لقد بينا فيما مضى الصدق وفضيلته ومنافعه فنشرع الآن في بيان معنى الإخلاص وفوائده،
ولا يسعنا إلا أن نذكر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما جاء رجل وسأله، يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا شىء له. فأعادها ثلاثًا كل ذلك يقول: لا شىء له، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العمل إلا ما كان خالصًا له وما ابتُغي به وجهه" جوّد إسناده الحافظ ورواه النسائي وأبو داود رحمهم الله تعالى،
فالإخلاص من أعمال القلوب الواجبة وهو إخلاص العمل لله تعالى، أي أن لا يقصد بالعمل محمدة الناس، والنظر إليه بعين الاحترام والتعظيم والإجلال.
قال تعالى :{فمن كان يرجوا لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحًا ولا يُشرك بعبادة ربه أحدًا} (سورة الكهف/110).
ورحم الله السيدة رابعة العدوية حيث قالت :"لا خلاص إلا بالإخلاص".
وكان معروف الكرخي يضرب نفسه ويقول: يا نفس أخلصي تتخلصي.
وقال يعقوب المكفوف: المخلص من كتم حسناته كما يكتم سيئاته.
وكتب الفاروق سيدنا عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس.
فالعبد الذي وفقه الله رزقه الإخلاص، ومن نظر إلى سيرة أصحاب رسول الله وأفعالهم رأى أن الإخلاص مسلكهم، ولقد نصرهم الله بإخلاصهم بعد إيمانهم بالله والرسول، ففتحوا البلاد شرقًا وغربًا.
لقد أخلصوا لله فظهرت الحكمة وتفجرت من قلوبهم على ألسنتهم،
ورحم الله الجنيد البغدادي الذي قال: إن لله عبادًا عقلوا، فلما عقلوا عملوا، فلما عملوا أخلصوا، فاستدعاهم الإخلاص إلى أبواب البر جميعًا.
فإذًا علاج الرياء الذي هو ضد الإخلاص كسر حظوظ النفس، وقطع الطمع عن الدنيا، والتجرد للآخرة بحيث يغلب ذلك على القلب، فإذ ذاك يتيسر الإخلاص، فتكون سكنات العبد وحركاته لله تعالى خالصة، وتكون النية صادقة مع الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصادقين المخلصين.وعلى كامل الإيمان ثابتين وأن لا يفضحنا يوم القيامة ءامين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق