأفعاله.

القدرة:وهي صفة قديمة قائمة بذاته تعالى يتأتى بها إيجاد كل ممكن وإعدامه على وفق إرادته.

الارادة:وهي صفة قديمة قائمة بذاته تعالى يخصص الله بها الممكنات العقلية ببعض ما يجوز عليها من وجود , وعدم , وصفة , وزمان , ومكان, ومقدار , وجهة .

السمع:وهي صفة قديمة قائمة بذاته تعالى بلا أذن ولا صماخ.

البصر:وهي صفة قديمة قائمة بذاته تعالى لا بحدقة ولا أجفان.

ثم ذكر الشيخ الفاخوري صفة العلم , والحياة , والكلام .


شرحه لمسئلة القدر:

*قال المفتي الشيخ عبد الباسط الفاخوري رحمه الله في معنى القضاء والقدر ص / 21 من "كتاب الكفاية لذوي العناية"
:"وحقيقة القضاء إرادته تعالى الازلية المتعلقة بالاشياء على ما هي عليه فيما لا يزال .

والقدرُ تخصيصه إياها على قدر مخصوص وتقدير معين في ذواتها وأفعالها. والقدر تخصيصه إياها على ما يطابق العلم , ومعنى ذلك على الاول أن الله تعالى أراد الاشياء أزلا وأوجدها على طِبق إرادته , وعلى الثاني عَلِمها أزلا وأوجدها فيما لا يزال على طِبق علمه بها فهي تقع على ما قضاها وقدرها".


*ويقول في نفس الكتاب ص /130 في أحكام الردة ما نصه:"وهي (الردة)قطع مكلف مختار(1) الاسلام ولو امرأة بنية كفر أو فعل مكفر أو قول مكفر سواء قاله استهزاءً أو اعتقادًا أو عنادَا.



(1)مختار أي ليس على وجه سبق لسان , ولا مكرهًا. 

الشيخ رجب محمد جمال الدّين الشافعي رحمه الله (المتوفى عام 1910 م )

*يقول الشيخ رجب محمد جمال الدّين الذي لُقب بشيخ بيروت في كتابه "الاجوبة الجلية في العقائد الدينية"ص/4 في معنى مخالفته للحوادث :"أنه تعالى ليس مماثلا للحوادث", ثم قال :"وليس بجرم يأخذ قدرا من الفراغ فلا مكان له , وليس بعرض يقوم بالجرم فلا يوصف بالصورة ولا بالشكل ولا باللون "انتهى.

*ويقول في الصحيفة (5) ما نصه:"أنه تعالى لا يحتاج الى محل يقوم به , ولا الى مخصص أي موجد يوجده".


*ثم قال :"والدليل على ذلك أنه تعالى لو احتاج الى محل لكان صفة أي عرضا , ولو احتاج الى مخصص لكان حادثا وذلك محال ".انتهى .


ويذكر رحمه الله في الصحيفة (2)أن الواجب في حقه تعالى عشرون صفة ثم عدّدها .
نقيب السادة الاشراف الشيخ عبد الرحمن الحوت الشافعي رحمه الله (المتوفى عام 1916)
تلقى الشيخ عبد الرحمن الحوت العلم عن والده الشيخ محمد درويش الحوت والشيخ عبد الله خالد والمحدث أبي المحاسن القاوقجي الطرابلسي وغيرهم.
أورد في رسالته "ارشاد العوام الى سبيل السلام "ص/60-62 فصلا في الردة كعادة العلماء الافاضل الذين ألفوا المؤلفات الدينية .


*يقول رحمه الله :"الردة والعياذ بالله تعالى هي قطع الاسلام من البالغ العاقل وهي أفحش أنواع الكفر".


*وبعد أن يورد بعض أحكامها يورد بعض الالفاظ المكفرة والعياذ بالله تعالى , يقول:فاعلم أن الالفاظ المكفرة كثيرة"ثم ساق عددا من الالفاظ ثم قال :"ومن الاشياء المكفرة الرضا بالكفر ولو ضمنا كأن يسأله كافر يريد الاسلام أن يلقنه كلمة الشهادة , فيقول له اصبر حتى أفرغ من شغلي أو غير ذلك .وكأن يشير عليه بأن لا يسلم.


ومن الاشياء المكفرة لو سخر باسم من أسماء الله أو بأمره أو وعده أو وعيده " "ومن الاشياء المكفرة شتم الدين الاسلامي أي سب الدين الواقع الان بين المتهاونين في الدين ,فالساب للدين ساب لله تعالى لأنه تعالى هو الشارع للدين , وساب للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه هو المبلغ للدّين فينبغي لكل ساب أن يعرف قبل أن يتكلم بهذه اللفظة ماذا يترتب عليها من الخروج عن الملة الاسلامية والخلود في النار اذا لم يرجع الى الاسلام بالنطق بالشهادتين والتوبة الى الله تعالى بشروطها , واحباط عمله وثوابه اذا مات مرتدا وانفساخ النكاح كما مرّ وهذه بلية عظيمة نسأل الله تعالى أن يحفظنا من الوقوع فيها بمنّه وكرمه"انتهى.


وقد أورد في هذه الرسالة غير ذلك من أبواب المعاصي وحذّر منها.


*وفي رسالة سماها "مراقي السعادات في الحث على أداء الصلوات في أول أوقاتها والزجر عن تركها والتهاون بها وتأخيرها " يورد الشيخ عبد الرحمن الحوت رحمه الله تعالى الاقوال التي تدل على زجر تارك الصلاة مع بعض التفاصيل التي تطرق اليها العلماء.

فذكر أن التارك للصلاة الجاحد لفرضيتها يكون كافرا , أما من تركها معتقدا بفرضيتها إنما تكاسل عن أدائها فهو عاص وليس بكافر.

ثم كعادة العلماء يجعل هذه الرسالة مختصرا في الضروريات الواجب معرفتها والعمل بها مع بعض السنن فأورد فصولا في الطهارة والصلاة وشروطهما وسننهما.


*ثم ختم رسالته هذه بخاتمة في التوحيد فقال فيها :"يجب على كل مكلف شرعا أن يعرف ما يجب في حق مولانا جل وعز وما يستحيل وما يجوز". ثم بيّن الصفات الواجبة لله تعالى فذكر صفة الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس  (أي عدم احتياج الله الى غيره) وبأنه سبحانه وتعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله ويستحيل عليه التعدد.

وبيّن بأنه تعالى موصوف بالقدرة والارادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام , وبأن الله تعالى يستحيل أن يوصف بمشابهة المخلوقين كالجلوس والاستقرار والحركة والسكون ,تعالى الله عن ذلك علّوا كبيرا ,ويذكر الشيخ الحوت أن الجائز في حقه تعالى هو فعل كل ممكن أو تركه.

وبيّن رحمه الله في هذه الرسالة أيضا أن المكلف يجب عليه معرفة ما يجب في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام من الصدق والامانة والتبليغ والفطانة وبأنه يستحيل عليهم الكذب والخيانة وكتمان شيء مما أمروا بتبليغه والبلادة ,والجائز في حقهم ما هو من الاعراض البشرية التي لا تؤدي الى نقص في مراتبهم العلية كالاكل والشرب والجماع والمرض الغير منفّر , فهم عليهم الصلاة والسلام أكمل الناس عقلا وعلما , بعثهم الله وأظهر صدقهم بالمعجزات الظاهرة فبلّغوا أمره ونهيه ووعده ووعيده .انتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...