ليعلم أن حقيقة التصوف هو اتباع الشريعة، والعمل بالكتاب والسنة، ومجاهدة النفس، ومخالفة الهوى.. وكثير منهم بلغوا الولاية والعناية الربانية أمثال الشيخ أحمد الرفاعي والجنيد البغدادي والجيلاني وغيرهم. أما أدعياء التصوف اليوم، الذين يقولون بالحلول وبأفضلية أحد من عامة الناس على الأنبياء، فهم شاذون منحرفون عن الحق. قد جعل الله هذه الطائفة سادة الأمة، وفضلهم على سائر خلقه بعد أنبيائه ورسله، وجعلهم للناس هداة ورحمة، فكان منهم الأولياء والعلماء والسادة الأئمة.
وأهل هذه الطائفة الأفاضل قد ذهب أكثرهم ولم يبقَ إلا رسمهم إلا ما ندر من أهل التقوى والسلامة، إذ الحق باقٍ إلى يوم القيامة. وقد فرَّق كثير من جهلة التصوف بين الشريعة والحقيقة، وتوهموا أن الحقيقة تخالف الشريعة، وأن الباطن يخالف الظاهر، وهذا خطر محدق، وجهل مطبق لأن الشريعة كلها حقائق.الصّوفيةُ الحقِيقيّةُ هُمُ الذينَ جمَعُوا بَينَ العِلمِ والعَمل،يكُونونَ محصِّلينَ للعِلم الذي لا بُدّ لكُلّ مُكلَّفٍ مِن تَعلُّمِه والعَملِ بهِ،وبعضُهم يكونونَ جمَعُوا مِنَ العِلمِ زِيادَةً على العِلمِ الضّروريّ،وهؤلاء علَماءُ صُوفِيةٌ مِن خِيار خَلقِ اللهِ والطّاعنُ فِيهِم جَاهِلٌ بالدِّين .
ومِن رؤوسِ الصّوفيةِ ومَشَاهِيرِهم الجنَيدُ بنُ محمّدٍ البَغداديّ الذي تُوفي في أَواخِر القَرنِ الثّالثِ الهِجري.
الصّوفيةُ بهذا المعنى يَشمَلُ الصّحابةَ الذينَ كانُوا بهذِه الصِّفَةِ الذينَ جمَعُوا بينَ العِلمِ والعَمل معَ الزُّهدِ وتَركِ التّنعُّم لأنّ تَركَ التّنعُّم حَالهُم،فالطّبقةُ الأُولى مِن هؤلاء هُمُ الخلفَاءُ الأربعَةُ لأنهُم كانُوا على هذِه الصّفَةِ عُلمَاءَ عامِلينَ زُهّادًا في الدُّنيا،تَركُوا التّنعُّم الذي أحَلّه اللهُ مِن غَيرِ تَحريم عَملا بما أَرشَدَ إليهِ الرسولُ بقَولِه لمعاذِ بنِ جَبل:إيّاكَ والتّنعّمَ فإنَّ عِبادَ اللهِ لَيسُوا بالمتَنعِّمينَ"رواه أحمد.فقد ثَبتَ عن عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ أنّهُ كَتَبَ لبَعضِ النّواحِي إرشَاداتٍ جاءَ فيها:"واخْشَوشِنُوا وتمَعْدَدُوا"والاخْشِيْشَانُ هوَ تَركُ التّنعّم،أي خذُوا بسِيرةِ مَعَدِّ ابنِ عَدنانَ أحَدِ أَجْدادِ الرسولِ،تَشبَّهُوا بهِ لأنّهُ كانَ رجُلا صاحِبَ جَلَدٍ وحَزْمٍ وجَلادَة،مَا كانَ يَركَنُ للمَلَذّاتِ،مَا كانَ يتَّبِعُ الملَذّاتِ بل كانَ يَلتَزِمُ خشُونَةَ العَيشِ وتحَمُّلَ المشَقّاتِ.
ومِنَ العَجبِ العُجَابِ تَكفِيرُ وهّابيةِ العَصر للصّوفِيّةِ بلا تَفصِيلٍ مَع أنّ زعِيمَهُم ابنَ تيميةَ قالَ في الجنَيدِ إنّه إمامُ هُدًى،ذَكَر ذلكَ في كِتابَين مِن مؤلّفَاتِه،بل قَالُوا مِن شِدّةِ خَبطِهم وخَلْطِهم يجبُ محَاربَةُ الصّوفيةِ قبلَ اليَهُودِ والواقِعُ أنّه منذُ عَصر الصّحابةِ إلى عَصرِنا هَذا لا تَزالُ صُوفِيّةٌ طَيِبةٌ مُتَحَقّقَةٌ جمَعُوا بينَ العِلمِ والعَمل.
وهاكُم عبارةَ الوهّابيّ الذي كفّر الصّوفيةّ:قالّ عليّ بنُ محمّد بن سِنان المدرس في المسجِد النّبوي والجامعة الوهّابية المسماة الجامعة الإسلامية في كتَابه المسَمّى المجموع المفِيد من عقِيدة التوحِيد ص 55:أيها المسلمونَ لا يَنفَع إسلامُكم إلا إذَا أعْلَنتُم الحَربَ العَشْواءَ على هذِه الطُّرق الصّوفية فقَضَيتُم علَيها قاتلُوهُم قَبلَ أن تُقاتِلُوا اليَهُودَ والمجُوس"اه.
هَذا وقَد كفّر زعِيمُ الوهّابية محمدُ بنُ عبد الوهّاب كلّ المسلمين،فقَد نقل مفتي الحنابلة الشيخ محمد بن عبدِ الله بنِ حُمَيد النجديّ المتوفى سنة 1295ه في كتابه السّحُب الوابلة على ضَرائح الحنابلة ص276 عن محمد بن عبدِ الوهّاب مَا نصّه:فإنّه كانَ إذَا بايَنَه أحَدٌ ورَدّ علَيه ولم يَقدِرْ على قَتلِه مجَاهَرةً يُرسِلُ إليهِ مَن يَغتَالُه في فِراشِه أو في السّوقِ لَيلا لقَولِه بتَكفِير مَن خَالفَه واستِحلالِه قَتلَهُ"اه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق