بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 أكتوبر 2018

معنى المحدود

معنى المحدود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين لـه النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد النبي وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وبعد:
المحدود عند علماء التوحيد ما كان لـه حدّ والحدّ هو الحجم، فالعرش لـه حدٌّ والذرة لها حدّ والسموات والأرض لها حدّ والظلمات والنور والريح كلٌّ لـه حدٌّ.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: تعالى [يعني الله]عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات. وقال: ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر.
وقال الإمام علي رضي الله عنه: من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود. رواه أبو نعيم في الحلية. قال الله تعالى: {ليس كمثله شئ}
وقال الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه: صونوا عقائدكم من التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة فإن ذلك من أصول الكفر.
وقال: غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك بطول الصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك. رواه ابن حبان.
قال الحافظ العبدري رحمه الله :عليك بطول الصمت يا صاحب الحجا ... لتسلم في الدنـيا ويوم القـيامـة
الحجا: العقل.
فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: {الحمد لله الذي خلقَ السموات والأرض وجعل الظلمات والنور}
هذه الآية الشريفة مع خِفَّةِ الفاظها جمعت معانٍ عظيمة، الله تعالى هو الذي أوجدَ السموات والأرض وخلَقَ النور والظلام أفهمنا أنه خالقُ كلّ جسم كثيفٍ وكلِّ جسم لطيفٍ لأنه ذكر السموات والأرض وهما جسمان كثيفان كذلك الشمسَ والقمرَ كذلك الانسان جسمٌ كثيفٌ والبهائم
وذكر الجسم اللطيف النور والظلام أفهمنا أنه خالق كل شئ من أنواع العالم الكثيف واللطيف ومعنى هذا أن الله لا يُشبهُ العالم كلَّهُ لا يُشبهُ الجسم الكثيف كالأرض والشمس والقمر واللطيف كانور والظلام والريح والروح
فمن اعتقد أن الله جسم كثيف كالشمس والقمر أو الانسان أو العرش أو اعتقد أن الله جسم لطيف كالنور والريح والروح فقد جعلَهُ مِثلَ خَلْقِهِ.
كل جسم مخلوقٌ إن كان كثيفاً وإن كان لطيفاً والخالقُ لا يجوزُ أن يُشبهَ مخلوقَهُ فهو ليس كشئ من خلْقِهِ، والعرش جسمٌ كثيفٌ مِثلُ الأرضِ والسموات لذلك يحملُهُ أربعةٌ من الملائكةِ في الدنيا وثمانية يوم القيامة، هو سرير بشكل مربع، العرشُ اللهُ خلَقَهُ وحفظَهُ في ذلك المكان بقدرته ولولا أنّ الله أمسكَهُ بقدرته وحفظه في ذلك المَركَزْ ما ثبتَ لحظة كان هوى [أي وقع]
ولما كان الجسم الكثيف والجسم اللطيف يأخذ قدْراً من الفراغ الإنسان والبهائم والشمس والقمر حتى هذا الذي يُقال له الهباء وحبة الخردل وما كان أصغرَ من ذلك وما كان أكبرَ من ذلك كل يأخذ مقداراً من الفراغ، الله ليس جسما لطيفاً وليس جسماً كثيفاً لا يأخذ حيّزا من الفراغ لذلك نقول الله موجود بلا مكان
ليس متحيّزا في جهة ولا في كل الجهات بل هو موجود بلا مكان لأن الذي يأخذ مقدارا من الفراغ هو الجسم، نور الشمس له مقدار من الفراغ ونور الكهرباء له مقدار من الفراغ أصغرُ من ذلك ونور الشمعة أصغر من ذلك وبعض الحشرات بين الحشيش تُرى تلمع الله جعل لها مقدارا، الريح له حيّز تأخذه،
الريح يُرسلها الله تعالى بمقدار، الريح يُرسلها الملائكة بقدْر يعرفونه الريح لها صفات كذلك الانسان له صفات وكل الأجرام لها صفات الله تعالى لا يُشبهُ الأجرام ولا يتصف بصفات الأجرام
صفات الأجرام الحركة والسكون، بعض الأجرام تتحرك دائما حتى التي لا تظهر حركتها للناظرين لكن من شدة بُعدها تظنها لا تتحرك وهي تتحرك [مثل النجوم] وبعض الأجرام هي ساكنة في مركَزها منذ خلقها الله كالسموات ساكنة في مركزها والانسان ساكن مرة ومتحرك مرة والبهائم والملائكة والجن والطيور كذلك والله ليس كذلك ليس متحركا ولا ساكنا.
ثم إن الأجسام الكثائف واللطائف الله جعل قسما منها في جهة العلوّ كالعرش واللوح المحفوظ والملائكة الذين حول العرش جعلهم في جهة فوق خصصهم في التحيّز بجهة فوق وخصص البشر والبهائم والحشرات بالتحيّز في جهة تحت فهو ليس متحيّزا في جهة فوق ولا تحت إذ لو كان متحيّزا في جهة فوق لكان مثل الملائكة والعرش واللوح المحفوظ ولو كان متحيّزا في جهة تحت لكان مثل الانسان والبهائم والحشرات،
فالله الذي خصص بعض الاجسام بجهة فوق وبعضها بجهة تحت لا يجوز أن يُتصور في جهة تحت ولا بين سمائين.
كلُّ هذا من صفات الخلْق لا يجوز على الله إنما هو موجود لا كالموجودات كما قال الأئمة أئمة الهدى مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك. قاله: ثوبان بن ابراهيم تلميذ الإمام مالك
والحمد لله وصلى الله على سيّدنا محمد ٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ً كثيرا ً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...