قصة جريج الراهب الذي كان من أتباع سيدنا عيسى عليه السلام
كان في أمّة عيسى الصالحون الصادقون الذين استقاموا بطاعة الله وحده ومنهم جريج رضي الله عنه، فقدكان جريجُ من المسلمين الذين هم على شريعة نبي الله عيسى المسيح عليه السلام وكانتقيًا صالحًا يعيش بعيـدًا عن الناس، وكان قد بنى صومعة يعبد الله تعالى فيها، وجاءفي قصتـه عليه السلام أن امرأة زانية فاسقة قالت: أنا أفتن جريجًا هذا، فتزينت وتعرضت له فلمّا رءاها لم يهتمّ بها فقطعت الأمل في فتنته، ثم صادفت رجلًا راعيًا فتعرضت له فزنى بها فحمَلت منه ثم لما وضعت حملَها قالت: هذا الولد من جريج، وذهبوا إلى جريج وهدموا له صومعته التي كان يعبد الله تعالى فيها، وربطوه بحبل وجرُّوه وطافوا به بين الناس إهانة له، فقال لهم: أمهلوني حتى أصلي ركعتين فأمهلوه فصلى ركعتين ثم قال للمولود الذي ولدته هذه المرأة: يا غلام من أبوك؟ قال المولود: الراعي، أنطق الله تعالى الغلام ليبرئ عبدَه الوليَ الصالحَ جريجًا، فعادوا يتمسحون به ويقبلونه ليرضى حيث رأوْا له هذه الكرامة العظيمة وهي أنه أنطق هذا الطفلَ المولودَ بإذن الله لتبرئته مما اتُهم به، فقالوا له: نبني لك صومعتَك من ذهب، فقال لهم جريج: لا، أعيدوها كما كانت، أي من طين، روى هذه القصة البخاري ومسلم فيصحيحيهما.
معجزاته عليه الصلاة والسلام وذكر ماذكره الله من الامتنان
من معجزات عيسى عليه السلام غير ما مر إحياء الموتى قال الله تعالى:}إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ{سورة ءال عمران.
وقال تعالى:}وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيه فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ{سورة ءال عمران.
أيد الله تبارك وتعالى عيسى ابنَ مريم بروح القدُس وهو جبريلُ عليه السلام، وأيده أيضًا بالبينات وهي المعجزات الدالة على صدقه فيما يبلغه عن الله تبارك وتعالى، فكان عليه السلام يمسح على المريض فيشفى بإذن الله تعالى، ومن هذه المعجزات أيضًا أنه كان يصور من الطين على صورة الطير ثم ينفُخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله تعالى ومشيئته، ومن معجزاته أيضًا إحياءُ الموتى بإذن الله تعالى فكان عليه السلام يقول للميت: قم بإذن الله فيقوم بإذن الله، ويُروى أنه أول ما أحيا من الموتى أنه مرَّ ذات يوم على امرأةٍ قاعدةٍ عند قبرٍ وهي تبكي فقال لها: ما لك أيتها المرأة؟ فقالت له: ماتت ابنةٌ لي لم يكن لي ولدٌ غيرُها، وإني عاهدت ربي أن لا أبرح من موضعي هذا حتى أذوقَ ما ذاقت من الموت أو يحييها الله لي فأنظر إليها، فقال لها نبي الله عيسى عليه السلام: أرأيتِ إن نظرتِ إليها أراجعةأنت؟ قالت: نعم، فصلى عليه السلام ركعتين لله تعالى ثم جاء فجلس عند القبر، فنادى: يا فلانة، قومي بإذن الله الرحمن فاخرجي، فتحرك القبر، ثم نادى المرة الثانية فانصدع القبرُ بإذن الله، ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسَها من التراب، ثـم قال لها عيسى عليه السلام: ما أبطأ بك عني فقالت له: لما جاءتني الصيحةُ الأولى بعث الله لي ملكًا فركّب خَلقي، ثم جاءتني الصيحة الثانية فرجع إلي روحي، ثم جاءتني الصيحة الثالثة فخفت أنها صيحة القيامة فشاب رأسي وحاجباي وأشفارُ عيني من مخافة القيامة، ثم أقبلَت على أمها فقالت لها: يا أماه ما حملَك على أن أذوقَ كربَ الموت مرتين؟ يا أماهُ اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا، ثم كلمت نبي الله عيسى عليه السلام وقالت له: سل ربي أن يردني إلى الآخرة وأن يهوِّن عليّ كربَ الموت فدعا عليه السلام ربَه فقبضها إليه واستوت عليها الأرضُ فسبحان القادر على كل شيء، ولما بلغ اليهود خبر هذه الحادثة ازدادوا على عيسى عليه السلام غضبًا.
ويروى أن ملِكًا من ملوك بني إسرائيل مات وحُمِل على سريره ونعشِه، فجاء عيسى عليه السلام فدعا الله عز وجلفأحياه الله عز وجل، ورأى الناس يومئذٍ أمرًا هائلًا ومنظرًا عجيبًا.
ويُروى أنه ممن أحياه عيسى عليه السلام بإذن الله تعالى عازر وكان صديقًا لعيسى فلما مرض عازرُ أرسلت أختُه إلى عيسى عليه السلام أنَّ عازرَ يموت فسار إليه عيسى وبينهما ثلاثة أيام فوصل إليه فوجده قد مات، فأتى قبره فدعا الله تعالى فأحياه الله تعالى وعاش وبقي دهرًا حتى وُلِدَ له.
ويروى أنه عليه السلام كان يومًا مع أصحابه “الحواريين” يذكر نوحًا والغرق والسفينة فقال له الحواريون: لو بعثت لنا من شهد ذلك؟ فأتى عيسى عليه السلام مُرتفعًا وقال: هذا قبر سامِ بنِ نوح، ثم دعا الله تعالى فأحياه الله تعالى فقال: قد قامت القيامة؟ فقال له عيسى المسيح عليه السلام: لا ولكن دعوت الله فأحياك، ثم سألوه فأخبرهم عن السفينة وأمرِها ثم عاد ميتًا.
فائدة: قال العلماءكانت معجزة كل نبي في زمانه بما يناسبُ أهل ذلك الزمان فكان الغالبُ على زمان موسى عليه السلام السحرَ وتعظيمَ السحرة، فبعث الله تعالى عبدَه موسى عليه السلام بمعجزة بهرتِ الأبصارَ وحيّرتْ كلَ سحّار، فلما استيقن السحرة أنها معجزة من عند العظيمِ الجبار انقادوا ودخلوا في دين الإسلام.
ونبي الله عيسى عليه السلام بعث في زمان يكثر فيه التباهي والتسابق في الحِذْقِ والمهارةِ من الأطباء وأصحابِ علم الطبيعة، فجاءهم بمعجزات لا سبيل لأحد منهم إليها لأنه مؤيد من الله تبارك وتعالى وكانت هذه المعجزات دليلًا على صدقه فيما يبلغه عن الله تعالى، فأنّى للطبائعيِ أن يُبرِأَالأكمهَ الذي وُلِدَ أعمى، وكذلك الأبرصَ والمجذومَ ومن به مرضٌ مزمنٌ من دون استعمال أعشاب وعقاقير، وأنى للطبيب أن يحييَ الميتَ من قبره كما فعل عيسى عليه السلام، فيُعلم بدِلالة العقل أن عيسى عليه السلام نبيُ الله ورسولُه.
وكذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بُعِثَ في زمان الفُصحاء والبُلغاءِ في قومه العرب حتى بلغوا في شدة المباهاة بالفصاحة والبلاغة في أشعارهم إلى أن كان المتفوق فيهم يعمل قصيدة فيعلقها في الكعبة ليجـد الشهرة بين العرب لأنهم كانوا يجتمعون في مكة باسم الحج مع أنهم كفار يعبدون الأوثان، تقليدًا لأجدادهم منذ أيام إسماعيل عليه السلام، فجاءهـم سيدنا محمد بكتاب أنزله الله عليه عجزوا عن الإتيان بسورة واحدة من مثله في الفصاحة والبلاغة، فتحداهم وكان في تحديه ما أخبر الله به في القرءان بقوله:}قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا{سورةالإسراء.
قال الله تعالى:}لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ{سورة الحديد، أي بالمعجزات، وهكذا كل نبي قرَنَ الله بدعوته من المعجزات ما هو شاهـدٌ له بصدقه تفريقًا بين النبي وبين المتنبي. وليس القرءانُ هو المعجزةُ الوحيدةُ لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بل له من المعجزات الكثيرُ الكثير، منها شهادةُ شجرة دعاها فمشت إليه من منبِتها من غير أن تنقلعوقامت بين يديه فاستشهدها فشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وذلك عند عرضه الإسلام على رجل من العرب فطلب منه شاهدًا على نبوته فقال له: هذه الشجرة، وهذا أغرب وأعجب من إحياء الميت بعدما كان حيًا قبل ذلك ثم عاد إلى ما كان عليه بعد موته، لأن هذه الشجرة لم يسبق لها حياةٌ تؤهلُها للنطق والمعرفةِ بشأنه.
بيان أن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بشر بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم
يقول الله تبارك وتعالى:{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ}سورة الصف.
نبي الله عيسى المسيح عليه السلام بشر برسول ءاخر الزمان وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما بشر به الأنبياء السابقون من قبله فذكروا صفاته كما ذكرت في التوراة والإنجيل وذلك ليعرفه بنو اسرائيل ويتابعوه، ولما كان نبي الله عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام هو ءاخر أنبياء بني اسرائيل قام عليه السلام في بني إسرائيل خطيبا فأخبرهم أن النبوة قد انقطعت عنهم وأنها بعده في النبي العربي الأمي خاتم الأنبياء وأفضلهم على الإطلاق وهو أحمد وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم الذي هو من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام.
يقول الله تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}سورة الأعراف.
روى البيهقي في الدلائل وغيره عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:”دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ابن مريم ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام” وذلك أن إبراهيم لما بنى الكعبة قال{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ}سورة البقرة.
فائدة: تقدم انه من جملة وصايا عيسى عليه السلام لأتباعه أنه قال لهم: إنه يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد فآمنوا به واتبعوه إذا ظهر، زكان ممن سمع وصية عيسى عليه السلام واحد من الجن المؤمنين، فهذا الجني المؤمن بلغ خبر هذه الوصية لأربعة من أهل اليمن كانوا قد خرجوا من بلادهم ونزلوا بأرض في الجزيرة العربية، وذلك قبل أن يظهر اسم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا ظهورًا تامًا، وكانوا قد أدركهم المبيت بالبرية في ءاخر الليل فسمع أحدهم وهو الجعد بن قيس صوت هاتف _ أي صوت جني من غير أن يرى شخصه- وهو يقول:
ألا أيُّها الرَّكبُ المُعَرِّسُ بَلِّغُوا إذَا مَا وَصَلْتُمْ لِلْحَطِيْمِ وَزَمْزَما
محمَّدًا المبعُوثَ مِنَّا تَحِيَّةً تُشَيِّعُهُ مِنْ حَيْثُ سَارَ وَيَمَّما
وقُولُوا لَهُ إنَّا لِدِينِكَ شِيْعَةٌ بِذلكَ أوصَانَا المسيحُ ابنُ مَرْيَما
المُعَرِّسُ (أي النازِلُ في الليل)، شِيْعَةٌ( أي أنصار)
فلما دخل الجعد بن قيس إلى مكة صار يبحث ويسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى دل عليه، فلما اجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم عرفه وءامن به وأسلم.
سيرته عليه السلام وزهده وورعه وشئ من أوصافه ولماذا سمي بالمسيح
قال الله تعالى:{مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ}سورة المائدة.
كان نبي الله عيسى عليه السلام جميل الشكل والصوت أي ليس طويلًا ولا قصيرًا، ءادم اللون أي ذا سمرة خفيفة، سبط الشعر أي شعره متسلسل ناعم، وكان من سيرته عليه السلام أنه كان زاهدًا لا يبالي بنعيم الدنيا وملذاتها الفانية بل كان قلبه متعلقا بالعمل للآخرة وبطاعة الله تعالى.
وكان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ويأكل من ورق الشجر من نحو الملوخية والهندباء من غير طبخ، وكان لا يدخر عنده شيئًا ولكن ينفقه على الفقراء والمساكين والمحتاجين، لا يأوي إلى منزل ولا أهل ولا مال، فهو عليه الصلاة والسلام لم يكن يتخذ منزلًا يأوي إليه وإنما يبيت وينام أينما يدركه المساء.
وكان عليه السلام ورعًا كثير البكاء من خشية الله متوكلًا على مولاه كثير ثقة القلب بخالقه ورازقه، فكان عليه السلام يتحرى الطعام الحلال، وقد قال بعضهم: إنه كان يأكل من غزل أمه مريم عليها السلام، وقد روي عنه أنه خرج يومًا على أصحابه وعليه جبة صوف وسروال صغير يستر عورته وكان حافيًا باكيًا شعثًا مصفر اللون من الجوع، يلبس الشفتين من العطش فقال لأصحابه: السلام عليكم يابني اسرائيل أنا الذي انزلت الدنيا منزلتها بإذن الله ولا عجب ولافخر، ثم قال لهم: أتدرون أين بيتي؟ قالوا: أين بيتك؟ فقال: بيتي المساجد وطي الماء، وإدامي الجوع، وسراجي القمر بالليل، وصلاتي في الشتاء مشارق الشمس، وريحاني بقول الأرض، ولباسي الصوف، وشعاري خوف رب العزة، وجلسائي الزمنى والمساكين، أُصبح وليس لي شئ، وأُمسي وليس لي شئ، وأنا طيب النفس غير مكترث فمن أغنى عني مني وأربح؟
وقد كان عليه السلام شديد التوكل على الله روى أبو داود في كتاب القدر بالإسناد عن طاوس قال: لقي عيسى ابن مريم إبليس فقال: أما علمت أنه لن يصيبك إلا ماكتب لك، قال إبليس: فأوف بذروة هذا الجبل فتردى منه إلى أسفل فانظر هل تعيش أم لا؟ فقال عيسى عليه السلام: أما علمت أن الله تعالى قال لا يجبرني عبدي فإني أفعل ماشئت.
وسمي نبي الله عيسى عليه السلام بالمسيح لكثرة سياحته في الأرض ليعلم الناس دين الله وشرعه ويدعوهم الى عبادة الله وحده، وقيل: إنه سمي بالمسيح لأنه كان يمسح على المريض الأبرص والأعمى وغيرهما فيشفى بإذن الله تعالى ومشيئته.
يتبع إن شاء الله …..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق