بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 أغسطس 2018

إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الموجود أزلا وأبدا بلا مكان المنزه عن الحدود والجسم والشكل مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الاتقياء.
وبعد..
قال الله تبارك وتعالى{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} العنكبوت 45
فهذه الآية الكريمة كثير من الناس لا يفهمون معناها كما ينبغي وتوهم منها بعض الناس أن الذي يأتي معصية من المعاصي او يأتي معاصي كثيرة ويصلي مع ذلك ان صلاته غير نافعة. فهذا فهم غلط ومعنى الآية الصحيح أن الذي يصلي الصلاة كما امر الله بشروطها واركانها وآدابها تنهاه عن المعاصي والمنكرات وليس كذلك كل مصل ، إنما يكون كذلك اقل المصلين اما اكثر المصلين فانهم لا يستكملون هذه الشروط ومع ذلك فإنهم ينتفعون بها فانهم لا بد ان تمنعهم عن بعض المعاصي ولو كانت المعاصي التي تنهاهم عنها اقل لكنه لا بد ان تنهاهم عن بعض المعاصي، فلا يقال الذي يصلي الصلوات الخمس ثم يقترف الذنوب خير له ان لا يصلي فهذا الكلام يرضي الشيطان ولا يرضي الرحمن فإن الصلوات الخمس من اداها فقد ادى اعظم الفروض بعد الإيمان بالله ورسوله إذ لا شىء من الفروض بعد الإيمان بالله ورسوله أعظم عند الله من الصلوات الخمس وعظم موقعها من الدين ان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل سأله" أي العمل أفضل قال صلى الله عليه وسلم: الصلاة قال الرجل ثم ماذا قال الصلاة قال ثم ماذا قال الصلاة قال ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله"
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الصلوات الخمس على الجهاد الذي فيه المخاطرة بالنفس والنفس أعز على الانسان من المال وسائر امور الدنيا ومع ذلك كرر رسول الله صلى الله عليه و سلم الجواب بأن الصلاة هي افضل العمل ثلاث مرات ثم أجاب في الرابعة بالجهاد في سبيل الله وصح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما رواه أنسٌ رضي الله عنه وابو هريرة رضي الله عنه كلاهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل يصلي بالليل فإذا أصبح سرق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ستنهاه صلاته ".
فلو كانت الصلاة لا تنفع صاحبها إذا لم يبتعد من المعاصي كان قال أخبروه بأن صلاته لا تنفعه فأحيانا ً يحتج هؤلاء لتعيير المصلي الذي يرتكب بعض الكبائر من الذنوب بحديث لا صحة له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا ً" فليس هذا الحديث من كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يجوز لأحد أن يقول لمن يصلي ويرتكب الكبائر أي فائدة في صلاتك فلا تصل ما دمت على هذه الحال لا يجوز هذا الكلام ومن قال ذلك لأحد فترّكه الصلاة كان آثما إثما كبيرا ً وكان عونا ً للشيطان وإنما اللائق في حقه أن يقول له يا هذا اتق الله اترك هذه المعاصي من غير أن يزهّده في الصلاة يحثه على تجنّب المعاصي.
فينبغي حفظ هذا الحديث الصحيح للرّد على هؤلاء وهو أنه قيل يا رسول الله" إن فلانا ً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق فقال ستنهاه صلاته" وفي لفظ في هذا الحديث "سينهاه ما يقول" أي أنّ القرءان الذي يقرؤه في صلاته في الليل سينهاه فيما بعد عن هذا العمل الشنيع وهو السرقة.
وروى هذا الحديث ابنُ حبانَ وإنما يقالُ لا تنفَعُكَ صلاتك لشخص يكْفُرُ ولو كان يصلي كالشخص الذي يسب الله هذا يقال له صلاتك لا تنفعك لأنّك تسب الله حتى ترجع عن كفرك فتتشهد يقال له هذا حتى يفهم انَّ الذي يكفر لا يقبل منه جميع الطاعات حتى يتخلى عن الكفر الذي وقع فيه، وتشهُدُهُ أثناء وضوئِه كالعادة لا يدخله في الإسلام حتى يعرف و يعتقد أنَّ سبَّ اللهِ كفر ويكْرَهَ لنفسِهِ الكونَ على الكفر،وكلُّ حسنة يعملها مخلصا ً بعد الخروج من الكفر أقل مضاعفةٍ يضاعفها الله له بعشرة أمثالها إلى مائة ألفٍ وإلى أكثر من ذلك.
أما الذي تعود أنْ يسُب الله إذا غضب غضبة ً فلا شأن له عند الله و مهما فعل فليس له عند الله ذرة من الثواب، الشأن في الثبات على الإسلام وتجنب الكفر، وهذا الذي يجد كل حسنة يعملها مهما قلت ولو تصدق بنصف تمرة على فقير لله تعالى أو أطعمها طفلا ً فإنّ الله قد يعتقه بهذه الصدقة الخفيفة من عذابه من ناره ولو كانت هذه الحسنة في اعين الناس قليلة. الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر أن رجلا ً وجد أذىً في طريق المسلمين هذا قبل سيدنا محمد وجد شيئا ً يُؤْذي المارة فأزاحه وكان هو من أهل الكبائر هذا العمل القليل الله جازاه له فغفرله أعتقه من النار. الشأن في الثبات على الإيمان وتجنب الكفر وليس الشأن في كثرة الأعمال من غير إيمان ولو كان الشخص يبر أمهُ ويقبل لها يدها ورجلها الشأن في تجنّب الكفر بأنواعه.
ومن تجنّب هذه الكفريّات فأي حسنة يعملها يؤجر عليها إن استوفت شروط القبول وإن كانت حسنة قليلة كتشميت عاطس، المسلم إذا عطس وقال الحمد لله فقال له الذي سمع رحمك الله فقد كسب أجرا ً بهذه الكلمة الخفيفة وذاك العاطس كسب أجرا ً بحمده لله بقوله الحمد لله، الذي سمعه فشمته فقال رحمك الله او قال يرحمك الله فله عند الله تبارك وتعالى حسنة قد يعتقه الله بها من عذابه يوم القيامة. كان الإمام ابو داود رحمه الله تعالى ذات يوم في سفينة فسمع رجلا ً على الشاطئ عطس فحمد الله فاستأجر زورقا ً بدرهم فركب الزورق فوصل إليه فقال له رحمك الله ثم رُئي في المنام قائل يقول إن أبا داود اشترى نفسه من الله بدرهم معناه ثبتت له الجنة والنجاة من النار بهذا الدرهم لأنه عظم الحسنة ما احتقرها ما قال هذه ما لي ولها إن فاتتني فأنا عندي من الحسنات الشىء الكثير أنا أزكي وأصلي وأحج وأحدث بحديث رسول الله، لا ما احتقرها بل عظمها، حسن ظنه بالله قال لعل هذا الإنسان الذي أقول له رحمك الله ثم هو يرد لي بالدعاء، فيقول يهديكم الله ويصلح بالكم او يغفر الله لنا و لكم قد يكون هذا من اولياء الله الصالحين فتنفعني هذه الدعوة منه فذهب إليه بهذا الدرهم فكسب هذا الأجر العظيم عند الله.
كل هذا الفضل يرجع إلى الإسلام لولا ان عقيدته صحيحة لولا أنه يتجنب الكفر ما نال هذه الدرجة بهذا الدرهم الواحد.الشأن في الثبات على الإسلام وتجنب الكفر ليس الشأن بأن يكثر الإنسان النفع والخدمة للناس وبر الوالدين وأداء الصلاة والزكاة والصدقات الواسعة من غير إيمان، لا بل الشأن في المحافظة على الإسلام. ولا يجوز أن يقول أحد لامرأة تخرج حاسرة لا تقبل صلاتك فهؤلاء شياطين الإنس ولو علموا ما لحقهم من الذنب لبكوا على أنفسهم، هل هذه المرأة الحاسرة المصلية أعظم ذنبا ًمن الذي كان يسرق في النهار ثم في الليل يصلي النفل زيادة على الفرض، ولما ذُكر أمره لرسول الله ما قال لا تنفعه صلاته وإنما قال ستنهاه صلاته.
والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...