بيان عدم جواز تكفير مرتكب الكبيرة من المسلمين
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلّغ الرسالة وأدًى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنّا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه، صلوات الله عليه وعلى كل رسول أرسله.
إن الله تبارك وتعالى قال في كتابه العزيز:يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون.
إخوة الإيمان، اعلموا أن الله تبارك وتعالى أنعم علينا بنعمة عظيمة نعمة اللسان، فجدير بنا أن لا نستعين بهذه النعمة على معصية الله تعالى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ”أكثر خطايا ابن ءادم من لسانه“، وإن الله تبارك وتعالى يحاسب العبد على ما يتكلم به فقد قال عزّ وجلّ:ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيدفالملكان رقيب وعتيد أحدهما موكل بكتب الحسنات والآخر موكل بكتب السيئات، ومن الأقوال الشنيعة ما يصدره بعض أهل الضلال المنتسبين إلى الإسلام من فتاوى باطلة ليس لها أصل في دين الله تعالى، منها ما ينسبونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه قال عن تارك الصيام: (إنه كافر حلال الدم( وهذا مردود، وقولهم: (بأنه يشك في إسلامه ويتهم بالزندقة والانحلال) أي الكفر، هذا خلاف الإجماع وهو مردود، فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال:"من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله دخل الجنة يومًا من الدهر ولو أصابه قبل ذلك ما أصابه" أي ولو عذب على ذنوبه قبل دخوله الجنة لا بد أن يكون مصيره في النهاية دخول الجنة لأنه مؤمن مسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرّة من إيمان" فمن أين لهم أن يكفروا المسلمين من غير دليل، إن هذا إلا اتباع للهوى والإفساد، وهؤلاء إذا نظرتم في كتبهم ومنشوراتهم تجدونها مليئة بالكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، منها أنهم كتبوا في مجلة لهم تصدر في بعض البلدان: (إن صيغة أستغفر الله أقل ما يقال فيها أنها المكاء والتصدية) وقالوا: (إن استعمال صيغة أستغفر الله دليل جهل من قبل المستغفر)، ونحن نقول لهم إن المكاء والتصدية هو التصفيق والصفير الذي كان يفعله المشركون فرحًا بكفرهم وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر"، فكيف تجرءوا على تسمية ما حضنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكاءً وتصدية.
هذا وقد كتبوا في إمساكية شهر رمضان التي وزعوها للناس (إن وقت الإمساك يكون بعد الفجر وأن من أركان الصيام الإمساك عن المفطرات من طلوع الشمس حتى الغروب)، والصحيح الذي أجمعت عليه الأمة الإسلامية أن من أركان الصيام الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس وليس من طلوع الشمس، فإن طلوع الشمس يكون بعد طلوع الفجر الصادق بحوالي ساعة ونصف، ألا يكونوا بذلك تسببوا لمن اتبع فتواهم هذه أن يكون صيامه فاسدًا وهو لا يدري، وقد قال واحد من زعمائهم (إنه يجوز الأكل من المطعومات التي تحتوي على كميات قليلة من لحم الخنزير وشحمه)، وقوله هذا مخالف للقرءان الكريم وكفر بالله العظيم إذ فيه تحليل محرم بإجماع المسلمين وبنص القرءان الكريم، والعجب أنهم يمدحون الوهابية في بعض مقالاتهم مع أن الوهابية تقول (إن أبا جهل وأبا لهب أكثر توحيدًا وأخلص إيمانًا من المسلمين الذين يتوسلون بالأولياء والصالحين) كما ورد في كتابهم المسمى "كيف نفهم التوحيد"، مما يدل على أنهم يطرقون كل باب لتخريب المجتمعات وإفسادها لإحلال الفوضى والأحقاد بين الناس.
إخوة الإيمان، إن أهل الضلال يجمع بينهم الكفر والجهل مهما اتخذوا لأنفسهم من تسميات، فلا ينبغي لمؤمن أن يكون في غفلة عمّا يكيده لنا أعداء الدين من نشر الفساد والانحلال والتجرؤ على دين الله تعالى، حتى إن بعض الناس في هذا الزمن لا يتجرأ الواحد منهم أن يداوي مريضًا إن لم يكن طبيبًا حصل على شهادة في الطب ويتجرأ على التكلم بالدين برأيه مع جهله بما ورد في النصوص الشرعية وبما قاله العلماء المعتبرين.
هذا وقد قال عليه الصلاة والسلام: "شفاء العيّ السؤال" أي شفاء الجهل السؤال أي طلب علم الدين ممن ينقل هذا العلم بحرص واعتناء بالغين، وقال أيضًا: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" فلا تهملوا علم الدين فإنه سبيل للنجاة يوم القيامة وبه يعرف العبد كيف يؤدي الأمانات على الوجه الذي أمر به وكيف يؤدي حقوق الله تعالى وحقوق العباد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق