فائدةٌ في قوله تعالى "سندعُ الزبانية"
الحمد لله وليّ التّوفيق، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وتابعيهم من أهل التحقيق والتّدقيق ، وبعد :
فإن المسلمين لا يعتقدون في الله وهناً ولا كسلاً ولا حاجةً لمخلوق، فهو تبارك وتعالى قادرٌ قاهرٌ قويٌ عزيز "لا يُسأل عما يفعلُ وهُم يُسألون"، فلا يجوز اعتقاد حاجة الله لأي من خلقه ملكاً كان أم ذرة تراب وإنما كل خلقه تبارك وتعالى في حاجته وتحت قهره وقدرته . والظاهرُ الجليّ لأهل الفهم المتدبرين العارفين بأصول اللغة أنَّ كل ما ورد في حقّ الله في القرءان الكريم خلافاً لما سبق فإنه يؤخذ بقواعدَ لغويةٍ، والأصل أن يُتدبَّر القرءان تبعاً لها، فلا يقرأ جاهلٌ آية ظاهرها يوهم حاجة الله لأحد خلقه ومن ثم يعتقد أن الله يحتاج خلقه فهذا الكفرُ بعينه .
وقد ورد في القرءان الكريم في قصّة أبي جهل مع رسول الله لمّا نهاه عن الصلاة عند المقام (أبو جهل نهى الرسول)، فتوعّده الرسول وأغلظ عليه، فقال أبو جهل : علامَ يتوعدني محمدٌ وأنا أكثر أهل الوادي نادياً ؟ أي مجلساً وأهلاً ، فنزل في حقّه قوله تبارك وتعالى : "كلّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسفَعَا بالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ *سَنَدْعُ الزَّبَانِيَة" (15-17) - سورة العلق .
فإن كانَ أبو جهلٍ بحاجَةٍ لأن يدعوَ ناديَه وعشيرته، فهل يحتاجُ الله لأن يدعو زبانيته ؟ كلّا وإنما الحاصلُ أن الله أراد أن يُعامِله بمقدارِ جهله وإلا فهو قادرٌ على أن ينتقم منه فكل أمر أراده فهو حاصل لا يمانعه احد.
وإنّ في هذه الآية دليلاً على منكري التأويل فإن الله تبارك وتعالى لابد وأنه موصوف بكلّ كمال يليق به فكيف سيفسر الجاهلون دعوة الله لزبانيته إلا أن يكون التفسير كما تقدّم ؟
والله تبارك وتعالى أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق