بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

والوزن يومئذ الحقّ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون

الله تعالى يقول: (( والوزن يومئذ الحقّ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون(8) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون(9))) سورة الأعراف ،
يوضع الميزان يوم القيامة وهو جرم كبير له قصبة وعمود وكفتان ، كفّة للحسنات و كفّة للسيئات، فتوزن عليه أعمال العباد، والذي يوزن هو الصحف التي كتبها الملكان رقيب وعتيد، هذان الملكان اللذان لا يفارقان الإنسان إلا في حالتين: لما يدخل الخلاء ليقضي حاجته ولمّا يأتي زوجته، و حتى في هاتين الحالتين الله تعالى يطلع الملكين على فعل العبد وعلى قوله وعلى نيته،
والذي يزن الأعمال جبريل ويعاونه ميكائيل عليهما السلام، فالكافر توضعُ سيئاته في كفة ولا يوضع له شىء في كفة الحسنات، إذ لا حسنات له في الآخرة ، لأنه أضاع أعظم حقوق الله على عباده ، ألا وهو الإيمان بالله تعالى وحده و برسوله صلى الله عليه وسلم، لأن الإيمان بالله والرسول عليه الصلاة و السلام، شرط لقبول الأعمال الصالحة
كما قال الله تبارك و تعالى: (( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة و لا يظلمون نقيرا )) سورة النساء 124 ،
ويقول عليه الصلاة والسلام: ( إن الكافر ليطعم بحسناته في الدنيا فإذا أفضى الى الآخرة لم يكن له فيها نصيب ) الكافر مهما فعل في الدنيا ، من إطعام فقراء وإغاثة ملهوفين وإعانة محتاجين ، فإن ذلك لا ينفعه في الآخرة
فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( قلت يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا ينفعه إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ) فاعتبر الرسول عمل عبد الله بن جدعان من التصدق على المحتاجين وصلة الرحم و غير ذلك غير نافع له ، لأنه لم يكن يؤمن بالله، كان عبد الله بن جدعان في بدء الأمر مفسدا في مكة فطرده أبوه، قال له أنت لست ابني، فكره الحياة فذهب إلى جبل فوجد شقا فقال لعلَّ في هذا ثعبانا يقتلني، فوجد ثعبانا عيناه تلمعان فظنه ثعبانا حقيقيا فاقترب فوجده ثعبانا من ذهب إلا عيناه من لؤلؤ، فطمع في الحياة و رجع إلى قومه فصار يبذل المال و يطعم المساكين فلم ينفعه شىء لأنه لم يكن مؤمنا ،
أما المؤمن فتوضع حسناته في كفة و سيئاته في الكفة الأخرىفإن رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة من غير سابق عذاب لقوله تعالى : ((فأما من ثقلت موازينه(6) فهو في عيشة راضية(8)))سورة القارعة.
وأما من تساوت حسناته و سيئاته فهو من أهل النجاة أيضا لكنه يؤخر برهة عن دخول الجنة ثم يدخلها يكون على الأعراف على أعلى سور الجنة، فالجنة لها سور يحيط بها و سورها عريض واسع، يقول الله تعالى: (( وعلى الأعراف رجال ))سورة الأعراف 45،
وأما من رجحت سيئاته على حسناته فهو تحت مشيئة الله ، إن شاء غفر له و إن شاء عذبه ثم أدخله الجنة، ولكنه لا يخلد في جهنم فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: ( فإن الله حرم على النار -أي على الدوام والخلود فيها- من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام ( يخرج من النار من قال لا اله إلا الله و في قلبه وزن ذرة من إيمان ) معناه عنده أقل الإيمان الواجب أي مات على الإسلام.
نسأل الله تعالى حسن الختام و الموت على دين الإسلام إنه على كل شىء قدير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...