بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 أكتوبر 2018

العقيدة الإسلامية

العقيدة الإسلامية

كثيراً ما تردني رسائل تتعلق بتوضيح العقيدة الإسلامية لغير المسلمين أو للبعض الذين ليس لهم إطلاع على العقيدة الإسلامية، ولأهمية هذه المسألة سيما أننا في بلاد قد يوجد في البيت الواحد زوج على دين وزوجة على دين آخر كان من المهم توضيح العقيدة الإسلامية ليعلمها من شاء المعرفة بها.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذا بيان للعقيدة الإسلامية الحقة مأخوذ من كتاب الله ومن حديث رسوله صلى الله عليه وسلم. فقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه مسلم أن جبريل سأل النبي عن أشياء ليجيبه فيتعلم الناس وكان مما سأله قال: {فأخبرني عن الإيمان} فقـال عليه السلام: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال: "صدقت" الحديث. هذا الحديث يبين لنا جملة الإيمان وهاكم البيان بالتفصيل:

الإيمان بالله

قال عليه السلام: الإيمان أن تؤمن بالله أي بوجوده تعالى وأنه لا بداية ولا نهاية لوجوده قال تعالى: (هو الأول والآخر) [سورة الحديد/3] والله سبحانه واحد في ملكـه لا شريك له في الألوهية قال تعالى: (وإلهكم إله واحد) [البقرة/162] وهو عز وجل قائم بنفسه لا يحتاج إلى غيره.

قال تعالى: (فإن الله غني عن العالمين) [آل عمران/97] فهو المستغني عن كل ما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه خلق السماء وكان قبلها وخلق العرش ولا يحتاج إليه لا يحمله العرش بل العرش وحملة العرش محمولون بلطف قدرته تعالى. والله لا يشبه شيئاً من خلقه قال تعالى: (ليس كمثله شيء) [الشورى/11] وهو تعالـى قـادر على كل شـيء لا يعجـزه شـيء في الأرض ولا في السمـاء قـال تعالـى: (وهو على كل شيء قــديــــر) [سورة المُلك/1] والله يفعـل ما يشاء قال تعالى: (فعال لما يريد) [سورة البروج] وقد روى أبو داود عن رسول الله عليه السلام أنه قال : ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن خلق الخلق وأقدرهم على ما شاء قال تعالى: (وما تشآؤن إلا أن يشآء الله) [سورة التكوير/29] والله تعالى بكل شيء عليم وعِلْمُ اللهِ شاملٌ لا يخفى عليه شيء قـال تعالى: (وهو بكل شيء عليم) [ سورة الحديد/3] فهو عالم بما كان وبكل ما يكون وبكل ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون بعلم واحد أزلي غير حادث، والله سبحانه وتعالى حي لا يموت قال تعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت) [سورة الفرقان/58] وهو سبحانه وتعالى يسمع ويرى بلا تشبيه ولا تمثيل ولا كيفية قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [سورة الشورى/11] وهو متكلم بكـلام أزلـي قديم غير حادث قال تعالى: (وكلم الله موسى تكليماً) [سورة النساء/164] والله جل وعـلا لا يحـويـه مكان ولا يجري عليه زمان وهذا ما نقله بالإجماع صاحب كتاب ’’الفرق بين ا لفرق‘‘( ص 333) فهو تعالى خالق المكان ومجري الزمان ولا يشغله شأن عن شأن.

قال الحافظ أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الشافعي (676 هـ) ما نصه: {إن الله تعالى ليس كمثله شيء، وإنه منـزّه عن التجسيم والانتقال والتحيز في الجهة، وعن سائر صفات المخلوق}.ا.هـ

وقال العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1143هـ) ما نصه: { فيتنزه سبحانه وتعالى عن جميع الأمكنة العلوية والسفلية وما بينهما} ا.هـ.

الإيمان بالملائِكـةِ

وملائكته (الحديث) يعني أن الإيمان بوجود الملائكة الكرام واجب وهم مخلوقـون من نور وفي الحديث الذي رواه مسلم خلق الله الملائكة من نور (الحديث) وقد ثبت عن سعيد بن المسيّب أنه قال: {إن الملائكة لا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون وأنهم ليسوا ذكوراً ولا إناثاً }. قال الله تعالـى: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى) [سورة النجم/27] والملائكة عباد لله طائعون قال تعالى:( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) [سورة التحريم/6] فلا يجوز الأخذ بما يروى عن هاروت وماروت أنهما فتُنِا بامرأة يقال لها الزُّهرة فإن القصة غير ثابتة ثبوتاً يحتج به في الإعتقاديات.

الإيمانُ بالكُتُـب السماوية

وكتبه (الحديث) يعني أنه مما يجب الإيمان به الكتب السماوية التي أنزلها الله على رسله بالوحي بواسطة جبريل عليه السلام، وهي حقٌّ كلُّها أنزلت لما فيه مصلحة العباد وهي شرائع للعباد تبين ما أمرهم الله به ومن أشهر هذه الكتب القرآن والإنجيل والتوراة والزبور ونؤمن أنها كلام الله وليست من تأليف جبريل ولا محمد ولا عيسى ولا موسى عليهم الصلاة والسلام. وكتب الله المنزلة من القرآن والتوراة والإنجيل والزبور عبارات عن كلامه الذاتي الأزلي الأبدي والعبارةُ غيرُ المعبَّر عنه، ولذلك اختلفت باختلاف الألسنة. فإذا عُبِّر عن الكلام الذاتي بحروف القرآن التي هي عربية فقرآن وبالعبرية فتوراة وبالسريانية فإنجيل وزبور. فالاختلاف في العبارات دون المعبَّر عنه. فتبين أن قراءتنا وتلاوتنا حادثة والمقروء والمتلو أي مادلت عليه القراءة والتلاوة من كلامه الذاتي قديم أزلي كما إذا ذكر الله بألسنة متعددة ولغات مختلفة فإن الذكر حادث والمذكور وهو رب العباد قديم أزلي فتأملوا ذلك رحمكم الله.

الإيمانُ بالرُّسل

ورسله (الحديث) أي أنبيائه من كان رسولاً ومن لم يكن رسولاً فيجب الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام. واعلم يا أخي أنه ليس كلُّ نبي رسولاً فالرسول يأتي بنسخ بعض شرع من قبله أو بشرع جديد والنبي غير الرسول يوحى إليه ليتبع شرع رسول قبلَه. فكلٌّ أوحي إليه وكل أمر بالتبليغ وكلهم على دين واحد هو الإسلام وقد جاء في البخاري أن رسول الله قال: الأنبياء اخوة لعلات(1) دينهم واحد هو الإسلام وهو الدين المقبول عند الله قال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [سورة آل عمران/85] .

1) الاخوة لعلات هم الاخوة من أب واحد وأمهات مختلفات وقد شبه بهم الأنبياء لأن الإسلام يجمعهم مع اختلاف شرائعهم وكل شريعة من شرائعهم جاءت بالإسلام.

والأنبياء أفضل من الملائكة ومن جميع المخلوقات قال تعالى: (وكلاً فضلنا على العالمين) [سورة الأنعام/86] ويجب لهم صفة الصدق والأمانة والفطانة والشجاعة والجهاد في الله ويستحيل عليهم الكذب والخيانة والرذالة والسفاهة والبلادة والجبن والتقصير في الدعوة لدين الله وغير ذلك من الصفات التي لا تليق بمقام النبوة. وهم معصومون من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها فليحـذر مما فيه أن يوسف هم بالزنا أو أن إبراهيم عبد الكوكب أو أنه شك في قدرة الله أو أن داود فتن بامرأة فأرسل زوجها إلى الحرب ليقتل فيأخذ زوجته، ليحذر من ذلك فإنه مخالف لشرع الله وما كان من القرآن ظاهره يعطي ذلك فلا يحمل على ظاهره الذي لا يليق بمنصب النبوة لأن الأنبياء منزهون عن كل نقص مترفعون عن كل خسة ولا ريب في ذلك فإنهم أفضل الخلق.

الإيمان باليَـومِ الآخـــر

واليوم الآخر (الحديث) يعني مما يجب الإيمان به الإيمان باليوم الآخر وأن الله يبعث من في القبور وقد أخبرنا الرسول الأعظم عليه السلام جملة مما يحصل للعبد بعد الموت فمن ذلك عذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين منكر ونكير والبعث والحشر والقيامة والحساب والثواب والعذاب والميزان والنار والصراط والحوض والشفاعة والجنة والرؤية لله تعالى بالعين في الآخرة وخلود أهل الجنة في الجنة وخلود أهل النار في النار.

الإيمــــانُ بالقَـــــــــدَرِ

وأن تؤمن بالقدر خيره وشره (الحديث) ومعنى ذلك أن كل ما دخل في الوجود من خير وشر من أعمال العباد فهو بتقدير الله ومشيئته الأزلية و علمه فالخير من أعمال العباد فهو بتقدير الله ومحبته ورضاه والشر من أعمال العباد فهو بتقدير الله لا بمحبته ولا برضاه وكل ما يحصل في الكون هو بمشيئة الله تعالى قال تعالى: (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله) [سورة التكوير/29] وقال أبو حنيفة رضي الله عنه في الوصية: }فلو زعم أحد أن الخير والشر بغير تقديره تعالى صار كافراً وبطل توحيده} ا.هـ. فالخير والشر بخلق الله تعالى وعلمه وتقديره والعبد كاسب باختياره وليس مجبوراً في أعماله طاعة كانت أم معصية إيماناً كانت أم كفراً عرفاناً كان أم نُكْراً فكل ذلك باختيار العبد لما شاء الله له وقدّره عليه.

وقال صدقت المصدِّق هو جبريل عليه السلام وهو أفضل الملائكة والمصدَّقُ هو محمد بن عبد الله أفضل الأنبياء والمرسلين قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر رواه الترمذي.

وهو خاتم النبيين قال تعالى: (ما كان محمدٌ أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) [سورة الأحزاب/40] وقال وختم بي النبيون رواه مسلم. فهذه نبذة مختصرة عن أهم الأملر الأعتقادية التى يجب على كل مسلم إعتقادها ليكون سليم الإعتقاد مما يخالف ما جاء به القران والسنة وإجماع علماء المسلمين فمن حمل هذا الإعتقاد فهو مسلم مؤمن عند الله تعالى ومن خالف فليس عللى عقيدة المسلمين والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...