بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

يجبُ التَّحْذِيرُ مِنْ قولِ بَعْضِ الْمَلاحِدَةِ:"إنَّ الرَّسُولَ كانَ مُتَعَلِّقَ الْقَلْبِ بالنِّساء ولذلكَ عَدَّدَ الزِّوَاج "



يجبُ التَّحْذِيرُ مِنْ قولِ بَعْضِ الْمَلاحِدَةِ:"إنَّ الرَّسُولَ كانَ مُتَعَلِّقَ الْقَلْبِ بالنِّساء ولذلكَ عَدَّدَ الزِّوَاج "

وهذا الكلامُ تنقيصٌ له صلَّى الله عليهِ وسلَّم، وكُلُّ كلامٍ يَقْدَحُ بنبيٍّ من أنبياء الله فهو باطلٌ وكُفْرٌ مُخْرِجٌ من دينِ الله.
وَأَمَّا تَعْدِيدُ نبيِّنا مُحَمَّدٍ الزِّوَاجَ فليس لأنه كانَ مُتَعَلِّقَ القلبِ بالنِّساء كما زَعَمَ أولئكَ المتهوِّرون، وإنما لِحِكَمٍ كثيرةٍ عَلِمْنَا بعضَها وخَفِيَ علينا بعضُها.
ونبيُّنا مُحَمَّدٌ لم يَتَزَوَّجْ قبلَ النُّبُوَّةِ إلَّا خديجةَ، ثمَّ بعد أنْ صار عُمُرُهُ ثلاثًا وخمسينَ سنةً تَزَوَّجَ غيرَها وقد كانتْ خديجةُ ماتتْ وهو بمكَّة. فعَدَّدَ الزِّوَاجَ في خلالِ السَّنَوَاتِ العَشْرِ التي قضاها بالمدينةِ الْمُنَوَّرَةِ حتَّى اجتمعَ عندَه تسعُ نِسْوَة. وكانَ غَرَضُهُ، صلَّى الله عليهِ وسلَّم، أنْ تنتشرَ أحكامٌ شرعيَّة من طريقِ النِّساء، لأنَّ تَعَلُّمَ النِّساء من النِّساء أسرعُ إلى النِّساء وأقربُ إلى نُفُوسِهِنَّ لأنه قد يَمْنَعُهُنَّ الحياءُ من تَعَلُّمِ أمُورِ الدِّينِ من الرِّجال. والدَّليلُ على أنَّ الرَّسُولَ لم يَكُنْ مُتَعَلِّقَ القَلْبِ بالنِّساء أنَّ عائشةَ رضيَ الله عنها وهي أجملُ نسائهِ وأَحْدَثُهُنَّ سِنًّا أخبرتْ أنه كُلَّمَا كانَ ليلتُها من رسولِ الله يخرجُ من ءاخِرِ اللَّيْلِ إلى البقيعِ أيْ جَبَّانةِ المدينةِ ليستغفرَ لأهلِها. أنظر (صحيحَ مسلم)/كتاب الجنائز/باب ما يقال عند دخول القبور..
وكانَ دَوْرُ عائشةَ ليلةً من تِسْعِ ليالٍ حينَ بَلَغَ عَدَدُ أزواجهِ تِسْعًا وكانَ أقلَّ من ذلكَ فيما قبلَ ذلك. وكانَ لا يَلْزَمُ الفِرَاشَ تلكَ اللَّيْلَةِ مَعَهَا بل كانَ يَتَهَجَّدُ فيَتْرُكُهَا على الفِرَاشِ ويقومُ فيُصَلِّي ما شاء الله. وكانَ يقومُ مَرَّتَيْنِ من النَّوْمِ للصَّلاةِ، وفي خلالِ ذلكَ يذهبُ إلى الْجَبَّانةِ فيدعو لأهلِ الْجَبَّانةِ ثمَّ يعود.
وإنَّ مِمَّا خَصَّهُ الله تعالى بهِ مِنَ الأحكامِ حِلُّ الْجَمْعِ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نساء في ءانٍ واحدٍ وتحريمُ ذلكَ على أُمَّتهِ. وكانَ واجبًا عليهِ إظهارُ هذا الحكمِ الذي هُوَ تشريعٌ مِنَ الله، وفي ذلكَ دِلالَةٌ على صِدْقهِ في دَعْوَى نُبُوَّتهِ ورسالتهِ لأَنَّهُ لَوْ لَمَ يَكُنْ يَتْبَعُ الْوَحْيَ مِنْ رَبِّهِ لَمْ يَتَجَرَّأْ على أَنْ يَقُولَ لِلنَّاس: أنا يجوزُ لي أَنْ أَجْمَعَ بَيْنَ أكثرَ مِنْ أَرْبَعِ نساء ولا يجوزُ لغيري الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أربعٍ.
ولكنَّه لا يبالي إلَّا بتنفيذِ ما يُوحَى إليهِ. فقد كانَ هَمُّهُ صلَّى الله عليهِ وسلَّم إرضاءَ رَبِّهِ بتبليغِ شَرْعِ الله مِنْ غيرِ تحريفٍ ولا تبديلٍ ولا تقصيرٍ ولا هَوَادَةٍ، فلمْ يَكُنْ يَصْرِفُهُ عَنْ ذلكَ خَوْفٌ مِنَ النَّاسِ ولا مِنْ وَقِيعَةٍ واعتراضِ بَعْضٍ عليهِ.
ولقد ثَبَتَ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "حُبِّبَ إليَّ من دُنياكُمُ النِّساءُ والطِّيبُ وجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيني في الصَّلاة" رَوَاهُ الحاكمُ في (المستدرَك) والنَّسائيُّ في (سننه).
فقولُه (حُبِّبَ إليَّ)معناهُ أنا أميلُ إلى هذه الأمورِ مَيْلًا طبيعيًّا ولكنني لا أتتبَّع ميلي إلى النِّساء قَصْدًا. وقولُه ( وجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصَّلاة ) معناهُ إنَّ ما أَتَتَبَّعُهُ قَصْدًا هو الصَّلاة.
معنى الحديث أنَّ الله تعالى جَعَلَ في رسولِ الله ميلًا طبيعيًّا إلى الطِّيبِ والنِّساء وليسَ حُبًّا تَعَلُّقِيًّا. وإنما الحُبُّ التَّعَلُّقِيُّ والرَّاحةُ القلبيَّة واللَّذَّةُ الكاملةُ إنما هي للصَّلاة. وقد نَصَّ العلماءُ على أنَّ مَنْ زَعَمَ أنَّ نبيًّا من الأنبياء كانَ مُتَعَلِّقَ القلب بالنِّساء يتتبَّع ذلك فقد كَفَرَ لأنَّ تنقيصَه كُفْرٌ مخرجٌ من الملَّة.
والحمد لله أولاً وآخراً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...