بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 أغسطس 2018

حكم الاختلاط

 اعلموا  أنه لم يقل أحد من المجتهدين إن اختلاط الرجال بالنساء حرام على الإطلاق، 

  إلا أنهم حرموا الاختلاط الذي فيه تضام وتلاصق وهذه المسئلة لا خلاف فيها، 


وقد كان الرجال والنساء يختلطون في مكة في الطواف والسعي والوقوف وغير ذلك في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وما زال الأمر كذلك إلى يومنا هذا،

    وإن حصل تضام وتلاصق في الحج غير متعمد فلا يحرم ذلك لأنه غير متعمد، 

   وقد نص الإمام مالك أنه لا بأس لو أكلت المرأة مع زوجها بحضور أجنبي إذا كان ذلك على ما جرت به العادة بين الناس، 

وكانت النساء يصلين في مسجد النبي خلفه وخلف الصحابة الرجال دون ضرب ستر بينهم.

 وأما قول إنه صار في هذا الزمان فتنة، فالفتنة وإن كانت زادت في أيامنا هذه إلا أنها كانت موجودة في الماضي أيضًا،

 ففي زمن سيدنا عمر حصل أن امرأة أعجبت برجل يقال له نصر بن حجاج وكان سيدنا عمر يمشي بالليل ليتفقد أحوال الناس فسمع تلك المرأة تقول: 
هل من سبيل إلى خمر فأشربها * أم من سبيل إلى نصر بن حجاج

وفي صحيح ابن حبان أن امرأة حسناء كانت تحضر صلاة الجماعة خلف النبي وأصحابه فصار بعض الصحابة يصلي في صف الرجال الأخير لينظر إليها من تحت إبطه في الركوع فنزل قوله تعالى: {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} (سورة الحجر/ءاية 24)

 ومع ذلك لم ينهها رسول الله عن الحضور،   لكن المعصية على من نظر إلى عورة امرأة، أو نظر إلى غير العورة بشهوة.  فالشرع لا يؤخذ بالرأي، إنما الشرع اتباع.

فاختلاط الرجال بالنساء هو على وجهين، وجه جائز ووجه محرّم، والوجه الجائز هو الاختلاط بدون تلاصق بالأجسام ولا خلوة محرّمة، فلقد روى الإمام المجتهد ابن المنذر في كتابه الأوسط عن أنس قال [قدمنا مع أبي موسى الأشعري فصلى بنا العصر في المربد (وهو مكان بعيد عن المدينة المنوّرة بِميلين اسمه مِربد النعم) ثم جلسنا إلى المسجد الجامع فإذا المغيرة بن شعبة يصلي بالناس والرجال والنساء مختلطون فصلينا معه].ا

فالنساء كنّ يصلين خلف الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بين صفوف الرجال وصفوف النساء ستارة، وقد قال عليه الصلاة والسلام "لا تَمنعوا إماء الله مساجد الله". ونقل الإمام النووي الإجماع في شرحه على كتاب المهذب على أنها أي المرأة لو حضرت وصلت الجمعة جاز.ا

وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كنّ يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال وهذا دليل على أنّ اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام. ثمّ أليس يجتمع النساء والرجال معًا في مكّة المكرّمة عند الطواف بالكعبة في موسم الحجّ وغيره؟ فإن قيل: هذا في الحجاز هذا عند الطواف بالكعبة، يقال له: من قال ان للنساء شريعتين شريعة في الحجاز وشريعة خارج الحجاز؟!ا

وجاء في كتاب الموطأ للإمام مالك أنه سئل مالك هل يجوز أن يأكل الرجل وزوجته مع رجل ءاخر؟ فقال مالك [لا بأس بذلك إذا كان ذلك على ما يُعرف من أمر الناس].ا

فإذا كان جلوسها مع زوجها ورجل أجنبي أي من غير محارمها للطعام جائزًا فكيف بجلوسها في مجلس تتعلم فيه أمور دينها تتلقى فيه من رجل؟ وقد ثبت في صحيح البخاري أن الرجال يسألون السيدة عائشة رضي الله عنها عن الأحكام والأحاديث مشافهة. فليتق الله من يحرم تدريس الرجل للنساء علم الدين بغير دليل شرعي وليعلم أن كلامه الذي يقوله يُكتب عليه. يقول الله تعالى ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ﴾ سورة النحل، ءاية 116.ا

وأما الوجه المحرّم ما يكون فيه تلاصق وتضامّ كما بيّن ذلك الشيخ ابن حجر في فتاويه الكبرى ورسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم خلوة رجل أجنبي بامرأة واحدة وسَمَح في اجتماع رجلين أو أكثر بامرأة. قال عليه الصلاة والسلام "لا يخلُونّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان". ففي هذا الحديث دليل في قوله عليه الصلاة والسلام "بامرأة" أنه إذا كانت النساء أكثر من واحدة ليس بحرام.ا

فبعد هذا البيان للحكم الشرعي لا يجوز مخالفته من أجل العادة التي ألِف الشخص في بلده، ومن أقبح القبيح أن يترك الشخص أحاديث رسول الله الصحيحة ويتعلق بعادة بلده المخالفة للشريعة وهذا خلاف سيرة الأئمة المجتهدين الشافعي ومالك وغيرهما. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه [إذا صحّ الحديث فهو مذهبي].ا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى”

 كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” قال اب...