بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 أغسطس 2018

ما هو حكم ردة الصبي

ما هو حكم ردة الصبي


إعْلَمْ أَنَّ الْمَوْلُودَ مِنْ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ مِنْ أَبٍ مُسْلِمٍ وَزَوْجَةٍ كِتَابِيَّةٍ يُحْكَمُ لَهُ بِالإِسْلامِ بِالتَّبَعِيَّةِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ وَالِدَيْهِ الْمُسْلِمَيْنِ أَوْ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ صَدَرَ مِنْهُ كُفْرٌ، وَلا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ، فَهَذَا إِنْ حَصَلَ مِنْهُ كُفْرٌ اعْتِقَادِيٌّ أَوْ لَفْظِيٌّ أَوْ فِعْلِيٌّ يُقَالُ إِنَّهُ كَفَرَ لَكِنَّهُ لا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمُرْتَدِّينَ بَلْ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ لا تَصِحُّ رِدَّةُ الصَّبِيِّ.  وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّدَّةِ.

 قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ (ص/131) [وَلا تَصِحُّ رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ]. قَالَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ الشَّرْحُ [وَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَصِيرُ مُرْتَدًّا بِشَىْءٍ مِمَّا مَرَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا وَحِينَئِذٍ لا تَصِحُّ رِدَّةُ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَلا رِدَّةُ مَجْنُونٍ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا فَلا اعْتِدَادَ بِقَوْلِهِمَا وَاعْتِقَادِهِمَا. تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا حُكْمُ الرِّدَّةِ وَإِلاَّ فَالرِّدَّةُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ كَالزِّنَى فَكَيْفَ يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا]. 
أَيْ أَنَّ الاِعْتِقَادَ أَوِ اللَّفْظَ أَوِ الْفِعْلَ الْكُفْرِيَّ الصَّادِرَ مِنَ الطِّفْلِ الْمُمَيِّزِ يُوصَفُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ وَلَكِنْ لا تُجْرَى عَلَى هَذَا الطِّفْلِ أَحْكَامُ الرِّدَّةِ.  

 وَقَوْلُهُ «مُكَلَّفًا مُخْتَارًا» يُفِيدُ أَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ سَبْقَ لِسَانٍ وَلا بِسَبَبِ الإِكْرَاهِ. وَقَوْلُهُ «فَالرِّدَّةُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ كَالزِّنَى» لَيْسَ مَعْنَاهُ مُسَاوَاةَ الْكُفْرِ بِالزِّنَى بَلْ أَنَّ كِلاهُمَا مَعْصِيَةٌ.   وَلَوْ أَقْلَعَ الصَّبِيُّ عَنِ الْكُفْرِ الَّذِي ارْتَكَبَهُ وَكَرِهَهُ وَلَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ وَبَلَغَ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ يَكُونُ قَدْ بَلَغَ مُسْلِمًا وَلَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِخِلافِ مَنْ بَلَغَ وَهُوَ عَلَى الْكُفْرِ كَأَنْ بَلَغَ مُحِبًّا لِلْكُفْرِ أَوْ نَاوِيًا الْوُقُوعَ فِيهِ.عَلَى أَنَّ وَلِيَّ الطِّفْلِ الْمُسْلِمِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَى طِفْلَهُ عَنِ الْكُفْرِ إِذَا صَدَرَ مِنْهُ وَلا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِلإِسْلامِ إِنْ كَانَ الطِّفْلُ بِحَيْثُ يَفْهَمُ ذَلِكَ وَيُحَذِّرَهُ مِنَ الرِّدَّةِ وَيُعَلِّمَهُ كَيْفَ يَرْجِعُ الْمُرْتَدُّ إِلَى الإِسْلامِ،

 وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَينِ مَعَ ذَلِكَ، تأديبا وتعليما. )اهُ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لا تَصِحُّ رِدَّةُ الصَّبِيِّ لا يَعْنِي أَنَّهُ تَصِحُّ مِنْهُ الصَّلاةُ لأِنَّنَا لا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِأَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ وَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ الْكُفْرَ بَلْ لا بُدَّ أَنْ يُقلِعَ عَنِ الْكُفْرِ لِتَصِحَّ مِنْهُ الصَّلاةُ، وَلَو لَمْ يَتَشَهَّدْ قَبْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَفعَلْ لَمْ تَصِحَّ صَلاتُهُ وَلا الْقُدْوَةُ بِهِ، فَإِنَّ مَنْ لا يَعرِفُ اللَّهَ وَلا يُعَظِّمُهُ تَعَالَى لاَ تَصِحُّ مِنْهُ عِبَادةٌ لَهُ سُبحَانَهُ. هَذَا مَذْهَبُ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ. وَأَمَّا السَّادَةُ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا [تَصِحُّ رِدَّةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ أَيِ الْمُمَيِّزِ وَلَكِنْ لا يَقتُلُهُ الإِمَامُ قَبلَ البُلُوغِ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ إِسلامُهُ] اهـ.

 وَأَمَّا وَلَدُ الْمُرْتَدِّ فَقَدْ جَمَعَ أَطْرَافَ الْكَلامِ فِي حُكْمِهِ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْكُتُبِ الثَّلاثَةِ، وَخُلاصَتُهُ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ [هُوَ مُسلِمٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ كَافِرٌ أَصلِيٌّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مُرْتَدٌّ، وَرَجَّحَ الإمام الشَّيخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُسلِمٌ]. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى”

 كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” قال اب...