يقولُ اللهُ تعالى في القرآنِ الكريم:
يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنونَ إلا منْ أتى اللهَ بقلبٍ سليم{ سورةُ الشعراء / ءاية 88 89.
اعلموا رحمكمُ اللهُ أنَّ يومَ القيامةِ يومٌ لا ينفعُ فيه مالٌ مهما كَثُر ولا بنونَ مهما كثروا "إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم" أي إلا من أتى اللهَ تعالى بقلبٍ خالٍ من الكفرِ والإشراكِ بالله. مَن ماتَ على دينِ الإسلامِ هنيئًا لهُ، لَهُ الجَنةُ، ومن ماتَ على الكفرِ تَعْسًا لَهُ، لَهُ نارُ جهنّمَ خالدًا فيها أبدًا، لا يموتُ فيرتاحُ من العذابِ ولا يحيا حياةً هنيئَةً طيبةً.
الحمدُ لله الذي أنعمَ علنا بالإسلامِ وأَكرمَنا بالإيمانِ فالمسلمُ إذا ماتَ على تقوى اللهِ لا بدَّ وأن يدخل الجنةَ يومَ القيامةِ ويدخلَها بلا عذابٍ لأنهُ مات على تقوى اللهِ، وفي الجنةِ لا تعبَ ولا مرضَ ولا عطشَ ولا جوعَ ولا بؤسَ ولا حزنَ، الجنَّةُ هي دارُ السلام دارُ السلامةِ من الآفاتِ والكُرُباتِ والهمِّ والغمّ والنكد ونحو ذلك. فالمسلمُ الذي مات على الإسلام هو الذي يدخُلُ الجنةَ حيثُ ينادي المنادي يا أهلَ الجنةِ إنَّ لكم أن تحيَوا فلا تموتوا أبدًا وإنَّ لكم أن تَصِحُّوا فلا تَسقَمُوا أبدًا وإنَّ لكم أن تَشِبُّوا فلا تَهرَمُوا ابدًا.
المسلمُ الذي يدخلُ الجنَّةَ هو الذي ماتَ على اعتقادِ الأنبياءِ هو الذي ماتَ على اعتقادِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّ اللهَ واحدٌ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ له ولا ضدَّ ولا نِدَّ له لا يشبهُ شيئًا من خَلقِهِ لا الشمسَ ولا القمرَ ولا الحجرَ ولا الشجرَ ولا الضوءَ ولا الظلامَ ولا يشبهُ البشرَ أيضًا موجودٌ بلا مكانٍ لا يسكنُ السماءَ ولا يسكنُ الأرضَ وليسَ جالسًا على العرشِ، فنحنُ المسلمينَ لا نعتقدُ أنَّ اللهَ يسكُنُ السماءَ أو يجلسُ على العرشِ بل نعتقدُ أنَّ اللهَ موجودٌ بلا مكانٍ يعلمُ كلَّ شىءٍ لا يخفى عليه شىءٌ والأنبياءُ كلُّهم على هذا الاعتقادِ يعتقدونَ أيضًا أنَّ اللهَ قادرٌ على كلِّ شىءٍ ليسَ من خالقٍ إلا اللهُ تباركَ وتَعالى ليسَ لله شريكٌ في الخَلقِ، واللهُ تعالى ليسَ لَهُ بدايةٌ وليس له نهايةٌ، والأنبياءُ كلُّهُم مسلمونَ من أَوَّلِهِم ءادَمَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إلى ءاخرهِم محمدٍ صلى الله عليهِ وسلمَ كُلُّهم قالوا "لا إلهَ إلا اللهُ" محمدٌ وموسى وعيسى المسيحُ المسلمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، وءادمُ الذي لم يكن يشبهُ القرودَ كُلُّهم قالوا "لا إله إلا اللهُ" وكلُّهم دَعَوا لدينٍ واحدٍ هو دينُ الإسلام. فالذي يموتُ على هذا الاعتقادِ لا بُدَّ وأن يدخُلَ الجنة.
أما الذي يموتُ كافرًا، أجارنا اللهُ من الكفرِ، الذي يموتُ كافرًا لا يدخلُ الجنةِ أبدًا ولا يشمُّ ريحَها كأن يكونَ سبَّ اللهَ قبلَ موتِهِ وماتَ على الكفر أو سبَّ نبيًا من أنبياءِ اللهِ أو سخِرَ من الصلاةِ أو الصيامِ أو استهزأَ بحُكمٍ من أحكامِ الشرعِ، كُلُّ هذا يكونُ كفرًا ولا يدخلُ فاعلُهُ في الإسلامِ إلا بقولِ الشهادتينِ بنيةِ الدخولِ في الإسلامِ بنيةِ الخلاصِ من الكفرِ قبلَ الموتِ لأنَّ الذي يموتُ كافرًا اللهُ لا يغفرُ له أبدًا قال تعالى: إنَّ الذينَ كفروا وصَدُّوا عن سبيلِ اللهِ ثمَّ ماتوا وهم كفارٌ فلن يغفِرَ اللهُ لهم سورةُ محمد / ءاية 34.
وهذا الكافرُ يعذَّبُ يومَ القيامةِ في جهنمَ عذابًا شديدًا أليمًا إلى أبدِ الآبادِ إلى ما لا نهايةَ، وفي قبرِهِ أيضًا يُعَذَّبُ يَسأَلُهُ الملكان منكرٌ ونكيرٌ مَنْ رَبُكَ وما دينُكَ وما قولكَ في محمدٍ. فلا يُجيبُ يقولُ لا أدري لا أدري كنت أقول فيه كما يقولُ الناسُ فيقولانِ لهُ لا دَرَيتَ ولا تَلَيْتَ ويَضرِبانِهِ بمطرقةٍ من حديدٍ بين أُذنيهِ ويُضيَّقُ القبرُ عليهِ أيضًا وتُسَلَّطُ عليهِ هوامُّ الأرضِ وحشراتُ الأرضِ، هذا حالُ الذي مات كافرا، أما الذي ماتَ مؤمنًا تقيًا يُنعَّمُ في قبرهِ يوسَّعُ عليهِ سبعينَ ذِراعًا في سبعينَ ويُملأُ خُضرَةً ويُملأُ من رائحةِ الجنةِ ويُنَوَّرُ بنورٍ يُشبِهُ نورَ القمرِ ليلةَ البدرِ، هذا نعيمُ المؤمنِ الذي فارقَ الدنيا على التقوى، عرفَ أنَّ الناسَ للموتِ والبناءَ للخرابِ.
لِدُوا للموتِ وابنوا للخراب****** فكلُّكم يصيرُ إلى التُرابِ
إخواني الدنيا ساعةٌ فاجعلها طاعةً النفسُ طَمَّاعةٌ علِّمْها القناعةَ تزوَّد من طاعةِ اللهِ، تَزَوَّد من طاعةِ اللهِ في هذه الدنيا الفانيةِ قبلَ الزوالِ والفواتِ والمماتِ وقبلَ مفارقةِ الأحبةِ لأنَّ الذي يريدُ أن يكونَ رفيقَ قومٍ بالسفرِ يتزودُ بالطعامِ والشرابِ ليكونَ رفيقَهُم ونحنُ نُحبُ رُفقَةَ الأنبياءِ في الجنةِ ونحبُّ رفقةَ الأولياءِ ورفقة الصالحينَ فلنتزوَّد بالعملِ الصالح.
تزوَّدْ للذي لا بُدَّ منهُ***فإنَّ الموتَ ميقاتُ العبـادِ
وتُبْ ممَّا جنَيتَ وأنتَ حيٌّ***وكُنْ مُتَنَبِّهًا قبـلَ الرًُّقادِ
أَتَرْضى أَنْ تكونَ رفيقَ قومٍ *** لهم زادٌ وأنتَ بغير زادِ
وتُبْ ممَّا جنَيتَ وأنتَ حيٌّ***وكُنْ مُتَنَبِّهًا قبـلَ الرًُّقادِ
أَتَرْضى أَنْ تكونَ رفيقَ قومٍ *** لهم زادٌ وأنتَ بغير زادِ
الدنيا ما فيها بقاءٌ ما فيها ثبوتٌ بل فيها موتٌ واللهُ حيٌّ لا يموتُ.
ما في الحياةِ بقاءٌ***ما في الحياة ثبوتٌ
تموتُ كلُّ البَرايا***سبحانَ من لا يموتُ
تموتُ كلُّ البَرايا***سبحانَ من لا يموتُ
اللهمَّ اغفر لنا ذنوبَنَا. اللهمَّ ارزُقنا وارزقْهُ الجنةَ يا الله. اللهمَّ اجعل قبرَنَا روضَةً من رياضِ الجنة. اللهمَّ أدخِلْنَا الجنَّةَ بلا عذابٍ كَرَمًا يا اللهُ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق