بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

كتاب الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب لابن الجوزي (1)

كتاب الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب لابن الجوزي (1)

تحقيق محمد منير الإمام مركز الخدمات والأبحاث الثقافية

دار الجنانالطبعة الأولى 1407 هـ 1987

الصفحة 5 - 6 مقدمة المحقق

بسم الله الرحمن الرحيمالحمدلله رب العالمين الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، الذي ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في حق رسوله صلى الله عليه وسلم {واتبعوه لعلكم تهتدون} والقائل: {هو الذي أنزل عليك الكتاب فيه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأُخَرُ متشابهات}.وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى ءاله وصحبه ومن اهتدى بهديه ورضي الله عن الأئمة الأعلام حماة هذا الدين، صرفوا أوقاتهم في الذب عن الشريعة، ضد الملحدين والمعطلين والمجسمة والمشبهة وغيرهم من الفرق الضالة، فبينوا للعامة الغثّ من السمين، والحق من الباطل.أما بعد: فقد رأيت كتاب ابن الجوزي هذا قاصمًا لظهور المشبهة مشتتًا لبدع المجسمة، ضاربًا حججهم الواهية بسيف الشرع، طاعنًا أفكارهم برمح العقل السليم الذي هو شاهدٌ للشرع الحنيف، قاذفًا آرائهم بمقلاع الحجج والبراهين كاشفًا ستار الجهل والضلال، مبينًا للعامة أضاليلهم وتمويهاتهم.وعلمًا منا أننا الآن في أمسّ الحاجة لمثل هذا الأمر وقيامًا مني بنصرة هذا الدين، وإبرازًا لمكتبة التراث الإسلامي كتابًا من سلسلة كتبها القيمة، وإبرازًا للحقيقة والواقع، وإلجامًا لأهل البدع والضلال، لتنزيه مذهب السلف عن التجسيم والتشبيه، ولتبرئة الخلف عن التعطيل، كما زعم بعضهم، وإن الاثنين ءامنوا بما جاء عن الله وبما جاء عن رسوله الكريم من غير تشبيه وتكييف وتجسيم، حمانا الله من فتن أهل الضلال.وأنبه هنا أن هذا الكتاب قد طبع سابقًا باسم "دفع شبه التشبيه" ولكنني لما عرضته على الأصول المخطوطة وجدت النص نفسه ولكن باسم "الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب" الذين خالفوا مذهب ومعتقد الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، ونسبوا له ما لا يعتقده، وافتروا عليه بما لا يقله أدنى مسلم فكيف بهذا الإمام العظيم، الجليل القدر فإنه ابتلي في حياته فصبر وفاز، وابتلي بعد مماته بأكثر المنتسبين إليه فجزاه الله خيرًا.وأخيرًا أقدم كتابي هذا إلى كل جاهل عنيد، الذي يتتبع المتشابه ابتغاء الفتنة، الغارق في بحر العصبية العمياء أقول: إمامك منك بريء. ثم إن علم الكلام علم يقرره أهل الحق، علم هو أشرف العلوم ليس مذمومًا -كما يظن بعضهم- اشتغل بعض السلف الصالح به تأليفًا وتعليمًا وتفهيمًا، ثم اشتدت الحاجة إلى الاشتغال به تأليفًا وتفهيمًا، وهذا هو أشرف العلوم لأنه يُعرف به ما يجب لله من الصفات الأزلية التي افترض الله على عباده معرفتها وما يستحيل على الله من النقائص، وما يجوز على الله، فراجع رسالة الحسن البصري الذي هو من أكابر التابعين، وعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد، ومحمد الحسن بن الحنفية، وأبي حنيفة المجتهد، في رسائله الخمسة، والشافعي في كتاب القياس، وقد ناظر حفص الفرد فأفحمه، وأقول أخيرًا: وقد أحسن في ذلك من قال:

عاب الكلام أناسٌ لا خلاق لهم ** وما عليه إذا عابوه من ضررما ضرّ شمس الضحى في الأفق طالعة ** أن ليس يبصرها من ليس ذا بصر

وأسأل الله التوفيق والسداد، وحسن الختام إنه على كل شىء قدير.

كتبه محمد منير الإمام 

بسم الله الرحمن الرحيمقال الشيخ الإمام الحافظ العلامة أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن عبد الله بن حماد الجوزي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن الفطر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم: "اعلم وفقك الله تعالى أني لما تتبعت مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه رأيته رجلاً كبير القدر في العلوم، قد بالغ رحمة الله عليه في النظر في علوم الفقه ومذهب القدماء، حتى لا تأتي مسألة إلا وله فيها نص أو تنبيه إلا أنه على طريق السلف، فلم يصنف إلا المنقول، فرأيت مذهبه خاليًا من التصانيف التي كثر جنسها عند الخصوم.فصنفت تفاسير مطولة منها "المغني" مجلدات و"زاد المسير" و"تذكرة الأريب"، وغير ذلك.وفي الحديث كتبًا: منها "جامع المسانيد" و"الحدائق" و"نفي النقل" وكتبًا كثيرة في الجرح والتعديل.وما رأيت لهم تعليقة في الخلاف إلا أن القاضي أبا يعلى قال: كنت أقول ما لأهل المذاهب يذكرون الخلاف مع خصومهم ولا يذكرون أحمد؟ ثم عذرتهم إذ ليس لنا تعليقة في الفقه، قال: فصنفت لهم تعليقة.

قلت: وتعليقته لم يحقق فيها بيان الصحة والطعن في المردود وذكر فيها أقيسة طردية، ورأيت من يلقي الدرس من أصحابنا من يفزع إلى تعليقة الاصطلام أو تعليقة أسعد أو تعليقة العالمي أو تعليقة الشريف، ويستعير منها استعارات، فصنفت لهم تعاليق منها كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف" ومنها "جنة النظر وجنة الفطر" ومنها "عمدة الدلائل في مشهور المسائل".ثم رأيت جمع أحاديث التعليق التي يحتج بها أهل المذاهب وبينت تصحيح الصحيح وطعن المطعون فيه، وعملت كتابًا في المذهب أدخلتها فيه، وسميته "الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب".وصنفت في الفروع كتاب "المذهَّب في المذهب" وكتاب "مسبوك الذهب" وكتاب "البلغة" وكتاب "منهاج الوصول إلى علم الأصول)، وقد بلغت مصنفاتي مائتين وخمسين مصنفًا.ورأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح، وانتدب للتصنيف ثلاثة: أبو عبد الله بن حامد، وصاحبه القاضي أبو يعلى، وابن الزاغوني فصنفوا كتبًا شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس، فسمعوا أن الله تعالى خلق ءادم عليه الصلاة والسلام على صورته، فأثبتوا له صورة ووجهًا زائدًا على الذات، وعينين وفمًا ولهوات وأضراسًا وأضواء لوجهه هي السبحات ويدين وأصابع وكفًا وخنصرًا وإبهامًا وصدرًا وفخذًا وساقين ورجلين.وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس.وقالوا: يجوز أن يمس ويُمس، ويدني العبد من ذاته.وقال بعضهم: ويتنفس.وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحدث، ولم يقنعوا بأن يقولوا صفة فعل، حتى قالوا صفة ذات.ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة، ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف، وساق على شدة، بل قالوا: نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر المعهود من نعوت الآدميين، والشيء إنما يجعل على حقيقته إذا أمكن، فإن صرف صارف حمل على المجاز، ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون: نحن أهل السنة، وكلامهم صريح في التشبيه.وقد تبعهم خلق من العوام.فقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم: يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: "كيف أقول ما لم يقل".

فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه، ثم قلتم في الأحاديث، "تحمل على ظاهرها" وظاهر القدم الجارحة، فإنه لما قيل في عيسى "روح الله" اعتقدت النصارى أن لله سبحانه وتعالى صفة هي روح ولجت في مريم.ومن قال: استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات، وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل. وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالى، وحكمنا له بالقِدَم، فلو أنكم قلتم: نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر عليكم أحد، إنما حملكم إياها على الظاهر قبيح.فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه. فلقد كسيتم هذا المذهب شيئًا قبيحًا حتى لا يقال حنبلي إلا مجسم، ثم زينتم مذهبكم بالعصبية ليزيد بن معاوية، ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته، وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم: لقد شان هذا المذهب شينًا قبيحًا لا يغسل إلى يوم القيامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى”

 كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” قال اب...