بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

« كان الله ولم يكن شيءٌ غيره »



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن .الحمد لله المنزه عن الجسمية والصورة والمكان الموجود أزلاً وأبداً بلا جهة ولا كيف مكان . صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وحبيب رب العالمين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وسلام الله عليهم أجمعين


أما بعدُ،


فإنَّ أعظمَ نِعَمِ الله تعالى على عِبَادِهِ نعمة الإيمان فإن الإيمان هو السعادة الأبدية التي لا نهاية لها، ففي صحيح البخاري من حديث بلال رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة } وفي لفظ { إلا نفس مؤمنة } والإيمان هو معرفة الله تعالى كما يجب ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم واللفظ الذي هو دليل على ذلك هو قول: { لا اله إلا الله محمد رسول الله } أو قول اشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله "


ثم إنّ معرفة الله تبارك وتعالى لا تحصل إلا مع تنـزيهه عن مشابهة المخلوقات . ربنا تبارك وتعالى قال في القرءان الكريم " {ليس كمثله شيء } نزه نفسه عن مشابهة الخلق بوجه من الوجوه . ربنا تبارك وتعالى لم يقل ليس كمثله شىء معين أو شىء مخصوص بل أطلق نفى المماثلة فلا يجوز أن يقال أنه نفي عن نفسه مشابهة شىء من المخلوقات ولم ينف بعض الوجوه كما تقول المشبهة ؛ المشبهة تقول معنى الآية لا يشبه شيئا من الأشياء التي تعرفونها معنى كلامهم أنه يشبه بعض المخلوقات وهذا تكذيب لقول الله لو كان يشبه بعض الأشياء ولا يشبه البعض كان استثنى لكنه لم يستثن، الله تعالى نزه نفسه عن مشابهة العالم الكثيف واللطيف وعن الكمية، الكمية مستحيلة على الله ،كبيرة كانت أم صغيرة، الهباء هو اصغر شئ تراه العين ثم بعد الهباء مقادير مختلفة، الإنسان، الله جعل له مقدار، خلقه على كمية لها مقدار ثم غير الإنسان مما هو اعظم جرما ومقدارا أشياء كثيرة واكبر ما خلقه الله تعالى من حيث الكمية هو العرش ، الله تبارك وتعالى لما نفى عن نفسه المثلية بدون تخصيص المثلية بشىء دون شئ أفهمنا انه ليس له كمــية، ثم الإنسان له كمية نعرفها أربعة أذرع طولا وذراع عرضًا والعرش الكريم له كمية يعلمها الله نحن لا نعلمها فلا يصح تنـزيه الله عن المماثلة إلا بنفي الكمية عن الله، لا يجوز أن يعتقد أن الله له حجم، لو كان له كمية كالإنسان لأشبه الإنسان كذلك بالنسبة للعرش لأن كل شئ له كمية يحتاج إلى من جعله على تلك الكمية لانه لا يصح في العقل أن يجعل نفسه على الكمية التي هو عليها، كما نحن لم نوجد أنفسنا على الكمية التي نحن عليها كذلك العرش، كذلك هذه الشمس فهي مخلوقة علمنا أنها حادثة مخلوقة لان لها كمية فإذا كانت الشمس مع عظم نفعها الذي يعرفه المؤمن والكافر لا تستحق أن تكون إلها فكيف يصح ما يعتقده المشبهة من أنه يوجد فوق العرش جسم كبير بقدر العرش على قول بعضهم،
وعلى قول بعضهم من جهة تحت بقدر العرش أما من الجهات الأخرى لا نهاية له.


هذا قول بعض المشبهة، على قول هؤلاء الذين قالوا ذلك ما عرفوا خالقهم لان الشيء الذي له كمية لا بد له من مخصص خصصه بتلك الكمية فلما علمنا أن الشمس مع عظم نفعها ما هي خصصت نفسها بتلك الكمية بل لها موجد خلقها على تلك الكمية علمنا أن خالقها وخالق سائر الأشياء ليس له كمية إنما الذي يصلح للألوهية هو الموجود الذي ليس له كمية ، فهذا هو الدليل أن الشمس لا تصلح أن تكون إلها، هؤلاء المشبهة الذين يقولون نحن المسلمون ويرون غيرهم غير مسلمين من سواهم ممن ينـزه الله عن الشكل والجهة والكمية والحركة وعن كل صفات العالم عند هؤلاء المشبهة وأسلافهم هؤلاء ما عرفوا الله إلا هم الذين يشبهون الله ويحيزونه على العرش وهذا هو الجهل الأعظم لأنهم اثبتوا الألوهية لشىء لا يستحق الألوهية،
فالشمس من حيث كثرة نفعها للإنسان والنبات والماء وغير ذلك لا يجوز أن تتخذ إلها لا تصلح لها الألوهية فلو كان الله شيئاً له كمية متحيزا في جهة من الجهات الجهة التي هم يعتقدونها لم يكن أولى بالألوهية من الشمس، إنما هم توهموا كما تعتقد اليهود كذلك جمع من أصناف الكفرة يعتقدون أن الله جسم مستقر فوق العرش هؤلاء لو قيل لهم ما دليلكم العقلي أن الشمس لا تصلح للألوهية والجسم الذي توهمتم انه مستقر فوق العرش يستحق، إذا قال لكم عابد الشمس كيف أن دينكم حق وديني باطل مع أن معبودي نفعه تعرفونه وترونه وتزعمون أن معبودكم مستقر فوق العرش ولا نراه هؤلاء المجسمة ليس لهم دليل عقلي
فإن قال أحدهم قال تعالى { أفي الله شك } يقول عابد الشمس أنا لا أؤمن بالقرءان فبماذا يواجه؟.


اما أهل السنة والجماعة الذين اتبعوا ما عليه السلف والخلف ووافقوا قول الله تعالى { ليس كمثله شئ } هؤلاء لهم حجة يغلبون بها عابد الشمس، هو أن يقول لعابد الشمس أنت تعبد الشمس شيئا له كمية وحد وشكل يحتاج إلى من خصصه بذلك الشكل دون غيره من الأشكال فلا تصلح للألوهية لأنه يحتاج لغيره والمحتاج الى غيره عاجز والعاجز لا يكون الهًا أما أنا فمعبودي ليس له شكل ولا حد فهو يصلح للألوهية ذلك الموجود هو الذي يصلح لان يعبد ولله الحمد على ما عَرّف أهل السنة من الدليل العقلي الذي يغلب كل من يعبد غير الله؛
فاعتقاد المسلمين سلفهيم وخلفهم أن الله غني عن العالمين، أي مستغن عن كل ما سواه أزلا وابدا فلا يحتاج الى مكان يقوم به أو الى شئ يحل به أو الى جهة، ويكفي في تنزيه الله عن المكان والحيز والجهة قوله تعالى: { ليس كمثله شئ } فلو كان له مكان لكان له أمثال وابعاد وعرض وعمق ومن كان كذلك كان محدثا محتاجا لمن حده بهذا الطول وبهذا العرض وبهذا العمق والمحتاج عاجز والعجز صفه تنافي الاولوهية.


وكذلك قول الله تعالى ﴿ فلا تضربوا لله الأمثال ﴾ أي لا تشبهو الله بخلقه، وقول الله تعالى ﴿ وأن إلى ربك المنتهى ﴾ قال أبيّ بن كعب رضي الله عنه في تفسير هذه الآية " اليه انتهى فكر من تفكّر "، أي لا تدركه تصورات العباد لأنه ليس جسماً ولأن الإنسان يتصور الشيء الذي ألفه.
وهذا الدليل من القرآن.


أما من الحديث فما رواه البخارى وابن الجارود والبيهقي بالاسناد الصحيح ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « كان الله ولم يكن شيءٌ غيره » ومعناه أن الله لم يزل موجود في الازل ليس معه غيره لا ماء ولا هواء ولا ارض ولا سماء ولا كرسي ولا عرش ولا انس ولا جن ولا ملائكة ولا زمان ولا مكان، فهو تعالى موجود قبل المكان بلا مكان وهو الذي خلق المكان فليس بحاجة اليه، وهذا ما يستفاد من الحديث المذكور.


وقال الحافظ البيهقي في كتابه الاسماء والصفات: استدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه تعالى بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت الظاهر فليس فوقك شئ وانت الباطن فليس دونك شئ" واذا لم يكن فوقه شئٌ ولا دونه شئٌ لم يكن في مكان ا.هـ


وهذا الحديث فيه ايضا الرد على القائلين بالجهة في حقه تعالى.


وقال الامام علي رضى الله عنه :" كان الله ولا مكان وهو الان على ما عليه كان" رواه الامام ابو منصور البغدادي.


وفي كتاب نجم المهتدي ورجم المعتدي لمحمد بن محمد الشهير بابن المعلم القرشيّ ، وهو من أهل القرن السابع الهجريّ، فقد قال في صحيفة خمسمائة وثمانية وثمانين ما نصه وعن علي رضي الله عنه : "سيرجع قومٌ من هذه الأمّة عند اقتراب الساعة كفّاراً فقال رجلٌ يا أمير المؤمنين كفرهم بماذا أبالإحداث أم بالإنكار فقال بل بالإنكار ينكرون خالقهم فيصفونه بالجسم والأعضاء أولئك لا خَلاقَ لهم في الآخرة ولهم عذابٌ أليم."


وروى الحافظ أبو نُعيم في كتابه حِلْية الأولياء عن سيدنا عليّ أنه قال : "من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود" و هذا نصّ من الإمام عليّ في نفي الجسمية عن الله لأن المحدود ما له حجم و الله ليس له حجم.


وقال زين العابدين رضي الله عنه عليّ بن الحسين في الصحيفة السجادية :"سبحانك أنت الله لا يحويك مكان ولا تُحسُّ ولا تُمسُّ ولا تُجسُّ "،
واجمعت الامة في تنزيه الله عن الكمية والكيفية والمكان وممن نقل اجماع المسلمين سلفهم وخلفهم على ان الله موجود بلا مكان الامام النحرير أبو منصور البغدادي المتوفى سنة 429 هـ الذي قال في كتابه "الفرق بين الفرق" طبع دار الكتب العلميه (ص 256) ما نصه :" واجمعوا (اي أهل السنة والجماعة) على انه " تعالى" لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان" اهـ بحروفه
ونقل ابن المعلّم عن نصّ الإمام الشافعي رضي الله عنه أنّه قال:"ومن كفرناه من أهل القِبلة كالقائلين يخلق القرآن وبأنّه لا يعلم المعدومات قبل وجودها ومن لا يؤمن بالقدر وكذا من يعتقد أنّ الله جالسٌ على العرش"، كما حكاه القاضي حُسين هنا عن نصّ الإمام الشافعي رضي الله عنه .


وقال السيوطيّ في كتاب الأشباه والنظائر ما نصُّه:" قال الإمام الشافعيّ لا يُكفر أحدٌ من أهل القِبلة واستثنى من ذلك المجسّم" إﻫ.


ونقل صاحب الخِصال من الحنابلة عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال: "من قال إنَّ الله جسمٌ لا كالأجسام كفر" ونقل هذا القول عن الإمام أحمد أيضاً الزركشيّ في تشنيف المسامع.


وأنكر الامام أحمد رضى الله عنه على من قال بالجسمية لله تعالى وقال: " إن الاسماء مؤخوذة من اللغة والشرع وأهل اللغة أطلقوا هذا الاسم على ذي طول وعرض وسمك وتركيب والله خارج عن ذلك كله ولم يرد في الشرع فبطل".


نقله عن الامام أحمد أبو الفضل التميمي في كتابه اعتقاد الامام المبجل أحمد بن حنبل
وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه صرَّح في إحدى رسائله الخمس التي هي صحيحة النسبة إليه كما قال الحافظ محمد مرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين باعتبار الإسناد بكفر من يعتقد أنَّ صفة من صفات الله حادثة أو شكَّ أو توقَّف وقال ايضا : " من قال لا اعرف ربي أفي السماء هو أم في الارض فقد كفر لأن هذا القول يوهم ان للحق مكان ومن توهم ان للحق مكان فهو مشبه" اهـ


وقال مالك رضي الله عنه"استوى كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع"
وقال ابن حجر الهيتميّ في كتابه المنهاج القويم بشرح المقدمة الحضرميّة : "واعلم أن القرافيّ وغيره حكوا عن الشافعيّ ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك." إﻫ.


فبعد هذا البيان من القرآن والحديث واجماع الامة والصحابة والعلماء فليعلم ان ما جاء في صحيح مسلم من أن رجلاً جاءَ إلى رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم فسألهُ عن جارية لهُ قال: قلتُ: يا رسولَ الله أفلا أعتِقُها، قال : ائتني بِها، فأتاهُ بِها فقالَ لَها: أينَ الله، قالت: في السماءِ، قال: مَن أنا، قالت: أنتَ رسولُ الله، قال: أعتِقْها فإنّها مؤمنةٌ. فليسَ بصحيحٍ لأمرينِ: للاضطرابِ لأنه رُويَ بِهذا اللفظ وبلفظِ : مَن رَبُّك، فقالت: الله، وبلفظ : أين الله، فأشارت إلى السّماءِ، وبلفظ : أتشهَدينَ أن لا إله إلا الله، قالت: نعم، قال: أتشهدينَ أنّي رسولُ الله، قالت : نعم.


والأمرُ الثاني : أن رواية أين الله مخالفةٌ للأصولِ لأنَّ من أصولِ الشريعةِ أن الشخصَ لا يُحكَمُ له بقولِ "الله في السماءِ" بالإسلامِ لأنَّ هذا القولَ مشتَركٌ بين اليهودِ والنّصارى وغيرِهم وإنّما الأصلُ المعروفُ في شريعةِ الله ما جَاءَ في الحديثِ المتواتر: " أمرتُ أن أقاتلَ النَّاسَ حتّى يشهَدُوا أن لا إلهَ إلا الله وأنّي رسولُ الله " (وهذا الحديث رواه خمسة عشر صحابيا)
ولفظُ روايةِ مالكٍ : أتشهدينَ، موافقٌ للأصول.


فحديثُ الجاريةِ مضطربٌ سندا ومتنا لا يصح عن رسول الله، ولا يليق برسول الله أن يقال عنه إنه حكَم على الجارية السّوداء بالإسلام لِمجردِ قولها الله في السماء، فإن من أراد الدخول في الإسلام يدخل فيه بالنّطق بالشهادتين وليس بقول الله في السماء. أما المشبهة فقد حملوا حديث الجارية على غير مراد الرسول. والمعنى الحقيقيُّ لِهذا الحديث عند من اعتبره صحيحًا لا يخالفُ تنزيهَ الله عن المكان والحدّ والأعضاء.


وقد ورَد هذا الحديث بعدَّة ألفاظ منها أن رجلا جاء فقال: يا رسول الله إن لي جارية ترعى لي غنما فجاء ذاتَ يوم ذئبٌ فأكلَ شاة فغضبت فَصككتها – أي ضربتها على وجههَا – قال : أريدُ أن أُعتقها إن كانت مؤمنة فقال : " ائتني بِها "، فَأتى بها فقال لها الرسول : " أين الله "، ومعناه ما اعتقادك في الله من التَّعظيم ومن العلوّ ورفعَة القدر، لأن أين تأتي للسؤال عن المكان وهو الأكثر وتأتي للسّؤال عن القدْر.




وأما قول الجارية: " في السماء"، وفي رواية : "فأشارت إلى السماء"، أرادت به أنه رفيع القدر جدًّا، وقد فَهِم الرسول ذلك من كلامها أي على تقدير صحة تلك الرواية. أي هذا عند من صحح هذا الحديث من أهل السنة
فإن قيلَ : كيف تكونُ روايةُ مسلم: أين الله، فقالت: في السماءِ، إلى ءاخره مردودةً مع إخراج مسلم لهُ في كتابهِ وكلُّ ما رواهُ مسلمٌ موسومٌ بالصّحّةِ، فالجوابُ : أن عدَدًا من أحاديثِ مسلمٍ ردَّها علماءُ الحديثِ وذكرَها المحدّثونَ في كتبهم كحديث أن الرسولَ قال لرجُلٍ : إنَّ أبي وأبَاكَ في النّار، وحديث إنه يُعطى كل مسلم يومَ القيامَةِ فِداءً لهُ مِنَ اليهودِ والنصارَى، وكذلكَ حديث أنسٍ: صَليتُ خلفَ رسولِ الله وأبي بكرٍ وعمرَ فكانوا لا يذكرونَ بسم الله الرحمنِ الرحيم.


فأمَّا الأولُ ضَعَّفَهُ الحافظُ السيوطيُّ، والثاني رَدَّهُ البخاريُّ، والثالثُ ضَعَّفَهُ الشافعيُّ وعدد من الحفاظ .


فهذا الحديثُ على ظاهرِهِ باطلٌ لمعارضَتِهِ الحديثَ المتواترَ المذكورَ وما خالفَ المتواترَ فهو باطلٌ إن لم يقبل التأويلَ.


اتفقَ على ذلك المحدِّثونَ والأصوليُّونَ لكن بعض العلماءِ أوَّلُوهُ على هذا الوجهِ قالوا معنى أينَ الله سؤال عن تعظيمِها لله وقولـها في السماءِ عالي القدرِ جدًّا أما أخذه على ظاهره من أن الله ساكن السماء فهو باطلٌ مردودٌ وقد تقررَ في عِلمِ مصطلح الحديثِ أنَّ ما خالفَ المتواتر باطلٌ إن لم يقبل التأويل فإن ظاهرَه ظاهرُ الفساد، فإن ظاهرَه أنَّ الكافرَ إذا قالَ الله في السماءِ يُحكم لهُ بالإيمانِ.


ونقولُ للمشبهة: لو كانَ الأمر كما تدَّعون من حمل ءاية ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى العرش استوى ﴾[سورة طه/62] على ظاهرها وحمل حديث الجارية على ظاهرهِ لتناقَض القرءان بعضه مع بعض والحديث بعضه مع بعضٍ، فما تقولون في قوله تعالى ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وجه الله ﴾[سورة البقرة/115] فإما أن تجعلوا القرءانَ مناقضًا بعضُه لبعضٍ والحديثُ مناقضًا بعضه لبعض فهذا اعتراف بكفركم لأن القرءان يُنَزهُ عن المناقضة وحديث الرسول كذلك، وإن أوَّلتم ءاية ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وجه الله ﴾ ولم تأوّلوا ءايةَ الاستواء فهذا تحكُّمٌ أي قولٌ بلا دليل.


ومن حديث الجارية الذي مرَّ ذكرهُ يُعلَم أن الشخصَ إذا قالَ : "الله في السماء" وقَصَدَ أنه عالي القدرِ جدًّا لا يكفَّرُ لأن هذا حالُهُ مثلُ حالِ الجارية السَّوداء أي على تقدير صحة تلك الرواية، أما إذا قالَ الله موجود بذاته في السماء هذا فيه إثباتُ التحيز وهو كفر.


وحديث الجارية فيه معارضة للحديث المتواتر: " أمرتُ أن أُقَاتِلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ". وهو من أصحّ الصحيح، ووجهُ المعارضَةِ أن حديث الجارية فيه الاكتفاءُ بقول " الله في السماء" للحكم على قائله بالإسلام، وحديث ابن عمر رضي الله عنه: " حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " فيه التصريحُ بأنه لا بُدَّ للدخول في الإسلام من النطقِ بالشهادتين، فحديث الجارية لا يقوى لمقاومة هذا الحديث لأن فيه اضطرابًا في روايته ولأنه مما انفرد مسلم به. وكذلك هناكَ عدة أحاديث صحاح لا اختلافَ فيها ولا علة تناقضُ حديث الجارية فكيف يؤخذ بظاهرِهِ ويُعرضُ عن تلك الأحاديثِ الصّحاح، فلولا أن المشبهة لَها هوًى في تجسيم الله وتحييزه في السماء كما هو معتقد اليهود والنصارى لما تشبَّثوا به ولذلك يَرَونَهُ أقوى شبهة يجتذبونَ به ضعفاءَ الفَهم إلى عقيدتهم عقيدة التجسيم، فكيف يَخفى على ذي لبّ أن عقيدة تحيز الله في السماء منافيةٌ لقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ ﴾ ، فإنه على ذلك يلزمُ أن يكون لله أمثالٌ كثيرٌ فالسمواتُ السبعُ مشحونةٌ بالملائكة وما فوقها فيها ملائكةٌ حافون من حول العرش لا يعلمُ عددَهم إلا الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أطَّتِ السماءُ وحُقَّ لَها أن تئِطَ ما فيها موضِعُ أربعِ أصابع إلا وفيها ملكٌ قائمٌ أو راكِعٌ أو ساجِدٌ لله)). "رواه الحاكم في المستدرك".


يعني أن السماء مشحونة بالملائكة، والمشبهة يزعمون أن اللهَ يَسْكُنُ مع الملائكة في مكانٍ هو أقلُّ من أربعِ أصابع فهل يقبلُ المسلمُ العاقِل ذلك، لا يقبله إنما الذي نقوله إن اللهَ سبحانه وتعالى مُنَزَّهٌ عن المكانِ موجودٌ بلا مكان،
وحمل المُشبهة رواية مسلم على ظاهرهَا فَضَلُّوا ولا يُنجيهم منَ الضلالِ قولُهم إننا نحملُ كلمةَ في السماءِ بمعنى إنهُ فوقَ العرشِ لأنهم يكونونَ بذلكَ أثبتوا لهُ مِثلاً وهوَ الكتابُ الذي كَتَبَ الله فيه إن رَحمَتي سَبَقَت غَضبي فوقَ العرشِ فيكونونَ أثبتوا المُمَاثَلَةَ بينَ الله وبينَ ذلكَ الكتاب لأنهم جعلوا الله وذلكَ الكتاب مستقرَّينِ فوقَ العرش فيكونونَ كذبوا قولَ الله تعالى : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ ﴾ وهذا الحديث الذي رواهُ ابن حبانَ بلفظ "مرفوع فوقَ العرشِ"، وأما روايةُ البخاري فهي "موضوع فوقَ العرشِ"، وقد حَملَ بعضُ الناسِ فوقَ بمعنى تحت وهو مردودٌ بروايةِ ابنِ حبانَ بلفظ "مرفوع فوق العرش" فإنه لا يَصحُّ تأويلُ فوقَ فيه بتحت. ثم على اعتقادِهم هذا يلزمُ أن يكونَ الله محاذيًا للعرشِ بقدرِ العرشِ أو أوسَعَ منهُ أو أصغرَ، وكلُّ ما جَرَى عليهِ التقديرُ حادِثٌ محتاجٌ إلى من جَعَلَهُ على ذلكَ المقدارِ، والعرشُ لا مناسبةَ بينهُ وبينَ الله كما أنه لا مناسبةَ بينهُ وبينَ شىءٍ من خَلقِهِ، ولا يتشرَّفُ الله بشىءٍ من خلقِهِ ولا ينتفعُ بشىءٍ من خلقِهِ. وقولُ المشبهةِ الله قاعدٌ على العرشِ شَتمٌ لله لأن القعود من صفةِ البشرِ والبهائمِ والجِنِّ والحشرات وكلُّ وَصفٍ من صفاتِ المخلوقِ وُصِفَ الله به شَتمٌ لهُ، قالَ الحافظُ الفقيهُ اللغويُّ مرتضى الزبيديُّ: "مَن جَعَلَ الله تعالى مُقَدَّرًا بِمقدارٍ كَفَرَ" أي لأنهُ جعلَهُ ذا كميةٍ وحجم والحجمُ والكميةًُ من موجبَاتِ الحُدوثِ، وهل عرفنا أن الشمس حادثةٌ مخلوقةٌ من جهةِ العقلِ إلا لأن لَها حَجمًا، ولو كانَ لله تعالى حجمٌ لكانَ مِثلاً للشمسِ في الحجميَّةِ ولو كانَ كذلكَ ما كانَ يستحُقُّ الألوهيةَ كَما أن الشمسَ لا تستحقُّ الألوهية. فلو طَالَبَ هؤلاءِ المشبهةَ عابدُ الشمسِ بدليلٍ عقليّ على استحقاقِ الله الألوهية وعدم استحقاقِ الشمسِ الألوهية لم يكن عندَهم دليلٌ، وغَايَةُ ما يستطيعونَ أن يقولوا قالَ الله تعالى : ﴿ لله خالق كُلِّ شَىْءٍ ﴾ فإن قالوا ذلكَ لعابدِ الشمسِ يقولُ لهم عابدُ الشمس : أنا لا أؤمنُ بكتابكم أعطوني دليلاً عقليًّا على أن الشمسَ لا تستحقُّ الألوهيةَ فهنا ينقطعونَ.
فلا يوجدُ فوقَ العرش شىءٌ حيٌّ يسكنه إنما يوجدُ كتابٌ فوقَ العرشِ مكتوبٌ فيه: " إنَّ رحمتي سَبَقَت غَضبي" أي أن مظاهر الرحمة أكثر من مظاهر الغضب، الملائكة من مظاهر الرحمة وهم أكثرُ عددًا من قطرات الأمطار وأوراق الأشجار، والجنة من مظاهر الرحمة وهي أكبر من جهنم بآلاف المرات.
وكونُ ذلك الكتابِ فوقَ العرشِ ثابتٌ أخرجَ حديثهُ البخاريُّ والنسائيُّ في السننِ الكبرى وغيرهُما، ولفظ روايةِ ابن حبّانَ : " لَمَّا خلقَ الله الخلقَ كتبَ في كتابٍ يكتبُهُ على نفسِهِ (١) وهو مرفوعٌ فوق العرشِ إن رحمتي تَغلبُ غَضَبي".
