بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 أكتوبر 2018

بيان أنه لا يقال إن الله استوى بذاته

بيان أنه لا يقال إن الله استوى بذاته

اعلموا رحمكم الله أنه لم يرد في الكتاب والسنة ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أن الله استوى بذاته على العرش ، بل المجسمة هي التي زادت على قول الله عز وجل : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }[سورة طه ] لفظة بذاته ، وإنما اتبعوا الوهم وما ألفوه من مشاهدة المخلوقات ، فقاسوا الخالق على المخلوق .

وقد أنكر الحافظ ابن الجوزي الحنبلي على المجسمة الحنابلة الذين قالوا بذلك ، والإمام أحمد بريء منهم فقال في كتابه (( الباز ))
ما نصه : (( وقد حمل قوم من المتأخرين هذه الصفة على مقتضى الحس فقالوا : (( استوى على العرش بذاته )) وهي زيادة لم تنقل إنما فهموها من إحساسهم وهو أن المستوي على الشئ إنما تستوي عليه ذاته ))اهـ .

فالاستواء بالذات من صفات الأجسام لأنه يصاحبه حركة وانتقال وتحيز فوق العرش والله منزه عن ذلك ، تعالى الله عما يقول المشبهة علوا كبيرا .

وقال المفسر أبو حيان في تفسيره : (( وأما استواؤه تعالى على العرش فحمله على ظاهره من الاستقرار بذاته على العرش قوم ، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا )) اهـ .

وقال الإمام أبو نصر القشيري : (( لو كان الأمر على ما توهمه الجهلة من أنه استواء بالذات لأشعر ذلك بالتغير واعوجاج سابق على وقت الاستواء ، فإن البارئ تعالى كان موجودا قبل العرش ، ومن أنصف علم أن قول من يقول : (( العرش بالرب استوى )) أمثل من قول من يقول : (( الرب بالعرش استوى ))، فالرب إذا موصوف بالعلو وفوقية الرتبة والعظمة منزه عن الكون في المكان وعن المحاذاة )) اهـ ، نقله الحافظ محمد مرتضى الزبيدي في شرح على الإحياء .

وسئل الشبلي عن قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه ] فقال : (( الرحمن لم يزل ، والعرش محدث ، والعرش بالرحمن استوى )) اهـ رواه القشيري في رسالته .

قال القاضي بدر الدين بن جماعة في (( إيضاح الدليل )) عن الذي قال استوى بذاته ما نصه : (( فقد ابتدع بهذه الزيادة التي لم تثبت في السنة ولا عن أحد من الأئمة المقتدى بهم )) .

ولهؤلاء المشبهة نقول : قال الذهبي في (( سير أعلام النبلاء )) ما نصه :(( فقد ذكرنا أن لفظة بذاته لا حاجة إليها وهي تشغب النفوس )) اهـ .

ومنه تعلم أن قول المجسم ابن قيم الجوزية في كتابه المسمى (( الصواعق المرسلة )) : (( قول أهل السنة : استوى على عرشه بذاته أي ذاته فوق العرش عالية عليه )) اهـ ،

لا أساس له من الصحة عن أهل السنة بل هو قول المجسمة نسبه إلى أهل السنة زورا وبهتاناًَ .

والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...