بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 أغسطس 2018

تفسير قوله تعالى : (فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)

تفسير قوله تعالى : (فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)
قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة:من الآية115) ،

المعنى : فأينما توجهوا وجوهكم في صلاة النفل في السفر فثمّ قبلة الله ،

أي : فتلك الوجهةُ التي توجهتم إليها هي قبلةٌ لكم ، ولا يُرادُ بالوجه الجارحة . وحكم من يعتقدُ الجارحةَ لله التكفير ، لأنه لو كانت له جارحةٌ لكان مثلا لنا يجوز عليه ما يجوزُ علينا من الفناء .
المشرق ملكٌ لله والمغرب ملك لله فأينما تولوا فَثمّ وجه الله أي أينما تستقبلوا في صلاة النفل وأنتم راكبون الدابة في سفركم فهناك قبلة الله ، فالمسافرُ إذا كان راكباً الدابة يجوزُ أن يصلي النفل إلى الجهة التي يريدها ، ولا يلتحق بذلك راكب السيارات والطائرات كما يفهمُ ذلك من كُتب الفقه .
ففي هذه الآية أطلق الله على نفسه لفظ الوجه ، فنحن ليس لنا أن نرد ذلك لكن علينا أن نعتقد أن الوجه إذا أُطلِقَ على الله ليس هذا الجزء ،
ليس الجارحة التي نعرفها ، فالذي يعتقدُ في الله الجارحةَ يكفر .
فإذا قال قائلٌ : هل في القرءان مذكورٌ أنه منزهٌ عن الجارحةِ عن اللمس واللسان والأذن ؟
نقولُ : يكفي قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(الشورى: من الآية11) .
لأنه لو كان له جارحةُ سمعٍ أو جارحة بصرٍ لكان مثلا لنا ولو كان مثلا لنا لم يكن إلها . وأما اعتقادُ أن لله سمعاً وبصراً بجارحتين ويضيف إلى ذلك قوله لا كجوارحنا فهو مناقضَةٌ .
وقد يُرادُ بالوجه الجهة التي يُرادُ بها التقربُ إلى الله تعالى ، كأن يقولَ أحدهم : " فعلتُ كذا وكذا لوجه الله " ، ومعنى ذلك " فعلتُ كذا وكذا امتثالا لأمر الله تعالى " .
الشرح يُقال وجه الله بمعنى الشيء الذي يُتقرب بعمله إلى الله ، وإذا قال قائل : عملتُ هذا لوجه الله أو ابتغاء وجه الله فمعناه عملت هذا للتقرب إلى الله تعالى وموافقة وامتثالا لأمر الله ، أليس الله يقول : (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ)(الحج: من الآية77) .
والدليل على ذلك حديث ابن حبان : " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وإنها لا تكون إلى وجه الله أقرب منها في قعر بيتها " ،
ولا معنى لوجه الله هنا إلا طاعته فمن اعتقد أن وجه الله هو الحجم فقد ألحد وكفر لأن الحجم مخلوق إن كان كثيفا وإن كان لطيفا لا بد له من مقدار ، قال تعالى : ( وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ)(الرعد: من الآية8) فالحجم مهما كان صغيرا ومهما كان كبيرا له مقدارٌ فالله منزهٌ عن أن يكون حجما لطيفا أو كثيفا لأن الحجم لا بد أن يكون له مقدارٌ .
أهــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...