فائدة مهمة في بيان أنّ
والديِ الرسول ناجيان
قال الله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)
وقال تعالى (ذلك إن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون)
وقال تعالى (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين
وقال تعالى (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى)
وقال تعالى (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا)
وأخرج ابن أبي خاتم في تفسيره عند هذه الآية بسند حسن عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الهالك في الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ولا رسول ثم قرأ هذه الآية (ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين)
قال الامام أبو حنيفة رضي الله عنه: "والدا الرسول ما ماتا كافرين".
لكن بعض النساخ حرّفوا فكتبوا ماتا كافرين وهذا غلط شنيع .نحن لا نقول ماتا كافرين اذ لا مانع من أن يكونا أُلهِما الايمان بالله فعاشا مؤمنين لا يعبدان الوثن
. أما حديث "إنّ أبي وأباك في النار " فهو حديث معلول وإن أخرجه مسلم .
في مسلم أحاديث انتقدها بعض المحدثين وهذا الحديث منها .
وأمّا حديث " إنّ الرسول مكث عند قبر أمه فأطال وبكى فقيل له :" يا رسول الله رأيناك أطلت عند قبر أمك وبكيت
فقال :"إنّي استأذنت ربّي في زيارتها فأذن لي وطلبت أن أستغفر لها فمنعني". هذا الحديث أيضا في مسلم وهذا الحديث مؤوّل بأن يقال إنّما منعه من أن يستغفر لها حتى لا يلتبس الامر على الناس الذين مات ءاباؤهم وأمهاتهم على عبادة الوثن فيستغفروا لابائهم وأمّهاتهم المشركين لا لأنّ أمّ الرسول كانت كافرة , وهكذا يُرد على الذين أخذوا بظاهر الحديث فقالوا إنّ والدة الرسول كانت مشركة لذلك ما أذن له بأن يستغفر لها .
والدليل على أنّ أمه كانت مؤمنة أنها لما ولدته أضاء نور حتى أبصرت قصور الشام وبين المدينة والشام مسافة بعيدة ,
رأت قصور بُصرَى هذه من مدن الشام القديمة وهي تُعدّ من أرض حَوران مما يلي الاردن, فأمه عليه السلام رأت بهذا النور الذي خرج منها لما ولدته قصور بُصرى وهذا الحديث ثابت رواه الحافظ ابن حجر في الامالي ّ وحسّنه , ورؤية
ءامنة بُصرى يُعدّ كرامة لها لأن هذا خارق للعادة.
ومسلم لما ألف كتابه صحيح مسلم عرضه على بعض الحفاظ فأقروه كله الا اربعة أحاديث , هو قال في خطبة كتابه ولم يسم تلك الاربعة ولم يذكرها والبخاري ضعف حديثين من احاديث مسلم قاله الحافظ ابن حجر.
ثم على فرض أنهما لم يكونا مسلمين فهما من اهل الفترة وأهل الفترة الذين ما بلغتهم دعوة الانبياء السابقين لا يعذبون في الاخرة .
وحكم أهل الفترة ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
روى الإمام أحمد من حديث الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ هَرَمٌ وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ:
فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا،
وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ،
وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ رَبِّي لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا،
وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ،
فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ،
قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا.
يقول النووي رحمه الله – شارحا الحديث - :
" فيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم " ( شرح صحيح مسلم 3 / 79 ) .
قال ابن حجر رحمه الله والظن بآله صلى الله عليه وسلم يعني الذين ماتوا قبل البعثة أنهم يطيعون عند الامتحان إكراما له صلى الله عليه وسلم لتقربهم عينه. ثم رأيته قال في الإصابة ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومن مات في الفترة ومن ولد أكمه أعمى أصم ومن ولد مجنونا أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ونحو ذلك أن كلا منهم يدلي بحجة ويقول لو عقلت أو ذكرت لآمنت فترفع لهم نار ويقال أدخلوها فمن دخلها كانت له بردا وسلاما ومن امتنع أدخلها كرها هذا معنى ما ورد من ذلك. قال وقد جمعت طرقه في جزء مفرد قال ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا فينجو إلا أبا طالب فإنه أدرك البعثة ولم يؤمن وثبت أنه في ضحضاح من نار،
والمراد بها المدة التي بين عيسى ـ عليه السلام ـ ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن بينهما نبي، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات، وليس بيني وبينه نبي.
قال البغوي: على فترة من الرسل ـ أي انقطاع من الرسل، واختلفوا في مدة الفترة بين عيسى ـ عليه السلام ـ ومحمد صلى الله عليه وسلم، قال أبو عثمان النهدي: ستمائة سنة، وقال قتادة: خمسمائة وستون سنة، وقال معمر والكلبي، خمسمائة وأربعون سنة، وسميت فترة لأن الرسل كانت تترى بعد موسى ـ عليه السلام ـ من غير انقطاع إلى زمن عيسى عليه السلام، ولم يكن بعد عيسى عليه السلام سوى رسولنا صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وأقرب الأقوال في مدة الفترة ما في صحيح البخاري عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: فترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ست مائة سنة.
اهل الفترة
------------
قال السيوطي في الحاوي رحمه الله تعالى: ولما دلت القواطع على أنه لا تعذيب حتى تقوم الحجة علمنا أنهم غير معذبين، فإن قلتَ: صحت أحاديث بتعذيب أهل الفترة كصاحب المحجن وغيره، قلتُ: أجاب عن ذلك عقيل بن أبي طالب بثلاثة أجوبة:
الأول: أنها أخبار آحاد، فلا تعارض القاطع.
الثاني: قصر التعذيب على هؤلاء والله أعلم بالسبب.
الثالث: قصر التعذيب المذكور في هذه الأحاديث على من بدل وغير الشرائع وشرع من الضلال ما لا يعذر به.
فإن أهل الفترة ثلاثة أقسام:
الأول: من أدرك التوحيد ببصيرته ثم من هؤلاء:
1ـ من لم يدخل في شريعته كقس بن ساعدة، وزيد بن عمرو بن نفيل.
2ـ ومنهم من دخل في شريعة حق قائمة الرسم كتبّع وقومه.
القسم الثاني: من بدل وغير وأشرك ولم يوحد وشرع لنفسه فحلل وحرم وهو الأكثر كعمرو بن لحي أول من سن للعرب عبادة الأصنام، وشرع الأحكام، فبحر البحيرة، وسيب السائبة ووصل الوصيلة، وحمى الحامي وزادت طائفة من العرب على ما شرعه أن عبدوا الجن، والملائكة، وحرقوا البنين، والبنات، واتخذوا بيوتاً جعلوا لها سدنة وحجاباً يضاهون بها الكعبة كاللات والعزى ومناة.
القسم الثالث: من لم يشرك ولم يوحد ولا دخل في شريعة نبي ولا ابتكر لنفسه شريعة ولا اخترع ديناً، بل بقي عمره على حال غفلة عن هذا كله، وفي الجاهلية من كان كذلك.
فإذا انقسم أهل الفترة إلى الثلاثة الأقسام فيحمل من صح تعذيبه على أهل القسم الثاني لكفرهم بما لا يعذرون به.
وأما القسم الثالث: فهم أهل الفترة حقيقة وهم غير معذبين للقطع، كما تقدم.
وأما القسم الأول فقد قال صلى الله عليه وسلّم في كل من قس، وزيد: أنه يبعث أمة وحده، وأما تبّع ونحوه فحكمهم حكم أهل الدين الذين دخلوا فيه ما لم يلحق أحد منهم الإسلام الناسخ لكل دين، انتهى ما أورده الأبي. اهـ.
وعلى هذا جمهور العلماء الاشاعرة وغيرُهم.
والله أعلم.
قال الله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)
وقال تعالى (ذلك إن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون)
وقال تعالى (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين
وقال تعالى (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى)
وقال تعالى (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا)
وأخرج ابن أبي خاتم في تفسيره عند هذه الآية بسند حسن عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الهالك في الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ولا رسول ثم قرأ هذه الآية (ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين)
قال الامام أبو حنيفة رضي الله عنه: "والدا الرسول ما ماتا كافرين".
لكن بعض النساخ حرّفوا فكتبوا ماتا كافرين وهذا غلط شنيع .نحن لا نقول ماتا كافرين اذ لا مانع من أن يكونا أُلهِما الايمان بالله فعاشا مؤمنين لا يعبدان الوثن
. أما حديث "إنّ أبي وأباك في النار " فهو حديث معلول وإن أخرجه مسلم .
في مسلم أحاديث انتقدها بعض المحدثين وهذا الحديث منها .
وأمّا حديث " إنّ الرسول مكث عند قبر أمه فأطال وبكى فقيل له :" يا رسول الله رأيناك أطلت عند قبر أمك وبكيت
فقال :"إنّي استأذنت ربّي في زيارتها فأذن لي وطلبت أن أستغفر لها فمنعني". هذا الحديث أيضا في مسلم وهذا الحديث مؤوّل بأن يقال إنّما منعه من أن يستغفر لها حتى لا يلتبس الامر على الناس الذين مات ءاباؤهم وأمهاتهم على عبادة الوثن فيستغفروا لابائهم وأمّهاتهم المشركين لا لأنّ أمّ الرسول كانت كافرة , وهكذا يُرد على الذين أخذوا بظاهر الحديث فقالوا إنّ والدة الرسول كانت مشركة لذلك ما أذن له بأن يستغفر لها .
والدليل على أنّ أمه كانت مؤمنة أنها لما ولدته أضاء نور حتى أبصرت قصور الشام وبين المدينة والشام مسافة بعيدة ,
رأت قصور بُصرَى هذه من مدن الشام القديمة وهي تُعدّ من أرض حَوران مما يلي الاردن, فأمه عليه السلام رأت بهذا النور الذي خرج منها لما ولدته قصور بُصرى وهذا الحديث ثابت رواه الحافظ ابن حجر في الامالي ّ وحسّنه , ورؤية
ءامنة بُصرى يُعدّ كرامة لها لأن هذا خارق للعادة.
ومسلم لما ألف كتابه صحيح مسلم عرضه على بعض الحفاظ فأقروه كله الا اربعة أحاديث , هو قال في خطبة كتابه ولم يسم تلك الاربعة ولم يذكرها والبخاري ضعف حديثين من احاديث مسلم قاله الحافظ ابن حجر.
ثم على فرض أنهما لم يكونا مسلمين فهما من اهل الفترة وأهل الفترة الذين ما بلغتهم دعوة الانبياء السابقين لا يعذبون في الاخرة .
وحكم أهل الفترة ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
روى الإمام أحمد من حديث الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ هَرَمٌ وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ:
فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا،
وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ،
وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ رَبِّي لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا،
وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ،
فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ،
قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا.
يقول النووي رحمه الله – شارحا الحديث - :
" فيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم " ( شرح صحيح مسلم 3 / 79 ) .
قال ابن حجر رحمه الله والظن بآله صلى الله عليه وسلم يعني الذين ماتوا قبل البعثة أنهم يطيعون عند الامتحان إكراما له صلى الله عليه وسلم لتقربهم عينه. ثم رأيته قال في الإصابة ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومن مات في الفترة ومن ولد أكمه أعمى أصم ومن ولد مجنونا أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ونحو ذلك أن كلا منهم يدلي بحجة ويقول لو عقلت أو ذكرت لآمنت فترفع لهم نار ويقال أدخلوها فمن دخلها كانت له بردا وسلاما ومن امتنع أدخلها كرها هذا معنى ما ورد من ذلك. قال وقد جمعت طرقه في جزء مفرد قال ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا فينجو إلا أبا طالب فإنه أدرك البعثة ولم يؤمن وثبت أنه في ضحضاح من نار،
والمراد بها المدة التي بين عيسى ـ عليه السلام ـ ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن بينهما نبي، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات، وليس بيني وبينه نبي.
قال البغوي: على فترة من الرسل ـ أي انقطاع من الرسل، واختلفوا في مدة الفترة بين عيسى ـ عليه السلام ـ ومحمد صلى الله عليه وسلم، قال أبو عثمان النهدي: ستمائة سنة، وقال قتادة: خمسمائة وستون سنة، وقال معمر والكلبي، خمسمائة وأربعون سنة، وسميت فترة لأن الرسل كانت تترى بعد موسى ـ عليه السلام ـ من غير انقطاع إلى زمن عيسى عليه السلام، ولم يكن بعد عيسى عليه السلام سوى رسولنا صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وأقرب الأقوال في مدة الفترة ما في صحيح البخاري عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: فترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ست مائة سنة.
اهل الفترة
------------
قال السيوطي في الحاوي رحمه الله تعالى: ولما دلت القواطع على أنه لا تعذيب حتى تقوم الحجة علمنا أنهم غير معذبين، فإن قلتَ: صحت أحاديث بتعذيب أهل الفترة كصاحب المحجن وغيره، قلتُ: أجاب عن ذلك عقيل بن أبي طالب بثلاثة أجوبة:
الأول: أنها أخبار آحاد، فلا تعارض القاطع.
الثاني: قصر التعذيب على هؤلاء والله أعلم بالسبب.
الثالث: قصر التعذيب المذكور في هذه الأحاديث على من بدل وغير الشرائع وشرع من الضلال ما لا يعذر به.
فإن أهل الفترة ثلاثة أقسام:
الأول: من أدرك التوحيد ببصيرته ثم من هؤلاء:
1ـ من لم يدخل في شريعته كقس بن ساعدة، وزيد بن عمرو بن نفيل.
2ـ ومنهم من دخل في شريعة حق قائمة الرسم كتبّع وقومه.
القسم الثاني: من بدل وغير وأشرك ولم يوحد وشرع لنفسه فحلل وحرم وهو الأكثر كعمرو بن لحي أول من سن للعرب عبادة الأصنام، وشرع الأحكام، فبحر البحيرة، وسيب السائبة ووصل الوصيلة، وحمى الحامي وزادت طائفة من العرب على ما شرعه أن عبدوا الجن، والملائكة، وحرقوا البنين، والبنات، واتخذوا بيوتاً جعلوا لها سدنة وحجاباً يضاهون بها الكعبة كاللات والعزى ومناة.
القسم الثالث: من لم يشرك ولم يوحد ولا دخل في شريعة نبي ولا ابتكر لنفسه شريعة ولا اخترع ديناً، بل بقي عمره على حال غفلة عن هذا كله، وفي الجاهلية من كان كذلك.
فإذا انقسم أهل الفترة إلى الثلاثة الأقسام فيحمل من صح تعذيبه على أهل القسم الثاني لكفرهم بما لا يعذرون به.
وأما القسم الثالث: فهم أهل الفترة حقيقة وهم غير معذبين للقطع، كما تقدم.
وأما القسم الأول فقد قال صلى الله عليه وسلّم في كل من قس، وزيد: أنه يبعث أمة وحده، وأما تبّع ونحوه فحكمهم حكم أهل الدين الذين دخلوا فيه ما لم يلحق أحد منهم الإسلام الناسخ لكل دين، انتهى ما أورده الأبي. اهـ.
وعلى هذا جمهور العلماء الاشاعرة وغيرُهم.
والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق