بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 أكتوبر 2018

الاستواء .. معانيه ترد على الجُهلاء .

الاستواء .. معانيه ترد على الجُهلاء .

اعلم رحمك الله تعالى ، أن لغة العرب بحرها واسعٌ ، ومعانيها كبيرةٌ ، ومفرداتها عظيمة ، لذلك نزل القرءان عربياً وكان أفصح من لسان العرب فأعجز أهل اللغة عن أن يأتوا بمثله ، ولو آية .

ومما قاله ربنا تبارك وتعالى : "الرحمن على العرش استوى" ، كلمة الاستواء كلمةٌ عديدة المعاني لها خمسة عشر معنى ، نذكر منها :

التمكن والاستقرار ، المساواة والاعتدال ، الجلوس ، القهر ، السيطرة ، العلو ، النضوج .. وغير ذلك

فلما وصف الله تبارك وتعالى نفسه بأنه مستوٍ على عرشه ، بعض الناس سألوا كيف استواؤه ؟.

& فإما أن نقول كما قال الإمام مالك : "الاستواء معلوم والكيف غير معقول ، والإيمان به واجبٌ والسؤال عنه بدعة" أي أن الله تبارك وتعالى لا يسأل كيف صفاته فاستواؤه بلا كيف .

& أو كقول الإمام أحمد : "استوى كما أخبر ، لا كما يخطر للبشر"
فإن من يسأل ويقول أين الله فإنه في الغالب مبتدعٌ جاهل ، يناقضُ نفسَهُ كما سيظهر بعد قليل .

نعلم أن الله تعالى قال : "الرحمن على العرش استوى" ومن أنكر هذه الآية يكفر ، ولكن الله تعالى قال أيضاً : "ليسَ كمثله شيءٌ"

فلما كان معنى الآية "ليس كمثله شيء" : أن الله تعالى لا يشبه شيئا من خلقه ولا يشبهه من خلقه شيء لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال ، كان من الواجب أن تكون هذه الآية حَكَماً بين معاني الاستواء التي تقال في حق الله والتي لا تقال في حقّه .

إذا قال المبتدع : الاستواء جلوس وعلو .

ببساطةٍ يقال له - حتى نبين له ان الاستواء ليس جلوسا او علواً فقط - : لماذا إذا قال الإمام للمأمومين : استووا ، لا يجلسون ولا يعلون ؟

بالطبع سيسكت المبتدع ، أو سيقول : لأن قصد الإمام : اعتدلوا . وهذا المهم
يُقال له : اذا كان القصد الاعتدال وهي صفة في البشر ( او الخلق ) ، فإن الاستواء ليس جلوسا فقط .

وإنما للاستواء معانٍ عديدة ، منها ما يليق بربنا ومنها ما لا يليق ، وللحكم بين اللائق وغير اللائق ، نأتي بالآية : "ليس كمثله شيء" كون معناها ان الله تعالى لا يشبه شيئا من خلقه ولا يشبهه من خلقه شيءٌ لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال . فما دلّ على صفةٍ أو فعل للبشر فإنه يختلف مع معنى الآية وبذلك لا يكون هو الاستواء المقصود . وبذلك ينتهي الكلام - اذا كان عقله طبيعياً - .

ولو زاد المبتدع قليلاً على ذلك ووصلنا معه في الحكم إلى كلمة : العلو . ، فإننا نقول :من العلو ما هو حسّي وما هو معنوي يقصد به في حقه تعالى علوَ القدر والمكانة . والعلو الحسّي يستلزم الحركة والانتقال وهو على الله محال ، كما ذكر ذلك الإمام البيهقي في الأسماء والصفات - وقبل ان يذكره البيهقي هو واضح من الآية ليس كمثله شيء - . إذن فالعلو في حق الله هو علو قدر ومكانة لا جهة ومكان .
والله أعلم وأحكم ، وهو وليّ التوفيق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...