بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 نوفمبر 2018

السماء هي قِبْلة للدعاء وليست مكانًا ومسكنًا لله تعالى:

السماء هي قِبْلة للدعاء وليست مكانًا ومسكنًا لله تعالى:
1ـ قال إمام أهل السنة أبو منصور الماتريدي (333هـ) ما نصه :"وأما رفع الأيدي إلى السماء فعلى العبادة، ولله أن يَتعبَّد عبادَه بما شاء، ويوجههم إلى حيث شاء، وإن ظَنَّ من يظن أن رفع الأبصار إلى السماء لأن الله من ذلك الوجه إنما هو كظن من يزعم أنه إلى جهة أسفل الأرض بما يضع عليها وجهه متوجهًا في الصلاة ونحوها، وكظن من يزعم أنه في شرق الأرض وغربها بما يتوجه إلى ذلك في الصلاة، أو نحو مكة لخروجه إلى الحج" اهـ ثم ذكر تنزيه الله عن الجهة.
2ـ وقال الحافظ اللغوي الفقيه السيد محمد مرتضى الزبيدي ما نصه :"فإن قيل: إذا كان الحقُّ سبحانه ليس في جهةٍ، فما معنى رفع الأيدي بالدعاء نحو السماء؟.
فالجواب: من وجهين ذكرهما الطُّرْطُوشي:
أحدهما: أنه محلُّ التعبُّد، كاستقبالِ الكعبةِ في الصلاة، وإلصاق الجبهةِ بالأرضِ في السجود، مع تنزُّهه سبحانه عن محلِّ البيت ومحلِّ السجود، فكأنَّ السماءَ قبلةُ الدعاء.
وثانيهما: أنها لما كانَتْ مهبِط الرزقِ والوحيِ وموضعَ الرحمةِ والبركةِ، على معنى أن المطرَ يَنزِلُ منها إلى الأرضِ فيخرج نباتًا، وهي مَسكنُ الملإ الأعلى، فإذا قَضَى اللهُ أمرًا ألقاه إليهم، فيُلقونه إلى أهلِ الأرض، وكذلك الأعمال تُرفَع، وفيها غيرُ واحد من الأنبياء، وفيها الجنةُ التي هي غايةُ الأماني، فلما كانت مَعْدِنًا لهذه الأمور العِظام ومَعرِفةَ القضاءِ والقَدَر، تَصرَّفَت الهِممُ إليها، وتوفَّرَت الدواعي عليها" اهـ.
3ـ وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي الأشعري (852هـ) ما نصه: "السماء قِبْلة الدعاء كما أن الكعبة قِبْلة الصلاة" اهـ.
4ـ وقال الشيخ مُلاّ علي القاري الحنفي (1014هـ) في كتابه "شرح الفقه الأكبر" ما نصه :"السماء قِبْلة الدعاء بمعنى أنها محل نزول الرحمة التي هي سبب أنواع النعمة، وهو مُوجِب دفع أصناف النقمة... وذكر الشيخ أبو معين النسفي إمام هذا الفن في "التمهيد" له من أن المحقّقين قرّروا أن رفع الأيدي إلى السماء في حال الدعاء تعبّد محض" اهـ.
5ـ وقال العلاّمة البَياضي الحنفي (1098هـ) في كتابه "إشارات المرام" ما نصه: "رفع الأيدي عند الدعاء إلى جهة السماء ليس لكونه تعالى فوق السموات العُلى بل لكونها قِبلة الدعاء، إذ منها يتوقع الخيرات ويستنزل البركات لقوله تعالى:{وفي السماء رزقكم وما توعدون} [سورة الذاريات/22] مع الإشارة إلى اتصافه تعالى بنعوت الجلال وصفات الكبرياء، وكونه تعالى فوق عباده بالقهر والاستيلاء" اهـ.
6ـ وقال الحافظ الفقيه اللُّغوي السيد محمد مرتضى الزَّبِيدي الحنفي (1205هـ) ما نصه :"وإنما اختُصَّت السماء برفع الأيدي إليها عند الدعاء لأنها جُعِلَت قِبْلة الأدعية كما أن الكعبة جُعِلَت قِبْلة للمصلي يستقبلها في الصلاة، ولا يقال إن الله تعالى في جهة الكعبة" اهـ.
7ـ وقال أيضًا :"فأما رفع الأيدي عند السؤال والدعاء إلى جهة السماء فهو لأنها قِبلة الدعاء كما أن البيت قِبلة الصلاة يُسْتقبَل بالصدر والوجه، والمعبودُ بالصلاة والمقصودُ بالدعاء ـ وهو الله تعالى ـ منزه عن الحلول بالبيت والسماء؛ وقد أشار النسفي أيضًا فقال: ورفع الأيدي والوجوه عند الدعاء تعبُّد محض كالتوجّه إلى الكعبة في الصلاة، فالسماء قِبْلة الدعاء كالبيت قِبْلة الصلاة" اهـ.
8ـ قال العلامة المحدث الشيخ عبد الله الهرري المعروف بالحبشي في كتابه "إظهار العقيدة السُنيَّة" ما نصه :"ورفعُ الأيدي والوجوه إلى السماء عند الدعاء تعبُّدٌ مَحْضٌ كالتوجّه إلى الكعبة في الصلاة، فالسماء قِبْلة الدعاء كالبيت الذي هو قِبْلة الصلاة" اهـ.
وهذا يدل على موافقة الشيخ عبد الله الهرري لأهل السنة فيما يقوله من تقرير عقيدة أهل الحق، فلا يخرج عما أجمع عليه المجتهدون في الأصول والفروع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...