قوله تعالى: يوم تذهل كل مرضعة عما ارضعت
قولُه تعالى "يومَ تَذهَلُ كلُّ مُرضِعةٍ عمّا أرضَعَت وتَضَعُ كلُّ ذاتِ حَملٍ حَمْلَها وتَرَى النّاسَ سُكَارَى وما هُم بسُكَارَى
"قال بعض المفسّرين في ذلك الوقتِ لو وُجِدَت مُرضِعَة كانت تَذهَلُ عمّن تُرضِع،كذلك لو وُجِدَت حُبْلَى لأسقَطَت في الحال
وتَرى الناسَ سُكارَى"هذه حقيقة،تحتَارُ عقُولُهم،لَيسُوا سُكَارَى عن خمرٍ إنما سُكارَى عن ذُهُول،هذا مِنَ القلَق،أقَلُّ مما يحصُل للكفَّار.
وقوله عن يوم القيامة "يَجعَلُ الوِلْدَان شِيبًا"يُحمَلُ على مِثلِ هذا.
(قال القرطبي في تفسيره"والذهول. الغفلة عن الشيء بطروء ما يشغل عنه من همّ أو وجع أو غيره. قال ابن زيد : المعنى تَترك ولدَها للكرب الذي نزَل بها.
قال السيوطي في الدر المنثور وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله تَذهَلُ كلُّ مُرضعةٍ عمّا أرضعَت قال : ذهلَت عن أولادها لغير فِطام وتضع كلُّ ذاتِ حملٍ حملها ألقَت الحوامل ما في بطونها لغَير تمام وترى الناسَ سُكارى(أي كأنهم سُكارى) من الخوف وما هم بسُكارى(أي في الحقيقة) منَ الشّراب.
قال الطّبري في تفسيره"(تَذْهَلُ) تنسَى وتَترك مِن شِدّة كربها،)
(قال النسفي في تفسيره{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا } [المزمل : 17]أي كيفَ تتّقون عذابَ يوم كذا إن كفرتم، أو ظرف، أي فكيفَ لكم التّقوى في يوم القيامة إن كفَرتم في الدّنيا،أو منصوب بـ { كَفَرْتُمْ } على تأويل جحَدتم،أي كيفَ تتّقُونَ الله وتخشَونَه إن جحَدتم يومَ القيامة والجَزاء،لأنّ تقوى الله خَوف عقابِه { يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ } [المزمل : 17]صفة لـ { يَوْمًا } والعائد محذوف،أي فيهِ { شِيبًا } مِن هَولِه وشِدّته وذلك حينَ يقال لآدم عليه السلام : قم فابعَث بَعثَ النار مِن ذُرّيّتك وهو جمع أشيب.
قال القرطبي فإنما شابوا مِنَ الفَزع.
قال الطبري في تفسيره:القول في تأويل قوله تعالى : { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17)يقول تعالى ذِكْرُه للمشركينَ به: فكيف تخافُون أيها الناسيومًا يجعَلُ الوِلدَان شِيْبًا وبنَحو الذي قلنا في ذلكَ قال أهلُ التّأويل.
ذِكْرُ مَن قال ذلك:عن قتادة، في قوله:( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) يقول: كيف تتقونَ يومًا، وأنتم قَد كفرتم به ولا تُصَدّقون به.
عن قتادة:( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ ) قال: والله لا يتّقي مَن كفَر بالله ذلك اليوم.
وقوله:( يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) يعني يوم القيامة، وإنما تشِيبُ الوِلدَان مِن شِدّة هولِه وكربِه.
عن قتادة:( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ ) قال: والله لا يتّقي مَن كفَر بالله ذلك اليوم.
وقوله:( يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) يعني يوم القيامة، وإنما تشِيبُ الوِلدَان مِن شِدّة هولِه وكربِه.
وقال الضحّاك في قوله:( يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) كانَ ابنُ مسعود يقول: "إذا كان يومُ القيامة دعا رُّبنا المَلِكُ آدمَ، فيَقول: يا آدمُ قُم فابْعَث بَعْثَ النار، فيقول آدم: أي ربّ لا عِلمَ لي إلا ما علّمتَني، فيقول الله لهُ: أَخْرج مِن كلّ ألفٍ تِسع مائة وتسعة وتسعين، فيُساقون إلى النار سُودًا مُقَرّنين، زُرقا كالِحِين، فيَشيب هنالكَ كلّ وليد".اه
قال الرازي في تفسيره
المسألة الأولى : قال الواحدي : في الآية تقديم وتأخير ، أي فكيف تتقون يوماً يجعل الولدان شِيْباً إن كفرتم.
المسألة الثانية : أنه تعالى ذكَرَ مِن هَول ذلك اليوم أمرين الأول : قوله : {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} وفيه وجهان الأول : أنه مثَلٌ في الشّدة يقال في اليوم الشديد : يوم يشيب نواصي الأطفال،فلما رأوا أن حصولَ الشّيب مِن لوازم كثرة الهموم ، جعَلُوا الشّيبَ كِناية عن الشدة والمحنة ،
وليسَ المرادُ أن هَول ذلك اليوم يجعَلُ الوالدان شِيبًا حقيقةً ، لأنّ إيصال الألم والخوف إلى الصبيانِ غيرُ جائز يوم القيامة، الثاني : يجوز أن يكونَ المراد وصف ذلك اليوم بالطول ،
وأنّ الأطفال يَبلغُون فيه أوانَ الشّيخُوخة والشّيب .اه)
وأنّ الأطفال يَبلغُون فيه أوانَ الشّيخُوخة والشّيب .اه)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق