بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 17 أكتوبر 2018

بيان أنه لا يقال إن الله استوى بذاته

قال الله تعالى :- {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي }ص72
اعلموا رحمكم الله أنه لم يرد في الكتاب والسنة ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أن الله استوى بذاته على العرش ، بل المجسمة هي التي زادت على قول الله عز وجل : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }[سورة طه ] لفظة بذاته ،
وإنما اتبعوا الوهم وما ألفوه من مشاهدة المخلوقات ، فقاسوا الخالق على المخلوق .
وقد أنكر الحافظ ابن الجوزي الحنبلي على المجسمة الحنابلة الذين قالوا بذلك ، والإمام أحمد بريء منهم فقال في كتابه (( الباز ))
ما نصه : (( وقد حمل قوم من المتأخرين هذه الصفة على مقتضى الحس فقالوا : (( استوى على العرش بذاته )) وهي زيادة لم تنقل إنما فهموها من إحساسهم وهو أن المستوي على الشئ إنما تستوي عليه ذاته ))اهـ .
فالاستواء بالذات من صفات الأجسام لأنه يصاحبه حركة وانتقال وتحيز فوق العرش والله منزه عن ذلك ، تعالى الله عما يقول المشبهة علوا كبيرا .
وقال المفسر أبو حيان في تفسيره : (( وأما استواؤه تعالى على العرش فحمله على ظاهره من الاستقرار بذاته على العرش قوم ، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا )) اهـ .
وقال الإمام أبو نصر القشيري : (( لو كان الأمر على ما توهمه الجهلة من أنه استواء بالذات لأشعر ذلك بالتغير واعوجاج سابق على وقت الاستواء ، فإن البارئ تعالى كان موجودا قبل العرش ، ومن أنصف علم أن قول من يقول :
(( العرش بالرب استوى )) أمثل من قول من يقول : (( الرب بالعرش استوى ))، فالرب إذا موصوف بالعلو وفوقية الرتبة والعظمة منزه عن الكون في المكان وعن المحاذاة )) اهـ ، نقله الحافظ محمد مرتضى الزبيدي في شرح على الإحياء .
وسئل الشبلي عن قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه ] فقال : (( الرحمن لم يزل ، والعرش محدث ، والعرش بالرحمن استوى )) اهـ رواه القشيري في رسالته .
قال القاضي بدر الدين بن جماعة في (( إيضاح الدليل )) عن الذي قال استوى بذاته ما نصه : (( فقد ابتدع بهذه الزيادة التي لم تثبت في السنة ولا عن أحد من الأئمة المقتدى بهم )) .
ولهؤلاء المشبهة نقول : قال الذهبي في (( سير أعلام النبلاء ))
ما نصه :(( فقد ذكرنا أن لفظة بذاته لا حاجة إليها وهي تشغب النفوس )) اهـ .
ومنه تعلم أن قول المجسم ابن قيم الجوزية في كتابه المسمى (( الصواعق المرسلة )) : (( قول أهل السنة : استوى على عرشه بذاته أي ذاته فوق العرش عالية عليه )) اهـ ،
لا أساس له من الصحة عن أهل السنة بل هو قول المجسمة نسبه إلى أهل السنة زورا وبهتاناًَ .
والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...