التأويل عند السلف الصالح
ثبت في صحيح مسلم (4/1990 برقم 2569) عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول :
(يا ابن ءادم مرضتُ فلمْ تَعُدني ، قال: يا ربِّ كيف أعودكَ وأنت رَبُّ العالمين ، قال : أما علمتَ أنّ عبديَ فلاناً مرضَ فَلمْ تَعُدْهُ ، أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عِندَهُ ... ) الحديث .
فهل يجوز لنا أن نقول : نثبتُ لله صفة المرض ولكن ليس كمرضنا ؟ وهل يجوز أن نعتقد أنَّ العبدَ إذا مرضَ مرض الله تعالى أيضاً وكان عند المريض على ظاهره وحقيقته ؟
كلا ، بل نقول : إنَّ من وصف الله تعالى بأنه يمرضُ أو قال أن له صفة المرض كفر بلا شكٍّ ، فنقول كما قال الإمامُ أبو جعفرٍ الطَّحَاويُّ : ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر .
ومعنى الحديث كما قال الإمام الحافظ النووي في ((شرح صحيح مسلم)) (16/126) :
"قال العلماء إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالى والمُرادُ العبدُ ، تشريفاً للعبدِ وتقريباً له ، وقالوا، ومعنى ، وجدتني عنده أي ، وجدت ثوابي وكرامتي ... " اهـ .
"قال العلماء إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالى والمُرادُ العبدُ ، تشريفاً للعبدِ وتقريباً له ، وقالوا، ومعنى ، وجدتني عنده أي ، وجدت ثوابي وكرامتي ... " اهـ .
وعلى هذه القاعدة الواضحة للتأويل المبنية على نصوص الكتاب والسُّنة سار الصحابة والتابعون وأتباعهم وأئمة الاجتهاد والحفاظ والمحدثون ولننقل لكم بعض تأويلاتهم حتى يزداد القلب طمأنينة وانشراحاً ، فنقول:
- ممن أول سيدنا ابن عباس رضيَ الله عنهما ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي دعا له بقوله : "اللهم علمه الكتاب" فقد نُقلت عنه تأويلاتٌ كثيرةٌ فيما يتعلق بمسألة الصفات بأسانيدَ صحيحةٍ نذكُرُ منها :
قول الله تعالى : {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} (42) سورة القلم ، فقد أول هذه الآية الكريمة بقوله : ( يُكشف عن شدةٍ) ، فأوَّل الساقَ بالشدة . ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (13/428) والحافظُ ابن جرير الطبري في تفسيره (29/38) حيثُ قالَ في صدرِ كلامه على هذه الآية :
" قال جماعةٌ من الصحابةِ والتابعين من أهل التَّأويلِ : يبدو عن أمر شديد" اهـ
ويروى أن ذلك قد نقل عن مجاهد وقتادةَ وغيرهم ..
ويروى أن ذلك قد نقل عن مجاهد وقتادةَ وغيرهم ..
وأول سيدنا ابن عباس رضي الله عن أيضاً قوله تعالى : {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47) سورة الذاريات ، قال : "بقوة" كما في تفسير الحافظ ابن جرير الطبري (7/27) ، ولفظة (أيدٍ) هي جمعُ يد وهي الكف كما في "القاموس المحيط" في مادة (يدى) حيث جاء فيه :
" اليدُ : الكفُ ، أو من أَطراف الأصابع إلى الكتف ، أصلها يُديّ جَمعها : أَيْدٍ ويُدِيُّ" ومنه قوله تعالى : {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} (195) سورة الأعراف . وتستعمل لفظةُ (أيدٍ) مجازاً وتؤوّل في عِدَّةِ معانٍ منها : "القوة" كقوله تعالى: { وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} أي : بقوةٍ ، ومنها : "الإنعام والتفضل" ومنه قوله تعالى : {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (17) سورة ص .
فتأمل أخي المسلم في أقوال أهل السنة والجماعة من السلف الصالح ... نسال الله أن يثبتنا على عقيدة أهل السنة والجماعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق