بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 أكتوبر 2018

الطبري يفسر معنى العلو والارتفاع هذه طعنة في قلوب المشبهة

جامع البيان عن تأويل آي القرآن. - للإمام الطبري
الجزء الأول من الكتاب 
سورة البقرة 

القول في تأويل قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات}

491 - حدثت بذلك عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس: {ثم استوى إلى السماء} يقول: ارتفع إلى السماء. ثم اختلف متأولو الاستواء بمعنى العلو والارتفاع في الذي استوى إلى السماء، فقال بعضهم: الذي استوى إلى السماء وعلا عليها: هو خالقها ومنشئها. وقال بعضهم: بل العالي إليها الدخان الذي جعله الله للأرض سماء. قال أبو جعفر: الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه: منها انتهاء شباب الرجل وقوته، فيقال إذا صار كذلك: قد استوى الرجل، ومنها استقامة ما كان فيه أود من الأمور والأسباب، يقال منه: استوى لفلان أمره: إذا استقام له بعد أود. ومنه قول الطرماح بن حكيم:طال على رسم مهدد أبده وعفا واستوى به بلده
يعني: استقام به.
ومنها الإقبال على الشيء بالفعل، كما يقال: استوى فلان على فلان بما يكرهه ويسوءه بعد الإحسان إليه. ومنها الاحتياز والاستيلاء كقولهم: استوى فلان علىالمملكة، بمعنى احتوى عليها وحازها. ومنها العلو والارتفاع، كقول القائل: استوى فلان على سريره، يعني به علوه عليه.

وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه: {ثم استوى إلى السماء فسواهن} علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات.

والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: {ثم استوى إلى السماء} الذي هو بمعنى العلو والارتفاع هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهم كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينج مما هرب منه. فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: {استوى} أقبل، أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...