قول الإمام مالك : عن آية : الرحمن على العرش استوى
قال عبد الله بن وهب :كنّا عند مالك بن أنس ودخل رجل فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى ) كيف استواؤه ؟
فأطرق مالك وأخذته الرُّحَضاء ثمّ رفعَ رأسه فقال :الرحمن على العرش استوى ) كما وصفَ نفسَه ولا يُقال له كيف ، وكيف عنه مرفوع. وأنت رجلُ سوء صاحبُ بدعةٍ أخرجوه. فأخرج. صحيفة 9 مِنْ كتاب دفْعُ شُبَهِ مَنْ شبّهَ وتمرّد
فأطرق مالك وأخذته الرُّحَضاء ثمّ رفعَ رأسه فقال :الرحمن على العرش استوى ) كما وصفَ نفسَه ولا يُقال له كيف ، وكيف عنه مرفوع. وأنت رجلُ سوء صاحبُ بدعةٍ أخرجوه. فأخرج. صحيفة 9 مِنْ كتاب دفْعُ شُبَهِ مَنْ شبّهَ وتمرّد
ونسبَ ذلك إلى السّيّد الجليل الإمام أحمد للإمام تقيّ الدين أبي بكر الحصني الدّمشقي المُتوفّى سنة 829 هجرية . النّاشر المكتبة الأزهرية للتراث _خلف الجامع الأزهر _مصر
الرُّحَضاء: عرَق يغْسلُ الجِلْدَ لكثْرته كذا من النهاية في غريب الحديث والأثر لإبن الأثير
قلت:والكيف كلّ ما كان من صفات الخلق كالجلوس والاستقرار والقعود والحركة والسكون والشكل والهيئة والتغير والكون فى جهة أو مكان.
وسئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن الاستواء فقال : هو كما أخبر لا كما يخطر للبشر.
معناه الاستواء الذى يليق بالله ليس الجلوس والاستقرار والكون فى الجهة أو المكان
وسُئل الإمام الشافعي رضي الله عنه عن الإستواء فقال:آمنتُ بلا تشبيه ،وصدّقتُ بلا تمثيل واتهمتُ نفسي في الإدراك وأمسكتُ عن الخوضِ فيه كلَّ الإمساك) صحيفة 17 و 18
من كتاب دفعِ شُبَه مَنْ شبّه وتمرّد ونسبَ ذلك الى السّيّد الجليل الإمام أحمد للإمام تقيّ الدّين الحصني
ولم يثبت عن مالك ولا عن غيره من السلف بإسناد صحيح أنه قال : (( الاستواء معلوم والكيفية مجهولة )) ، وإنما الصحيح الذي رواه البيهقي في (( الأسماء والصفات )) من طريق عبد الله بن وهب ويحيى بن يحيى قال البيهقي : (( أخبرنا أبو عبد الله ، أخبرني أحمد بن محمد بن إسمعيل بن مهران ، ثنا أبي ، حدثنا أبو ربيع ابن أخي رشدين بن سعد ، قال : سمعت عبد الله بن وهب يقول : كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال : يا أبا عبد الله ، الرحمن على العرش استوى كيف استواؤه ؟ قال : فأطرق مالك وأخذته الرُّحَضاء ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ، ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه ، قال : فأخرج الرجل .
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه الأصفهاني ، أنا أبو محمد عبد الله بن جعفر حيان المعروف بأبي الشيخ ، ، ثنا أبو جعفر ابن زيرك البزي ، قال : سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري يقول: سمعت يحيى بن يحيى يقول : كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال : يا أبا عبد الله ، الرحمن على العرش استوى فكيف استوى ؟ قال : فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ، ثم قال :
(( الإستواء غير مجهول . والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعا )) .فأمر به أن يخرج . وروي في ذلك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك بن أنس رضي الله عنه تعالى عنهما )) .اهـ .
(( الإستواء غير مجهول . والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعا )) .فأمر به أن يخرج . وروي في ذلك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك بن أنس رضي الله عنه تعالى عنهما )) .اهـ .
وأما تلك الرواية التي تنسب لمالك فليس لها إسناد صحيح ، وإنما يلهج بها المشبهة لأنها وافقت هواهم الذي هو التشبيه ، لأن اعتقادهم أن استواءه كيف لكن لا نعلمه ، وهذا إثبات للكيف لا تنزيه لله عن الكيف .
وقد جوّد الحافظ ابن حجر في (( الفتح )) رواية ابن وهب .
ويُروى عن أم سلمة إحدى زوجات الرسول ويروى عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس أنهم فسروا استواء الله على عرشه بقولهم : الاستواء معلوم ولا يقال كيف والكيف غير معقول .
ومعنى قولهم : (( الإستواء معلوم )) : معناه معلوم وروده في القرءان أي بأنه مستو على عرشه استواء يليق به ،
ومعنى(( والكيف غير معقول )) : أي الشكل والهيئة والجلوس والاستقرار هذا غير معقول أي لا يقبله العقل ولا تجوز على الله لأنها من صفات الأجسام ، وسئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن الاستواء فقال : (( استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر)) .
وأما عبارة (( الكيفية مجهولة )) أو (( الكيف مجهول )) فلم تثبت بإسناد صحيح عن أحد من السلف ، وهي موهمة معنًى فاسداً وهو أن استواء الله على العرش هو استواء له هيئة وشكل لكن نحن لا نعلمه وهذا خلاف مراد السلف بقولهم : ((والكيف غير معقول )).
وهذه الكلمة كثيرة الدوران على ألسنة المشبهة والوهابية لأنهم يعتقدون أن المراد بالاستواء الجلوس والاستقرار أي عند أغلبهم وعند بعضهم المحاذاة فوق العرش من غير مماسة، ولا يدرون أن هذا هو الكيف المنفي عن الله عند السلف .
قال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في شرح الإحياء ما نصه : (( وقال ابن اللبان في تفسير قول مالك : قوله(( الكيف غير معقول )) : أي كيف من صفات الحوادث ، وكل ما كان من صفات الحوادث فإثباته في صفات الله تعالى ينافي ما يقتضيه العقل ، فيجزم بنفيه عن الله تعالى ، قوله : (( والاستواء غير مجهول )) أي أنه معلوم المعنى عند أهل اللغة ،(( والإيمان به )) على الوجه اللائق به تعالى (( واجب )) لأنه من الإيمان بالله وبكتبه )) اهـ
\
وأما معنى من قال من الأئمة : (( أمروها كما جاءت بلا كيف )) في بعض النصوص التي ظواهرها إثبات الجسمية أو صفات الجسمية كحديث النزول : أي ارووا اللفظ ولا تعتقدوا تلك الظواهر التي هي من صفات الجسم، فالأئمة مرادهم نفي الجسمية وصفاتها عن الله أي أن هذه النصوص ليس معانيها الجسمية وصفاتها من حركة وسكون لأن الله تعالى نفى الجسمية وصفاتها عن نفسه بقوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ، وأراد الأئمة رد تلك النصوص إلى هذه الآية المحكمة، أما الوهابية فيريدون بذلك إثبات الكيف لله لكن يموهون على الناس بقولهم إن هذه النصوص محمولة على الجسمية وصفات الجسمية لكن لا نعرف كيفية تلك الكيفية .
\
وأما معنى من قال من الأئمة : (( أمروها كما جاءت بلا كيف )) في بعض النصوص التي ظواهرها إثبات الجسمية أو صفات الجسمية كحديث النزول : أي ارووا اللفظ ولا تعتقدوا تلك الظواهر التي هي من صفات الجسم، فالأئمة مرادهم نفي الجسمية وصفاتها عن الله أي أن هذه النصوص ليس معانيها الجسمية وصفاتها من حركة وسكون لأن الله تعالى نفى الجسمية وصفاتها عن نفسه بقوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ، وأراد الأئمة رد تلك النصوص إلى هذه الآية المحكمة، أما الوهابية فيريدون بذلك إثبات الكيف لله لكن يموهون على الناس بقولهم إن هذه النصوص محمولة على الجسمية وصفات الجسمية لكن لا نعرف كيفية تلك الكيفية .
ولزيادة تفصيل نقول :
مراد أهل السنة بقولهم (( بلا كيف )) : أي ليس استواءَ الجلوس والاستقرار والمحاذاة ، فالمحاذاة معناه كون الشئ في مقابل شئ ، فنحن حين نكون تحت سطح فنحن في محاذاته ، وحين نكون في الفضاء نكون في محاذاة السماء ، والسماء الأولى تحاذي السماء التي فوقها ، والكرسي يحاذي العرش ، والعرش يحاذي الكرسي من تحت ، والله تعالى لا يجوز عليه أن يكون هكذا على العرش محاذيا له فلا يجوز أن يكون جالسا عليه ولا أن يكون مضطجعا عليه ولا أن يكون في محاذاته ، إذِ المحاذي إما أن يكون مساويا للمحاذى وإما أن يكون أكبر منه وإما أن يكون أصغر منه ، وكل هذا لا يصح إلا للشئ الذي له جرم ومساحة والذي له جرم ومساحة محتاج إلى من ركبه ، والله منزه عن ذلك .
وأما قول الوهابية :
مراد مالك بقوله : (( الكيف غير معقول )) أي لله كيف لكن لا نعقله أي لا نعلمه على زعمهم ،
فهو تقوّلٌ عليه ولا أساس له من الصحة ، ويرده قول الإمام مالك نفسه : (( وكيف عنه مرفوع ))، وهذا ثابت عنه ، معناه ظاهر وواضح ، وهذا تصريح منه بأن الكيف مرفوع عن الله أي منفي عن الله أي لا يوصف بالكيف أي ليس استواء الله على العرش كيفا أي هيئة كاستواء المخلوقين من جلوس واستقرار . فالعجب من الوهابية عشاق التجسيم كيف يتمسكون بقول مالك : (( الكيف غير معقول )) – ولا حجة لهم في ذلك- مع تحريفهم للمعنى ويتركون قوله الآخر : (( وكيف عنه مرفوع )) لهوى في أنفسهم ، فظهر بذلك بطلان قولهم - أي الوهابية المجسمة - : (( إن معنى قولنا (( بدون كيف )) ليس معناه أن لا نعتقد لها كيفية بل نعتقد لها كيفية لكن المنفي علمنا بالكيفية )) اهـ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق