بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

بيان أن الجنب ليس بنجس

بيان أن الجنب ليس بنجس

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.


أما بعد فقد قال الله تبارك وتعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب}.


 هذه الآية تحذر عباد الله من أن يحلّوا شيئا من غير دليل شرعيّ 

ومن أن يحرّموا شيئا بغير دليل شرعيّ،

 فيلزم الإنسان إذا أراد أن يقول عن شيء إنه جائز أن يستند إلى الشرع أي إلى دين الله أي ما جاء عن رسول الله من القرءان والحديث 

وإذا قال عن شيء إنّ هذا حرام كذلك يلزمه أن يكون عنده دليل شرعيّ.



وقد كثر في هذا العصر الخوض في الدين بغير دليل شرعي فيجب الحذر من أناس يدّعون علم ما ليس عندهم به علم ويزعمون أنهم من أهل الإرشاد والصلاح وهم محرّفون لدين الله ومن ذلك التحريف قول أناس: إنّ الجنب إذا خرج قبل أن يغتسل تلعنه كلّ شعرة من جسمه. 



ففي [صحيح البخاري] ما يفند ذلك ويكذبه. ففي صحيفة إحدى وستين يقول البخاري: "باب عرق الجنب وأنّ المسلم لا ينجس" بإسناده إلى أبي هريرة "



عن أبي هريرة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنست منه فذهب فاغتسل ثمّ جاء فقال أين كنت يا أبا هريرة قال كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال: سبّحان الله إنّ المسلم لا ينجس".



معنى الحديث أنّ رسول الله كان يمر في بعض طرق المدينة فلقيه أبو هريرة وكان جنبا فلم يتابعه في السير بل رجع عنه بعد أن سلّم عليه وأخذ بيده، 

انخنس لأجل الجنابة فذهب فاغتسل فلما عاد بيّن له الرسول أنّ المسلم إن كان جنبا وإن كان في غير حالة الجنابة ليس نجسا،

 معناه ما كان عليك بأس لو ماشيتني مع كونك جنبا.


 وفي باب: "الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره" قال البخاري بإسناد له إلى أبي هريرة: 


الرسول نادى أبا هريرة في بعض الأوقات أبا هر حبا له. 


فالرسول صلى الله عليه وسلم بيّن له أنّ المسلم لا ينجس ولم يقل له الملائكة تلعنك أو كلّ شعرة من جسمك تلعنك 

وليس معنى أنّ المسلم لا ينجس أنّ الكافر نجس، فجسمه طاهر كجسم المسلم لكن اعتقاده نجس أما جسمه ليس نجسا. 


ثم قال البخاري بإسناد له إلى عائشة "عن أبي سلمة قال سألت عائشة أكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يرقد وهو جنب قالت نعم ويتوضأ".


هذا من باب الأفضلية، الجنب إذا لم يغتسل فورا يسن له أن يتوضأ ثم ينام وليس ذلك واجبا وإن شاء نام كما هو من غير أن يتوضأ إنما الواجب عليه أن يغتسل لأجل الصلاة حتى لا يفوته أداؤها.


وقد جاءت زوجة صفوان بن المعطل أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكته قالت: "يا رسول الله إنّ صفوان يضربني وإنه لا يصلي الصبح إلا بعد طلوع الشمس" وذكرت خصلة ثالثة فشكته لثلاث خصال ثم هو صفوان أجاب عن نفسه فقال: "يا رسول الله، أما قولها يضربني فإني رجل شاب فتصوم النفل بغير إذني معناه تمنعني حقي من الاستمتاع الذي أحلّه الله للرجل


 وأما قولها إني لا أصلي الصبح إلا بعد طلوع الشمس فإنّا أهل بيت لا نستيقظ إلا بعد طلوع الشمس" -المعنى هذه عادتنا أنا وأهلي- فما عتب عليه الرسول في شيء من شكاواها بل قال له في هذه المسئلة الثانية: "إذا استيقظت فصلِّ"، وما زاد على ذلك، ما قال له أنت محروم لا تصلي الصبح في وقتها إلا بعد طلوع الشمس ما عاب عليه في شيء من شكاوى زوجته عليه.



ثمّ إنّ من الأحاديث الصحيحة الثابتة في غير صحيح البخاري أنّ حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنه سمع الهائعة -أي صوت القتال أي الحرب لأنّ العدو اقترب من المدينة- صبيحة أُحد وكان جنبا فخرج فقاتل فقتل فرءاه رسول الله صلى الله عليه وسلم والملائكة يغسّلونه فقال الرسول: اسألوا صاحبته -أي زوجته- علي أيّ حال كان عند خروجه من البيت؟ -وكان هو حديث عهد بزفاف عروسه كان زفافه تلك الليلة التي قتل صبيحتها- قالت: "أجنب ثم اغتسل فصلى الصبح ثمّ لازمته أي تعلقت به فأجنب مرة ثانية ثم سمع الهائعة فخرج".

ففي هذا الحديث دليل واضح على أنّ المسلم إذا خرج وهو جنب ليس عليه بأس وإلا لما نال هذا الصحابيّ هذه المرتبة وهي أنّ الملائكة غسلته فما أبعد عن الصواب قول من قال إنّ الملائكة تلعنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...