تفسير حديث النزول .... هو تفسير أهل السنة
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" يَنْزِلُ ربُّنا ، تباركَ وتعالى ، كُلَّ ليلةٍ إلى السَّماء الدُّنيا حينَ يبقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ فيقولُ مَنْ يدعوني فأستجيبَ له مَنْ يسألُني فأعطيَه مَنْ يستغفرُني فأغفرَ له " .. رواه البخاريُّ في[(صحيحه)/كتاب الجُمُعَة]..
ورَوَاهُ الإمامُ مسلم في[(صحيحه)/كتاب صلاة المسافرينَ وقَصْرِها]بلفظ :" إذا مضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أو ثلثاهُ ينزل الله ، تباركَ وتعالى ، إلى السَّماء الدُّنيا فيقولُ هل من سائلٍ يُعْطَى هل من داعٍ يُستجابُ له هل من مستغفرٍ يُغْفَرُ له حتَّى ينفجرَ الصُّبْحُ " ..
ورَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في[(سننه)/كتاب الدَّعَواتِ عن رسولِ الله]وصحَّحه بلفظ :"يَنْزِلُ ربُّنا كُلَّ ليلةٍ إلى السَّماء الدُّنيا حينَ يبقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ فيقولُ مَنْ يدعوني فأستجيبَ له ومَنْ يسألُني فأعطيَه ومَنْ يستغفرُني فأغفرَ له" .
أهلُ الحَقِّ يقولون :" المضافُ محذوف ، والتقديرُ : يَنْزِلُ مَلَكُ ربِّنا بأمرٍ من الله ، ولا يَتَّصِفُ الله بالحركةِ والسُّكُون " ..
وممَّا استدلُّوا بهِ على تأويلِهم ما رواه النَّسَائِيُّ في (عَمَلِ اليومِ واللَّيلة) بإسنادٍ صحيحٍ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقد رَوَى عنه أنه قال :" إنَّ الله يُمْهِلُ حَتَّى إذا مَضَى شَطْرُ اللَّيلِ الأَوَّلِ يأمرُ مناديًا فينادي .. " إلى ءاخرِ الحديث ..
إنَّ روايةَ النَّسَائِيِّ فَسَّرَتْ معنى النزول .. فيكونُ معنى النُّزول أنَّ الْمَلَكَ يَنْزِلُ بأمرِ الله .
قالَ الإمامُ مالك :" معناه تَنْزِلُ رحمتُه وأمرُه وملائكتُه كما يقالُ فَعَلَ السُّلْطَانُ كَذَا إذا فَعَلَهُ أتباعُه " .. أنظر[(شرحَ صحيحِ مسلم)/ج6/ص279]للنَّوَوِيِّ ..
وقال الإمام الحافظ الحجة أبو بكر بن فورك شيخ البيهقي رحمهما الله في كتابه مشكل الحديث وبيانه ما نصه:وقد روى لنا بعض أهل النقل هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بما يؤيد هذا الباب وهو بضم الياء من ينـزل وذكر أنه ضبطه عمـن سمعه من الثقات الضابطين وإذا كان ذلك محفوظا مضبوطا كما قال فوجهه ظاهر.اهـ
وورد في صحيفة 144 من المنهاج القويم على المقدمة الحضرمية في الفقه الشافعي لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر بافضل الحضرمي المُتوفّى سنة 918 هجرية رضي الله عنه [فصل: في صلاة النفل.للخبر الصحيح: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخيرفيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له ومَن يسألني فأعطيه ومَن يستغفرني فأغفر له. ومعنى ينزل ربّنا، ينزل أمره أو ملائكته أو رحمته أوهو كناية عن مزيد القرب،.....ثم هو بعد ذلك مخيّر إن شاء أوّلها بنحو ما ذكرناه وهي طريقة الخلف وآثروها لكثرة المبتدعة القائلين بالجهة والجسمية وغيرهما مما هو محال على الله تعالى ....واعلم أنّ القرافي وغيره حكوا عن الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك].ا
القرافي: هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله الصنهاجي القرافي المُتوفّى سنة 684 هجرية رضي الله عنه.ا
وذكر إمام الحرمين الجويني (توفي سنة 478 هجرية) في كتابه الشامل في أصول الدين صحيفة 559 ما نصّه:وقال بعض أهل التأويل :المعنى بنزول الله نزول ملائكته المقرّبين الحافين حول العرش ، وتضمن الحديث بتضمنّهم من حيث ذكر اسم الله تعالى ، وحذف ذكر الملائكة . وسبيل ذلك ،كما تقدّم ، قوله (إنّماجزاء الذين يُحاربون الله ورسوله )[33 المائدة] ، وقوله : (إنّ الذين يُؤذون الله ورسوله) [57 الأحزاب] . وهذا الوجه حسن في التأويل أيضا.انتهى
وقال النسفي في تفسيره المسمّى:مدارك التنزيل وحقائق التأويل :
معنى الآية(إنّ الذين يُؤذون الله ورسوله)أي يُؤذون رسول الله ، وذكر اسم الله للتشريف ، أو عبّر بإيذاء الله ورسوله عن فعل ما لايرضى به الله ورسوله، كالكُفر وإنكار النبوّة مجازا، وإنّما جُعل مجازا فيهما ،وحقيقة الايذاء يُتصوّر في رسول الله لئلا يجتمع المجاز والحقيقة في لفظ واحد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق