بسم الله الرحمن الرحيم
روى ابن حبّان عن اميمةَ بنتِ رُقيقَة، واسحاقُ بنُ راهَوَيه عن أسماءَ بنتِ يزيد أنّ َ النبيَ صلى اللهعليه وسلّم قال "إنّي لا أ ُصافحُ النِساء"، والحديث صححهُ ابنُ حبان، واسنادُ إسحاق َ بنِ راهوية قال الحافظُ ابنُ حَجَر عنه "حسن". وأما قولُ أم ِ عطية، فيما اخرجه البخاري في صحيحه "بايَعَنا رسولُالله فقرأَ عَلينا {أنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً } [سورة الممتحنة 12] ونهانا عنِ النِياحة،فقبَضَت امرأة ٌ يدَها فقالت: أسعدَتْني فُلانة وأنا أريدُ أن أجْزِيَها فما قال َ لها النبيّ صلى الله عليه وسلم شيئا فانطلقتْ ورجعَت فبايَعَها" يُجاب عنه بانه ليسَ نصاً في مسِ الجِلْدِ للجلدِ وإنما معناهُ كُنّ يُشِرْنَ بأيديهِنّ َ عندَ المُبايعةِ بلا مُماسّة، فتعيّن تأويلُهُ تَوفيقاً بين الحديثينِ الثابتَيْنِ، لأنه يتعيّنُ الجَمعُ بين الحديثَينِ اذا كان كلُ واحدٍ منهُما، ولا يجوزُ الغاءُ أحدِهِما. ومما يؤيّدُ كلامَنا ما ذكرَهُالحافظُ ابنُ الجُوزيّ في تفسيرِهِ ونصُ عبارَتِهِ "وقد صحّ في الحديثِ انّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُصافح في البَيعةِ إمرأةً وإنما بايعهُنَّ بالكلام" ا هـ.
وقد قال َ الحافظُ ابن عساكرِ في تاريخِهِ دمشق بعد أن اوردَ قصةَ أسلامِ عشرَ نسوةٍ من قريشٍ وأنهنّ أتينَ رسولَ الله ِ صلى الله عليه وسلم وهو بالابطَحِ لِمُبايَعَتِهِ ما نصه "فقالت هندٌ من بينهنّ : يا رسول َالله نُماسِحُكَ، فقال َ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "إنّي لا أُ صافحُ النِّساء أنّ قولي لِمئةِ إمرأةٍ مثلُ قولي لامرأةٍ واحدة" ويُقال : وضعَ على يدِهِ ثوباً ثمّ مسَحْنَ على يدِهِ يومئذٍ. ويقال : كان يؤتى بقدحٍ من ماء فيُدخِلُ يدهُ فيهِ ثم يرفعُهُ إليهنّ فيُدخِلْنّ أيدِيَهُنّ فيه، والقولُ الاول أثبَتُهُما عندنا "إني لا أُصافحُ النساء" ا هـ .
ولفظُ البخاري في صحيحه "حدثنا اسحاق، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعْد، حدّثنا ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، أخبرني عُروة أن عائشة َ رضي الله عنها زوجَ النبيّ أخبرتهُ انّ رسولَ الله صلىالله عليه وسلم كان يمتَحِنُ من هاجرَ اليهِ من المؤمِناتِ بهذه الاية بقول الله تعالى{يأيُها النبيّ ُ إذا جاءَكَ المُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ} [سورة الممتحنه 12] إلى قوله {غفورٌ رَحيم} قال عُروة: قالت عائشة : فمن أقرّ بهذا الشرط مِنَ المؤمِنات قال لها رسول ُ الله صلى الله عليه وسلّم "قد بايَعْتُك كلاما"، ولا والله ما مسّت يَدُهُ يدَ إمرأةٍ قط في المُبايعة ما يبايعهُنّ إلا بقوله ِ "قد بايعتك على ذلك" ا هـ .
ولفظُهُ عند ابن حبانَ عن عائشةَ أنها قالت "ما أخذَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم على النِساءِ قطّ إلا بِما أمرهُ اللهُ جلّ وعلا، وما مسّت كفُهُ كفَّ إمرأةٍ قطُ، وما كانَ يقولُ لهُنَّ إذا أخذَ عليْهِنَّ إلا قد بايعْتُكُنَّ كلاما ً".
ويدلُّ على تحريمِ المُصافحةِ للأجنبيةِ أيضاً حديث "لأن ْ يُطعَنَ أحدُكُم في رأسِهِ بمخيَطٍ من حديد خيرٌ له من أن يمسّ أمرأةً لا تحِلّ له" رواه الطبرانيّ وحسّنهُ الحافِظُ ابنُ حجرٍ .
وسبحان الله والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق