الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله .
اما بعد ، فإن الله تبارك وتعالى قال : ** يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين الى جهنم وردا ** المتقون الله تبارك وتعالى يحشرهم يوم القيامة مكرمين ليس عليهم نكد ولا فزع ولا خوف ليس عليهم خوف إلا خوف الإجلال خوف الإجلال لله تعالى اما خوف أن يصيبهم عذاب من الله فقد أمنوا ان يصيبهم عذاب وليس ذلك من تلك أي ساعة الحشر بل هذا الفرح والأمن الذي في انفسهم مستقر في انفسهم بدؤه من عند وقت النزاع أي الإحتضار .
فأما المؤمن التقي حين يحضر يُبشر برحمة الله ورضوانه فعندئذ يعرف مصيره انه إلى الجنة وروح وريحان ورضوان من الله فيحب الموت فيذهب عنه الخوف وكراهية الموت الذي كان يجده قبل ذلك ثم لا يزال وهو آمن مطمئن في حال القبر في البرزخ وهو مدة القبر وفيما بعد ذلك وهو ما بعد رجوع روحه من الجنة، حين يبلى جسده فإنه يرجع الى الجنة الروح يرجع الى الجنة، ثم عند النفخة الثانية يعاد جسده الذي بلي يعيد الله ذلك الجسد ويجمع الروح مع الجسد ثم ينشق عنه القبر فيخرج من القبر وهو فرح مستبشر ثم لا يزال فرحا مسرورا الى ما لا نهاية له، روينا في الصحيح صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ** من أحب لقاء الله أحب الله لقائه ومن كره لقاء الله كره الله لقائه ** قالت ** قلت يا رسول الله انا نكره الموت * فقال ** ليس ذاك ولكن المؤمن اذا حضر بشر برحمة الله وثوابه فيحب لقاء الله ويحب الله لقائه وإن العبد الكافر اذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فكره لقائه وكره الله لقائه ** . يقول الله تعالى في كتابه ** يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا ** أي انهم يحشرون وفودا أي وفود الرحمن وفود الله فالله تبارك وتعالى شكور عليم يعطي الثواب الكثير على العمل القليل فإذا كان الوفد الذي يفد الى الناس الكرماء يلقى نزلا واكراما من الذي يفدوا اليه فكيف الذي هو وفد الرحمن اكرم الأكرمين ثم من كرامة المتقين عند الحشر انهم يكونون راكبين ويكونون كاسين اي لابسين لا يحشرون حفاة عراة .
وأما الكافر فإنه يبشر اذا حضر بعذاب الله وعقوبته يقول له ملائكة العذاب الذين يحضرون الكفار عند موتهم يقال له : أبشر بسخط الله وعذابه فمن ذلك الوقت لا يفرح الى أبد الأبدين فمن شدة خوفه وقلقه يُرى الكافر كئيبا لا يُرى فرحاً مستبشرا لا يوجد كافر يكون في حالة الاحتضار وجهه مشرقا مهما كان قبل ذلك حسن الشكل والهيئة لان هذا الخوف الذي نزل به من تبشير ملائكة العذاب له بالعذاب والعقوبة لا يسعه بعد ذلك أن يفرح او يستبشر .
وأما ما يروى أن ابراهيم الخليل جائه ملك الموت عند مفارقة الدنيا فقال ** هل يقبض الخليل خليله ** أي من الجزع فذهب ملك الموت فقال ** يا رب إن عبدك ابراهيم لا يحب الموت فقال ارجع اليه وقل له الخليل يشتاق الى خليله ** فهذا غير صحيح هذا افتراء ليس له اصل لان ابراهيم الخليل وغيره من انبياء الله هم أولى الناس بأن يعرفوا مصيرهم الطيب الآمن .
وكذلك ما يروى عن موسى أنه لما جائه ملك الموت فقأ عين ملك الموت خوفا من الموت فليس الأمر كذلك انما الصحيح ان ملك الموت فاجأه مفاجأة جاء مفاجئا له ولم يكن موسى تلك الساعة متصورا انه هو ملك الموت فظنه إنسانا سائلا جاء معتديا فبطش به ففقأ له احدى عينيه ، فقأ موسى لأحدى عيني عزرائيل ليس عن كراهية الموت إنما موسى ظنه انسانا جاء ليعتدي ثم لما علم أنه عزرائيل استسلم ورضي بالموت فقبض روحه .
وسبحان الله والحمد لله رب العالمين .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وارحم شيخنا الشيخ عبد الله الهرري واحشرنا معه تحت لواء الحبيب محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق