بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 31 أغسطس 2018

الصَّلاة عمود الدّين وعماده



الصَّلاة عمود الدّين وعماده
الحمد لله ربّ العالمين له النّعمة وله الفضل وله الثّناءُ الحسن والصَّلاة والسَّلام على سيّدنا محمّد الأمين وعلى ءاله وصحبه أجمعين.
اعلموا إخوة الإيمان أنَّ اللهَ تباركَ وتَعالى فَرَضَ الصلوات الخمس وجعلها أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله وجعل لكل فرض من فروضها وقتًا معلومًا لابتدائه وانتهائه وأوجب علينا أداءها بتمامها فمن أداها بتمامها كان له الأجر العظيم الذي وعد الله سبحانه وتعالى به.
يقول الله تعالى (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ الَّيلِ وَقُرءَانَ الفَجرِ إِنَّ قُرءَانَ الفَجرِ كَانَ مَشهُودًا) الإسراء / 78.
أفهمنا الله تبارك وتعالى في هذه الآية بطريق الإشارة لا بطريق التصريح فرضية أربع صلوات من الخمس، الظهر والعصر والمغرب والعشاء. فقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ) أراد به بيان وقت الظهر لأن الظهر أول وقتها هو ميل الشمس عن وسط السماء إلى جهة المغرب. فمن أدى الظهر قبل ذلك لم تصح صلاته للظهر لا أداء ولا قضاء، فيحرم على المرء أن يصلي الصلاة قبل تأكده من دخول وقتها، وذلك عام لكل صلاة لها وقت فلا يجوز أن نصلي أي صلاة قبل وقتها. قال الله تعالى (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤمِنِينَ كِتَابًا مَّوقُوتًا) النساء / 103.
فمن صلّى قبل دخول الوقت تكون لغوًا ليست أداءً ولا قضاء ولا تبرأ ذمته بل تبقى في ذمته ليوافى بها يوم القيامة فعليه أن يتدارك نفسه.وإنَّ ذلك يحصل في رمضان لكثير من الناس عند الفجر فإنهم
يستعجلون من أجل النّوم فيصلّون الصبح بالتَّوهُّم من غير التَّحقق من دخول وقتها الذي وقّته الله تبارك وتعالى بالوحي الذي أوحاه إلى نبيِّه صلّى الله عليه وسلّم. 
وقوله تعالى (إِلى غَسَقِ الَّيلِ) دلَّ على المغرب والعشاء لأن المغرب يكون جزء من وقتها عند
نزول الظّلام في الأرض وإن كان أول وقتها اختلاط الظّلام.
ثم نصَّ الله تبارك وتعالى على صلاة الصّبح بقوله (وَقُرءَانَ الفَجرِ) سماها قرءان الفجر لأنها تدخل
بطلوع الفجر الذي هو البياض في الأفق المعترض ليس المستطيل وسماها (قُرءَانَ الفَجرِ) لأنه يقرأ فيها القرءان، وهي أولى الصلوات من غيرها بإطالة القراءة فيها، أولى من الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
وأصل هذه المواقيت مأخوذ من حديث جبريل وهو أن جبريل أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم في غد ليلة المعراج فبدأ بصلاة الظهر، جاء إلى رسول الله حين مالت الشمس عن وسط السماء فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يا محمَّد قم فصلِّ الظهر"، فأمَّهُ جبريل وصلى به الظهر. ثم جاءه حين صار ظل كل شئ مثله زائدًا على الظل الذي كان وقت انتصاف الشمس في وسط السماء –ويسمى ظل الإستواء- لما يصير الظل مثل الشئ أي بطول الشئ زائدًا على ظل الإستواء يكون انتهى وقت الظهر وبدأ وقت العصر، عندئذٍ جاءه جبريل في اليوم الأول فصلى به إمامًا العصر. ثم جاء عندما غربت الشمس فقال له: "يا محمَّد قم فصلِّ المغرب". فصلى به إمامًا المغرب حين غابت الشمس، ثم أتاه حين غاب الشفق الأحمر وذلك أول وقت العشاء فقال: "يا محمَّد قم فصلِّ العشاء" فقام فصلى معه العشاء مؤتمًا بجبريل. ثم جاء حين طلع الفجر أي البياض المعترض في أفق السماء في المشرق هذا البياض الذي يطلع معترضًا في الأفق الشرقي، هذا الذي تجب به صلاة الصبح ويحرم به الطعام والشراب على الصائم، فقام فأم به جبريل. فمن لم يتعلم هذه الأوقات فإنه عاص وأما الإعتماد على هذه المواقيت التي يستعملها الناس في هذه
التقاويم الموضوعة لعدة بلدان، كل ناحية لها تقويم خاص، فإن هذه لا تكفي ليست عمدة المواقيت التي أوحى الله تعالى بها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فعلى المسلم أن يتعلم هذه الأوقات الخمسة كما أنزل الله ولا يعتمد على وجود الرزنامات فإن هذه لا تنطبق على جميع البلاد، كيف يصلي هؤلاء الذين لم يتعلموا المواقيت الأصلية إذا اغتربوا ؟ يتركون الصلاة أم يصلون توهمًا ؟..
إن تركوا فذنب كبير وإن صلوا دون معرفة الأوقات فذنب كبير فلا مخلص لهم إلا أن يتعلموا، وإن على الوالدين ذنب إذا لم يعلموا أولادهم مواقيت الصلاة ولم يوكلوا بهم مَنْ يعلمهم. هذا هو الأدب الحسن، ليس الأدب الحسن أن يرفهوا أولادهم في معيشتهم في الأكل والشراب والثياب ونحو ذلك.
رَبَّنَا ءاتِنَا في الدٌّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَارِ، رَبَّنَا لاتُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنكَ رَحمَةً إنَّكَ أنْتَ الوَهَّابُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...