فإن حاوَلَ محاوِلٌ أن يؤوّلَ "فوق" بمعنى دون قيلَ لهُ: تأويلُ النصوصِ لا يجوزُ إلا بدليلٍ نقليّ ثابتٍ أو عقليّ قاطِعٍ وليس عندهم شىءٌ من هذينِ، ولا دليلَ على لزومِ التأويلِ في هذا الحديث، كيفَ وقد قالَ بعضُ العلمَاءِ إن اللوحَ المحفوظَ فوقَ العرشِ لأنه لم يَرد نصٌّ صريحٌ بأنه فوق العرشِ ولا بأنه تحتَ العرشِ فبقي الأمرُ على الاحتمالِ أي احتمالِ أن اللوحَ المحفوظَ فوقَ العرشِ واحتمالِ أنه تحتَ العرشِ، فعلى قولهِ إنهُ فوقَ العرشِ يكون جعلَ اللوحَ المحفوظَ معادِلا لله أي أن يكونَ الله بمحاذاةِ قسم منَ العرشِ واللوحُ بمحاذاةِ قسمٍ مِنَ العرشِ وهذا تشبيهٌ لهُ بخلقِهِ لأن محاذاةَ شىءٍ لشىءٍ مِن صفاتِ المخلوقِ. ومما يدل على أن ذلك الكتاب فوق العرش فوقيةً حقيقيةً لا تحتمل التأويل الحديث الذي رواه النسائيُّ في السنن الكبرى: "إنَّ الله كتَب كتابًا قبل أن يخلُقَ السمواتِ والأرض بألفي سنة فهوَ عندَهُ على العرشِ وإنه أنزلَ من ذلك الكتاب ءايتين ختم بِهما سورة البقرةِ"، وفي لفظ لمسلم : "فهو موضوعٌ عندهُ" فهذا صريحٌ في أنَّ ذلكَ الكتاب فوقَ العرشِ فوقيةً حقيقيةً لا تحتَمِلُ التأويلَ.
وكلمةُ "عندَ" للتشريفِ ليسَ لإثباتِ تحيز الله فوقَ العرشِ لأنَّ "عندَ" تُستعمَلُ لغيرِ المكانِ قالَ الله تعالى: ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ﴾ [سورة هود/83-84) إنَّما تدلُّ "عندَ" هنا أنَّ ذلكَ بعلمِ الله وليسَ المعنى أنَّ تلكَ الحجارة مجاورةٌ لله تعالى في المكَان. فمَن يحتجُّ بمجرّدِ كلمةِ عند لإثباتِ المكانِ والتَّقارُبِ بينَ الله وبينَ خلقِهِ فهوَ من أجهَل الجاهلينَ، وهل يقولُ عاقلٌ إنَّ تلكَ الحجارةَ التي أنزلَها الله على أولئكَ الكفرةِ نَزَلَت مِنَ العرشِ إليهم وكانت مكوّمَةً بمكان في جنبِ الله فوقَ العرشِ على زعمِهم.
وقَد رَوى البخاري أنَّ النّبيَّ قَال: "إذَا كَانَ أحَدُكُم في صلاته فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلا يَبْصُقَنَّ في قبلته ولا عَنْ يَمِينِهِ فَإنَّ رَبَّهُ بَيْنَه وبَيْنَ قِبْلَتِهِ"، وهذا الحديثُ أقْوى إسْنادًا منْ حَدِيثِ الجارية .
ومناجاةُ الله معناه الإقبالُ على الله بدعائِهِ وتمجيدِهِ، والمعنى المصلّي تجرَّدَ لمخاطبة ربّه انقطعَ عن مخاطبةِ الناسِ لمخاطبةِ الله، فليس من الأدبِ مع الله أن يَبصُقَ أمامَ وجهِهِ، وليس معناهُ أن الله هو بذاتِهِ تِلقَاءَ وجهِهِ.
وأما قولُهُ عليه الصلاة والسلام: " فإن ربَّه بينَهُ وبين قِبلته "، أي رحمةُ ربّه أمامَهُ، أي الرحمة الخاصة التي تنزلُ على المصلين.
وأَخْرَجَ البُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبي موسى الأشعري أنَّ رَسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالَ: " ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُم فإِنَّكم لا تَدْعون أصم ولا غَائبا، إنكم تدْعون سمِيْعا قَرِيبا، والذي تدعونَهُ أقْرَبُ إلى أحدكم مِن عنق رَاحلة أحدكُم".
و هذا الحديثُ يُستفادُ منه فوائدُ منها أن الاجتماع على ذِكر الله كان في زمن الصّحابة، فقد كانوا في سفر فوصلوا إلى وادي خيبر فصاروا يُهللّونَ ويُكبّرون بصوت مرتفع فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شفقة عليهم: " اربَعُوا على أنفسكم" أي هَوّنوا على أَنفسكم ولا تُجهدوها برفع الصّوتِ كثيرًا، "فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا" أي الله تعالى يسمع بسمعه الأزليّ كلَّ المسموعات قويةً كانت أم ضعيفةً في أي مكانٍِ كانت، وأما قوله "ولا غائبًا " فمعناه أنه لا يخفى عليه شىء، وقوله : "إنكم تدعون سميعًا قريبًا والذي تدعونَهُ أقربُ إلى أحدِكم من عنقِ رَاحلةِ أحدكم"، ليس معناه القربَ بالمسافةِ لأن ذلك مستحيلٌ على الله فالعرش والفرش الذي هو أسفلُ العالم بالنّسبة إلى ذات الله على حدّ سواءٍ ليس أحدُهما أقربَ من الآخر إلى الله بالمسافة، وإنما معناه أن الله أعلمُ بالعبد من نفسه وأن الله مطَّلعٌ على أحوالِ عباده لا يخفى عليه شىء.
ثم إنه يلزمُ على ما ذهبتم إليه من حَملِ النصوص التي ظاهرها أن الله متحيزٌ في جهة فوق على ظاهرها كونُ الله تعالى غائبًا لا قريبًا لأن بين العرشِ وبين المؤمنين الذين يذكرونَ الله في الأرض مسافةً تقرُبُ من مسيرةِ خمسين ألف سنة وفي خلال هذه المسافة أجرامٌ صلبةٌ وهي أجرامُ السمواتِ وجِرمُ الكرسي، فلا يصحُّ على مُوجَبِ معتقدكم قول رسولِ الله إنه قريبٌ بل يكون غائبًا، أما على قولِ أهل السنة فكونه قريبًا لا إشكالَ فيه، فما أشدَّ فسادَ عقيدةٍ تؤدّي إلى هذا.
فَيقالُ للمعتَرِضِ: إذَا أخَذْتَ حَدِيثَ الجارية علَى ظَاهِره وهذَين الحدِيثَينِ عَلى ظَاهِرهما لَبَطَلَ زَعْمُكَ أنَّ الله في السماء وإنْ أوَّلْتَ هذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ ولَم تُؤوِّلْ حَدِيثَ الجارية فَهَذَا تَحكُّمٌ – أي قَوْلٌ بِلا دَلِيل -، ويَصْدُقُ عَلَيْكَ قَوْلَ الله في اليَهُودِ ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ [سورة البقرة/85]. وكَذَلِكَ مَاذا تقُولُ في قولِه تَعالى: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ﴾ [سورة البقرة/115] فَإنْ أَوَّلْتَه فَلِمَ لا تُوَوّلُ حَدِيثَ الجارية. وقَد جَاءَ في تَفسِيرِ هَذِهِ الآيةِ عنْ مُجاهِدٍ تِلميذِ ابنِ عَبَّاسٍ : " قِبْلَةُ الله"، فَفَسَّرَ الوجه بِالْقِبْلَةِ، أيْ لِصَلاةِ النَّفْلِ في السَّفَرِ عَلى الرَّاحِلَةِ.
و معنى فثمَّ وجه الله أي فهناكَ قبلة الله أي أن الله تعالى رخَّصَ لكم في صلاة النفل في السَّفر أن تتوجَّهوا إلى الجهةِ التي تذهبون إليها هذا لمن هو راكبٌ الدابة، وفي بعض المذاهبِ حتى الماشي الذي يصلي صلاةَ النفل وهو في طريقه يقرأ الفاتحةَ.
ومعنى قوله تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (سورة فاطر) أيْ أنَّ الكَلِمَ الطَّيبَ كَلا إلهَ إلا الله يصْعَدُ إلى مََحَلّ كَرَامَتِه وهُوَ السَّمَاءُ، والعَمَلُ الصَّالِحُ يرفَعُه أي الكلمُ الطيبُ يرفَعُ العملَ الصالحَ .فالكلمُ الطَّيبُ هو كلا إله إلا الله والعملُ الصّالحُ يشمَلُ كلَّ عملٍ صالحٍ يُتقرَّبُ به إلى الله كنحو الصلاةِ والصدقةِ وصلة الرحمِ، فالمعنى أن كلَّ ذلك يصعدُ إلى الله أي يتقبَّلُهُ، هذا ليسَ فيه أن الله له حيّزُ يتحيزُ فيه ويسكنُهُ.
فالسماءُ محلُّ كرامةِ الله أي المكان الذي هو مشرََّفٌّ عند الله، لأنها مسكنُ الملائكةِ
ومعنى قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}
قال المفسر الفخر الرازي في تفسيره وأبو حيان الاندلسي في كتابه البحر المحيط المراد بمن في السماء الملائكة، وليس المراد أن الله ساكن في السماء
وقد قال النووي الشافعي في شرح صحيح مسلم: قال القاضي عياض المالكي لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظاهر الوارده بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى {ءأمنتم من في السماء } ونحوه ليس على ظاهرها بل متاولة عند جميعهم ا.هـ
وكذا قال المفسرون من اهل السنه كالامام فخر الدين الرازي في تفسيره (ج 30 ص 99) وابي حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط (ج 10/226) وابي السعود في تفسيره (ج9/ص7) والقرطبي في تفسيره الجامع لاحكام القرآن (ج 17 ص 215) وعبارة القرطبي ({ءأمنتم من في السماء } " قال ابن عباس أأمنتم من في السماء ان عصيتموه ، وقيل اشارة الى الملائكه وقيل الى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب" ا. ه






اللهم أجعلنا ملازمين لسنة نبيك واحينا وابعثنا عليها
اللهم اجعل همنا نشر العلم ودأبنا إحقاق الحق وإزهاق الباطل


وآخر دعونا الحمد لله رب العالمين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...