بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

أهمية دعوة الناس إلى الخير ونشر الدين

أهمية دعوة الناس إلى الخير ونشر الدين



قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: 33]. وعدَّ الله من دعا إلى الخير والهدى من المفلحين، قال سبحانه: وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104] وقال عليه الصلاة والسلام : نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها
الدعوة إلى الله، وإلى دين الله الإسلام وإلى ما أعد الله لمن استجاب لهذه الدعوة المباركة أمر عظيم أرسل الله به رسله مبشرين لمن آمن بالنعيم والجنة ومنذرين لمن كفر بالعذاب وبالنار، يدعون الناس إلى كل خير وينهونهم عن كل شر، يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله، وأقام الله من بعد الأنبياء عبادًا صالحين من ورثة الأنبياء الصادقين الذين ورثوا عن الأنبياء العلم، فجعلهم حجة على الناس في كل وقت وحين، ينشرون دين الله بين الأنام ويدعونهم إلى الجنة دار السلام، فكم من أرض أناروها بنور الإسلام، وكم من أمم أخرجوها من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأولئك هم المفلحون.
والدعوة إلى الله شرف عظيم وعمل عظيم ومما يدل على ذلك هو أن الله جعل الدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء الذين هم أفضل عباد الله وخير عباد الله وأكرم عباد الله على الله.
وقد قام أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام بذلك أفضل قيام، وبلغوا رسالات ربهم أتم بلاغ، وصدق عليهم وصف الله لهم : الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا [الأحزاب: 39]. يمدح الله تبارك وتعالى الذين يبلغون رسالات الله إلى خلقه، ويؤدونها بأماناتها ويخشونه، أي يخافونه ولايخافون أحداً سواه، فلا تمنعهم سطوة أحد من إبلاغ رسالات الله تعالى "وكفى بالله حسيبا" "أي وكفى بالله ناصراً ومعيناً"
هكذا كان حال أنبياء الله لا يخــشون أحداً إلا الله، ولا يخافون في الله لومة لائم فيما كلفهم الله به من أمور تبليغ الرسالة والدعوة إلى الإسلام لاطمئنان قــلوبهم إلى الله الذي أرسلهم وكلفهم أنه سبحانه وتعالى هو كافيهم وهو حسبهم ونعم الوكيل.

وقد كان خاتم النبيين وخير أنبياء الله أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم أعظم رسل الله بلاغاً وبلاءً في سبيل تبليغ دعوة الله عزّ وجل إلى الناس جميعاً فهو صلى الله عليه وسلم سيد الناس في هذا المقام، بل وفي كل مقام. فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب وإلى الجن والإنس، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع ، فقد كان النبي قبله يبعث إلى قومه خاصةً، وأما هو صلى الله عليه وسلم فإنه بعث إلى جميع الخلق عربهم وعجمهم، أسودهم وأبيضهم، جنيهم وإنسيهم، قال الله تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف: 158]، وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا[سبأ: 28].

فالدعوة إلى دين الله هي أساس من أسس انتشارهِ، فلولا الدعوة إلى الله لما قام الدين ، ولا انتشر الإسلام كما هو الآن ، فبالدعوة إلى الله تعالى: يُعبَد الله وحده، ويهتدي الناس، فيتعلمون أمور دينهم، من توحيد ربهم، وعبادته، وأحكامه من حلال وحرام، ويتعلمون حدود ما أنزل الله. وبالدعوة إلى الله تعالى تستقيم معاملات الناس، من بيع وشراء، وعقود، ونكاح، وتصلح أحوالهم.وبالدعوة إلى الله تعالى: تتحسن أخلاق الناس، وتقل خلافاتهم، وتزول أحقادهم وضغائنهم، ويقل أذى بعضهم لبعض. وبالدعوة إلى الله ينتشر الأمن، ويسود السلام، ويتحقق العدل بين الأنام. وإذا استجاب الناس للدعوة، وعملوا بالشريعة، حُفظت الأموال، وعصمت الدماء، وصينت الأعراض، فأمن الناس على أنفسهم، واطمأنوا على أموالهم وأعراضهم، وانتشر الخير، وانقطع الفساد. وإذا قامت الدعوة على وجهها الصحيح، واستجاب الناس لها، تحقق للدعاة وللمدعوين سعادة الدنيا والآخرة.

فالدعوة إلى الله، شرف عظيم، ومقام رفيع، وهداية للخلق، فضلاً عما ينتظر الداعين في الآخرة من أجر عظيم، ومقام كريم.
وقد جعل الله لأصحابها شرفاً عظيماً، وأجراً كبيرا، ومنزلة رفيعة، ومقاماً كريماً في الآخرة. قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: 33]. وعدَّ الله من دعا إلى الخير والهدى من المفلحين، قال سبحانه:{وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:104]
وقد ورد عن النبي أنه قال لعلي : "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحِدًا خير لك من حُمْرِ النَعَم".

وقال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا يُنقص ذلك من أجورهم شيئا..." الحديث.
فكل دعوة يقوم بها الداعي يؤجر عليها، وإن لم يستجب المدعوون، فإن استجاب المدعوون، كان للداعي أجر بكل عمل يقوم به المدعو مما دعاه إليه الداعي، مهما كان عدد المدعوين، ولو بلغ ألوفًا مؤلفة، ودهورًا مديدة، ولا يُنقص ذلك من أجر المدعوين شيئا.

والدعوة إلى الله لا تقتصر على صورة معينة، بل تتعدد صورُها، وتتنوع سبُلُها.
فمن عَلِم آيةً فبلغها، فقد دعا إلى الله، ومن حفظ حديثاً فنشره بين الناس، فقد دعا إلى الله.
ومن رأى قومًا غافلين فذكَّرهم، فقد دعا إلى الله.. ومن رَبَّى أهله على الهدى، فقد أبلغ رسالة الله..، ومن نصح للناس، وعلمَّهم، وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، فقد دعا إلى الله. وكل هذا لا بد أن يكون موافقا لما جاء به النبي عليه الصلاة السلام. لذلك لا بد من الداعية أن يكون تعلّم وتلقى ما أراد تبليغه قبل أن يدعوَ الناس إليه وإلا فإنه قد يُهلك نفسه وغيره. وهذا مشاهد اليوم حيث أننا نرى كثيرا من الذين يتصدرون للدعوة والمشيخة والفتوى وهم على جهل بأمور الدين، فهلكوا وأهلكوا من أخذ بأقوالهم وفتاويهم. وهذا مصداق حديث النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا . وهذا حاصل وهو مرشح للازدياد.

ومن أهم أمور الدعوة إلى الله نشر العلم النافع بين الناس. فقد قال بعضهم : علم الدين حياة الإسلام. وذلك لأن انتشار العلم بين الناس فيه حفظ لأحكام الدين، وانتشارُ الجهل فيه مرتع للشياطين. فالأنبياء عليهم السلام جاؤوا داعين معلمين للناس. فمن اتبعهم في ذلك حصل على شرف ومنزلة رفيعة. فقد ورد عن النبي أنه قال : "العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم".
وليعلم أن الذي يدعو إلى الله قد يلاقى الصعاب والشدائد، والأذى من الناس. فلا بد أن يكون الداعية صابرا وثابتا على الحق، متحملا لأذى من عارضه ومن وافقه، حتى يزداد رفعة عند الله. وخاصة في هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد، وانتشرت الرذيلة بين العباد وعمّ الجهلُ الآباء والأولاد. فإن من قام اليوم بالدعوة إلى الله يكثر معارضوه ويلقى من الأذى الشيء الكثير، وفي كثير من الأحيان يكون ذلك من بعض أقربائه، فيشعر أنه بينهم كالغريب. ولكن ليتذكر الواحد منا قول النبي : بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء. فقيل : ومن هم الغرباء يا رسول الله. فقال : الذين يصلحون من سنتي ما أفسد الناس. فمن كان هذا حاله فليحمد الله، من لم يشعر بغربة في هذا الزمن فلينظر في حال نفسه.

ولهذا ينبغي أن نصرف جل أوقاتنا في التعلم والتعليم. وهنيئا لمن كان هذا حاله، فإن النبي يدعو له بنضارة الوجه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. فقد قال : نضر الله إمرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها. ولا ينبغي للعاقل أن يصرف جل أوقاته في اللعب واللهو والأكل والشرب وجمع المال والإنشغال بالأهل والأولاد فما لهذا خلقنا. قال الله تعالى : اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) الحديد.
فلا ينبغي أن تكون أخي المسلم ممن يصرف أوقاته في إشباع شهوته المحرمة. ولا تكن ممن يضيع الأوقات في التقلب في الراحات والانشغال بأمور الدنيا. وقد نبّه النبي على سوء حال من كان هذا حاله حيث قال : " إنَّ اللهَ يُبْغِضُ كُلَّ جعظريٍّ جَوَّاظٍ سَخَّابٍ بالأسواقِ جيفَةٍ بِالليل حمارٍ بالنَّهَارِ عارفٍ بأمرِ الدُّنيا جاهلٍ بأمرِ الآخِرة". فكم وكم من الناس اليوم هذا حالهم. نسأل الله السلامة.

وفي الختام نؤكد عليكم ضرورة ملازمة مجالس العلم ونشره بين الناس. فإن في ذلك الخير والصلاح. نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى”

 كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” قال اب...