بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

شرح حديث كان النبيُّ يُبْعَثُ إلى قومهِ خاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كافَّةً

شرح حديث كان النبيُّ يُبْعَثُ إلى قومهِ خاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كافَّةً
.
رَوَى الإمامُ مسلمٌ وغيرُه عن رسولِ الله ، صلَّى الله عليه وسلَّم ، أنه قال :" أُعْطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي : نُصِرْتُ بالرُّعب مسيرةَ شهرٍ وجُعِلَتْ ليَ الأرضُ مسجدًا وطَهُورًا وأيُّما رَجُلٍ منْ أمَّتي أدركتهُ الصَّلاةُ صَلَّى حيثُ كانَ وأُحِلَّتْ ليَ الغنائمُ ولم تُحَلَّ لأحدٍ قبلي وكان النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قومهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ " .. وفي روايةٍ عندَ البخاريِّ :" وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً " ..
يقول الله تعالى في سورة سبأ (( وما أرسلناكَ إلَّا كَافَّةً للنَّاسِ بشيرًا ونذيرًا ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلمون )) ..
.
*وليس في قول رسول الله :" كان النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قومهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً " أنَّ مَنْ سِوَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ من الأنبياء لم يَكُنْ واجبًا عليهم أنْ يُبَلِّغُوا مَنْ هُمْ سِوَى أقوامِهم .. ليسَ هذا معناه .. وإنما المعنى أنَّ الأنبياءَ غيرَ نبيِّنا مُحَمَّدٍ أُرسلوا إلى أقوامهِم أيْ أنَّ النصَّ لهم كان أنْ يُبَلِّغُواأقوامَهم ، وليس المعنى أنهم لا يُبَلِّغُونَ سوى أقوامِهم ، وذلكَ لأنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن الْمُنكَرِ واجبٌ على كُلِّ مَن استطاعَ منْ أفرادِ المؤمنينَ وهو في حَقِّ الأنبياء أَوْكَدُ .
.
فليس معنى الحديثِ أنَّ غيرَ نبيِّنا مُحَمَّدٍ من الأنبياء لم يكونوا مأمورينَ بتبليغِ غيرِ أقوامِهم ، بل جميعُ الأنبياء كانوا يُبَلِّغُونَ أقوامَهم ومَنِ استطاعوا من غيرِ أقوامِهم . وإنما المعنى أنَّ جبريلَ لَمَّا كانَ يأتي إلى نبيٍّ منهم كانَ يقولُ لهُ أنتَ أُرْسِلْتَ إلى قومِك ، ولَمَّا أتى جبريلُ مُحَمَّدًا ، صلَّى الله عليهِ وسلَّم ، قال له أنتَ أُرْسِلْتَ إلى العالَمِين .. وإنما أُرْسِلَ سَيِّدُنا مُحَمَّدٌ إلى العالَمِينَ كَافَّةً ليكونَ في ذلكَ مَزِيَّةً للرَّسُولِ ، صلَّى الله عليهِ وسلَّم ، على غيرِه ..
.
*هذا نبيُّ الله نوحٌ ، عليهِ السَّلام ، كانَ قبلَ سَيِّدِنا محمَّد ودعوتُه كانتْ إلى النَّاسِ كَافَّةً بدليلِ أَنَّ الطُّوفانَ عَمَّ الأرضَ كُلَّهَا وهَلَكَ جميعُ من تخَلَّفَ عن رُكُوبِ سفينته .
 ثمَّ إنَّ موسَى ، عليهِ السَّلام ، أرسلهُ الله إلى فِرْعَوْنَ وفِرْعَوْنُ لم يَكُنْ من بني إسرائيل .. .. 
*النبيُّ الرَّسُولُ يُوحَى إليه بشرعٍ جديد لِيُبَلِّغَه ، وأمَّا النبيُّ غيرُ الرَّسُولِ فإنه يُوحَى إليه أَنْ يَتَّبِعَ شَرْعَ النبيِّ الرَّسُولِ الذي كانَ قبلَه لِيُبَلِّغَه . وأمَّا ما ذَكَرَهُ بعضُ المتأخِّرينَ في مؤلَّفاتهم من أنَّ النبيَّ غيرَ الرَّسُولِ هو الذي أُوحِيَ إليهِ بشرعٍ ولم يؤمَر بتبليغهِ فهو فاسدٌ بعيدٌ منْ معنَى النُّبُوَّة .
وهذا التفسيرُ الذي نحنُ ذَكَرْنَاهُ لمعنى النبيِّ غيرِ الرَّسُولِ هو الصَّحيحُ ، وقد ذَكَرَهُ كثيرٌ من العلماء . مِنْهُمُ الإمامُ الجليلُ شيخُ الشَّافِعِيَّةِ والأشاعرة أبو منصورٍ البغداديُّ ، والقونويُّ شارحُ (العقيدةِ الطَّحَاوِيَّةِ) ، والْمُنَاوِيُّ .

ولْيُعْلَمْ أنَّ الرِّسالةَ يُوصَفُ بها الْمَلَكُ والبَشَرُ وأمَّا النُّبُوَّةُ فلا تَكُونُ إلَّا في البشَر .

قال الله تعالى (( الله يصطفي من الملائكةِ رُسُلًا ومِنَ النَّاس ))[الحج/75]..
والحمدُ لله رَبِّ العالَمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...