بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

السّهام الجوزيّة على عقيدة الوهّابيّة

السّهام الجوزيّة على عقيدة الوهّابيّة
من العجيب أنّ الوهابيّة يحتفون بكتاب " تلبيس إبليس" لابن الجوزي - رحمه الله – فتراهم يتشدّقون بما أنكره على بعض الصوفيّة أو من ترسّم برسومهم دون أن يتحقّق تحقّقهم بعلومهم،متشاغلين (حتّى لا أقول كلمة أخرى) عمّا قاله في تلبيس الشيطان على عقيدة اليهود، وتلبيسه على الكرّاميّة ( و بين هذين - كما يعلم أهل العلم الحقّ - و بين التيميّة الوهّابيّة نسب و صهر و أيّ نسب و صهر) .و في ما يلي بعض ما قاله فيهم :
قال ابن الجوزي رحمه الله في كتابه "تلبيس إبليس" الباب الثاني "في ذمّ البدع و المبتدعين"، فصل "ذكر تلبيسه على اليهود" [ ص 84 ط 1 دار الكتب العلميّة 1418 -1998 تحقيق محمّد بن الحسن اسماعيل و مسعد عبد الحميد السّعدني ] : فمن ذلك تشبيههم الخالق بالخلق. و لو كان تشبيههم حقّ لجاز عليه ما يجوز عليهم .. و حكى أبو عبد الله بن حامد من أصحابنا أنّ اليهود تزعم أنّ الإله المعبود رجل من نور على كرسيّ من نور، على رأسه تاج من نور و له أعضاء كالآدميين " اهـ .
و يقول في الصفحة نفسها :
".. و الذي حملهم (اليهود) على هذا (التشبيه) شيئان :أحدهما جهلهم بالخالق.و الثاني : أنّهم أرادوا ما يسكن إليه الحسّ لغلبة الحسّ عليهم و بعد العقل عنهم. و لولا جهلهم بالمعبود ما اجترأوا عليه بالكلمات القبيحة .. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا " اهـ .
و في فصل " ذكر تلبيس إبليس على أمّتنا في العقائد و الدّيانات" يقول - رحمه الله – [ ص96] :" و قد وقف أقوام مع الظواهر فحملوها على مقتضى الحسّ، فقال بعضهم إنّ الله جسم - تعالى الله عن ذلك - .. ثمّ اختلفوا، فقال بعضهم كالأجسام ،و منهم من قال لا كالأجسام .. (إلى أن قال في ذات الصفحة): " وهذا يلزمه أن يكون له كيفيّة أيضا و ذلك ينقض القول بالتوحيد " اهـ .
ثمّ قال رحمه الله [ ص 97 -98 ] : " و من الواقفين مع الحسّ أقوام قالوا هو على العرش بذاته على وجه المماسّة ، فإذا نزل انتقل و تحرّك و جعلوا لذاته نهاية، و هؤلاء قد أوجبوا عليه المساحة و المقدار و استدلّوا أنّه على العرش بذاته بقول النبيّ صلّى الله عليه و على آله و سلّم ينزل الله إلى سماء الدّنيا [الحديث متّفق عليه] ، قالوا و لا ينزل إلاّ من فوق، و هؤلاء حملوا نزوله على الأمر الحسيّ الذي يوصف به الأجسام . و هؤلاء المشبّهة الذين حملوا الصّفات على مقتضى الحسّ ، و قد ذكرنا جمهور كلامهم في كتابنا المسمّى بـ"منهاج الوصول إلى علم الأصول" اهـ.
فتأمّل رعاك الله قوله لتتأكّد من ذاك النسب الوثيق بين اليهود و المشبّهة المجسّمة ، بل لتتأكّد من الأبوّة الكرّاميّة للبنوّة التيميّة الوهّابيّة .
لقد تبيّن من كتاب "تلبيس إبليس" - الذي يتبجّح به التيميّة الوهابيّون، أنّ عقيدة ابن الجوزي رحمه الله سلفيّة أشعريّة .
قال في سياق ردّه على من لبّس عليهم إبليس في عقائدهم فضلّوا العقيدة الصحيحة عقيدة الأشعريّة التنزيه و التفويض [ص 96 ] :" و لو أنّهم مرجوا في ذلك العلم بأنّه الحكيم، لاقتضت نفوسهم له التسليم بحسب حكمته، فعاشوا في بُحبوحة التفويض بلا اعتراض " اهـ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...